تفتح آفاقًا جديدة للاستثمار.. وتخرج مصر من دائرة التبعية لأمريكا والغرب.. ولابد من زيادة التعاون الاقتصادى المشترك د. محمد حسين: الصين تصنع كل المنتجات الموجودة فى الأسواق العربية حتى فانوس رمضان.. فكيف نترك دولة مثل هذه لا نزيد حجم الاستثمار معها د. نبيل عبد الفتاح: الزيارة استكشافية وسيتوقف عليها مدى قدرة الرئيس وفريقه وحزبه فى صياغة رؤية سياسية واضحة فى إدارة المرحلة الانتقالية د. حمدى عبد العظيم: الصين ستحتاج من مصر لضمانات وتسهيلات لبدء هذه المرحلة.. فعلى الرئيس أن يتخذ قرارًا فوريًا للقضاء على البيروقراطية التى تعوق التجارة والاستثمار د. محمد موسى عثمان: يجب تشجيع رجال الأعمال الصينيين على الاستثمار فى مصر عن طريق بناء مصانع كبيرة حتى لا تكون مصر سوقًا للمنتجات الصينية فقط اللواء / طلعت مسلم: الزيارة فرصة لتوسيع هامش المناورة وفتح أبواب مع دول كانت العلاقة معها ضعيفة فى الفترة الماضية
بعد أن اتخذ الرئيس المصرى محمد مرسى قرارًا بزيارة الصين - والتى تعد خطوة غير مسبوقة من نوعها عقب سنوات من عدم التعاون مع دول شرق آسيا اكتفاء بالتعاون مع دول الغرب فقط – ثارت العديد من التساؤلات الهامة، هل يكرر مرسى ما فعله عبد الناصر ويلجأ لدول شرق آسيا والاستعانة بها فى النمو والبناء؟، أم لا تعدو الزيارة مجرد كونها مناورة لتخفيف ضغوط الإدارة الأمريكية وصندوق النقد الدولى لفرض سياسات على مصر؟ فيما اعتبر الكثيرون من الخبراء السياسيين والاقتصاديين هذه الزيارة خطوة رائعة لتعيد مصر على الطريق الصحيح مرة أخرى وتخرجها من بوتقة التبعية الأمريكية.. وهو الأمر الذى تحاول "المصريون" رصده من خلال التحقيق التالى * د. محمد حسين: زيارة مرسى للصين تفتح بابًا جديدًا للعلاقات الدولية وصف الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، زيارة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، إلى الصين بالمبادرة الرائعة التى لم تحدث فى مصر منذ زلزال 92، والتى تفتح بابًا جديدًا لمصر وعلاقات دولية جديدة لربما تكون أفضل قرار فى تاريخها، مشيرًا إلى أن على كل دولة أن تبحث عن مصالحها الخارجية فإذا كانت القيادة المصرية ترى أن التعامل مع دولة عظمى مثل الصين، صاحبة المكانة الرفيعة فى العالم، فى صالح لمصر فلتتعامل معها دون خوف من أحد، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكى السابق نيكسون هو من فتح الصين أمام التجارة الأمريكية فأصبحت الآن رائدة فى كل المجالات السياسية والاقتصادية، وغزت كل أسواق العالم.. وأكد أن إبرام الرئيس اتفاقًا مع الصين لن يغضب الأمريكان، فمصر قادرة على إحداث التوازن كما فعل عبد الناصر حينما ضرب القوى العظمى ببعضها، وآن الأوان كى تكون لمصر علاقات جيدة بدولة كبيرة ونووية، كما أشار أيضًا إلى دور الصين فى دول وادى النيل وقدرتها على حل الأزمات، وإلى نفوذها فى الدول العربية، فمصر قادرة بعلاقتها الجيدة مع الصين على حل الأزمة مع النظام السورى وبشار الأسد قبل أن تتفاقم أكثر من ذلك، وحينها نستطيع أن نشارك فى إيقاف نزيف الدم والوصول إلى حل سياسى عن طريق رفع الدعم الصينى عن نظام بشار.. وأضاف: الصين الآن تصنع كل المنتجات الموجودة فى الأسواق العربية حتى فانوس رمضان، فكيف نترك دولة مثل هذه لا نزيد حجم الاستثمار معها، ونفتح أيضًا بابًا للتبادل الاقتصادى والصناعى معها كى ننقل مصر من مرحلة الدولة النامية للمتقدمة.. وذكر أن للصين مقعدًا دائمًا فى مجلس الأمن مما يضع مصر فى موقف جيد إذا ما حسنت العلاقة معها من أجل خدمة مصالحها ومصالح المنطقة العربية، وعلى رأسها قضية الصراع مع إسرائيل. * د. نبيل عبد الفتاح: يجب التريث قبل إصدار أحكام نهائية على هذه التحركات فيما أشار نبيل عبد الفتاح، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى أن ذهاب الرئيس المصرى محمد مرسى للصين محاولة منه لخلق هامش من هوامش المناورة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول المجموعة الأوربية؛ للتخفيف من وطأة الضغوط الاقتصادية والسياسية من صندوق النقد والإدارة الأمريكية من أجل تنفيذ مجموعة من روشتات العلاج القديمة والبائسة، التى تستهدف الأغلبية الساحقة من المعصورين من أبناء الشعب المصرى، والذين سيتأثرون سلبًا برفع الدعم عن المحروقات ورغيف الخبز، بالإضافة إلى القطاع العام والذى سيؤدى إلى انهيار العملة الوطنية فى إطار تحرير أسعار الصرف مع العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار، كما أنه يعطى إشارة واضحة لسعى الرئيس لرفع معدل الاستثمار الصينى فى مصر، والذى كان يتم فى إطار محدود فى ظل حكم الرئيس السابق، وذلك لعلاقة مصر وقتها الوطيدة مع أمريكا وإسرائيل.. كما أشار إلى أن هذه الزيارة هى محاولة من جانب الرئيس لمواجهة الضغوط الخليجية، التى تحاول جعل مصر رهينة للمصالح الخليجية والسعودية عبر الضغط بورقة القروض والاستثمارات لمواجهة المشكلات الاقتصادية المتفاقمة. ويعتبر عبد الفتاح هذه الزيارات حتى هذه اللحظة زيارات استكشافية، وسيتوقف عليها مدى قدرة الرئيس وفريقه وحزبه على صياغة رؤية سياسية واضحة فى إدارة المرحلة الانتقالية الثانية والثالثة، التى تتسم بالحزم والتردد، مشيرًا إلى ضرورة التريث لرؤية مدى فاعلية هذه التحركات قبل إصدار أحكام نهائية عليها. يبدو أن الرئيس يبدى بعض الاعتبارات لبعض القوى السياسية الحليفة له والداعمة له، مشيرًا إلى أن بناء سياسة خارجية قومية فاعلة أمر يحتاج إلى رؤى مختلفة عن بعض ما يتم فى هذا الإطار، فلا يعقل أن ترسل مصر وزيرًا يختص بالمياه وكأننا نعطى رسالة نحن لا نهتم إلا من خلال المياه فقط إلى إثيوبيا وهذه رؤية قاصرة. * د. حمدى عبد العظيم: فرصة لزيادة حجم الاستثمار بين الدولتين من ناحيته، أشار حمدى عبد العظيم، الخبير الاقتصادى، إلى ضرورة أن ينتهز الرئيس المصرى محمد مرسى فرصة زيارته للصين كى يعطى دفعة سياسية لمصر، ويعطى أيضًا دفعة لرجال الأعمال المصريين لعقد صفقات مع نظرائهم من رجال الأعمال الصينيين، مشيرًا إلى ضرورة الاتفاق على مشروعات استثمار مشترك، بحيث يكون هنالك مشاركة فى الاستثمار فى مشروعات صينية مصرية على أرض مصر؛ لتكون هذه الاستثمارات فى سلع يحتاج إليها السوق المصرى والصينى، مؤكدًا أن الصين دولة من أكثر الدول فى العالم تطورًا فى مجال التكنولوجيا، مطالبًا الرئيس بأن يستفيد من ذلك عن طريق بدء تدريب كوادر مصرية اقتصاديًا على الأساليب الصينية فى الإدارة والإنتاج، وإرسال بعثات للحصول على الخبرة الصينية فى التكنولوجيا والدراسات العليا؛ ليكون هنالك تعاون كامل اقتصادى وثقافى وتنمية موارد بشرية، وتحويلات رأس مال من الصين إلى مصر؛ لتنفيذ مشروعات يحتاج إليها الاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أن الصين ستحتاج من مصر لضمانات وتسهيلات لبدء هذه المرحلة، فعلى الرئيس أن يتخذ قرارًا فوريًا للقضاء على البيروقراطية التى تعوق التجارة والاستثمار داخل مصر، خاصة التراخيص وتخصيص الأراضى والمبانى، والرقابة على الجودة، وتوحيد القياس، فهذه تعقيدات تستهلك وقتًا وتكلف المستثمرين الكثير لذا يجب أن تحل فورًا، بالإضافة إلى ضرورة تحسين المناخ الأمنى الذى يشجع الاستثمار والسياحة الصينية، التى من الممكن أن تزيد بشرط توافر الأمان من المخاطر، والقضاء على الانفلات الأمنى؛ لتكون هذه الخطوة فارقة فى تاريخ مصر للنمو الاقتصادى. * د. محمد موسى: الزيارة تفتح بابًا كبيرًا للتنمية أما د. محمد موسى عثمان، خبير التنمية البشرية - ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، فقد أكد أن زيارة الرئيس المصرى محمد مرسى إلى الصين تفتح بابًا كبيرًا للتنمية فى مصر، مشيرًا إلى أن الصين مستفيدة إذا ما فتح الباب فهى تعتبر مصر سوقًا كبيرًا لمنتجاتها.. وعلى مصر فى المقابل أن تعمل على تشجيع رؤوس الأموال، وأن تشجع رجال الأعمال الصينيين على الاستثمار فى مصر عن طريق بناء مصانع كبيرة؛ حتى لا تكون مصر فقط سوقًا للمنتجات الصينية، وسيحل ذلك جزءًا كبيرًا من أزمة البطالة، وسينمى العامل المصرى، لكن شريطة أن تكون الأعمال مشتركة بين الطرفين، مشيرًا إلى أن الصين البلد الوحيد الذى استطاع القضاء على نقص رأس المال، لذا على مصر أن تتعلم من تلك التجربة الرائعة وتبدأ فتح الأسواق المصرية للاستثمارات، وتعطى دروسًا لرجال الأعمال المصريين من تجارب نظرائهم الصينيين حول التطور الاقتصادى، مؤكدًا أن العلاقات مع أمريكا لن تسوء إذا ما حدث تبادل مع الصين، فأمريكا لديها اتفاقات واضحة مع مصر. * اللواء / طلعت مسلم: أمريكا غير راضية عن الزيارة ولكن العلاقات لن تتأثر فيما اعتبر اللواء طلعت مسلم، الخبير الأمنى، زيارة الرئيس محمد مرسى سيكون لها آثار على العلاقات المصرية الأمريكية، لكن لن تكون مشكلة كبيرة، فالولاياتالمتحدة لن ترضى عن الزيارة لكن هذا لا يعنى قطيعة العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة، مؤكدًا أن الفترة المقبلة ربما تشهد ضغوطًا من الجانب الأمريكى بشكل سياسى، وأن مقارنة وضع عبد الناصر بوضع مرسى مستحيلة، فالظروف تغيرت خاصة الظروف العالمية والإقليمية، والاعتماد الكلى على الولاياتالمتحدة فى الفترة الماضية يجعل الأمر ليس ببساطة وضع عبد الناصر، وأشار أيضًا إلى أن الرئيس محمد مرسى له بعض الارتباطات الإقليمية مثل العلاقة بحماس والإخوان فى سوريا، التى لها تأثيرها الذى لم يكن موجودًا فى عهد عبد الناصر، فمصر كانت أقوى فى عهد عبد الناصر حيث كانت لها القدرة على مواجهة الضغوط – على حد قوله - أما الآن فالأمر صعب، مؤكدًا أن ما يفعله الرئيس الآن فرصة لتوسيع هامش المناورة، وفتح أبواب مع دول كانت العلاقة معها ضعيفة فى الفترة الماضية، وكان الاعتماد على أمريكا فقط، وهذه أمور يمكن تغييرها وتطويرها.