ترى ماذا لو كنت انتقدت عماد متعب على كم الفرص التى أضاعها فى مباريات الأوليمبياد خاصة ماتش نيوزيلندا، أو سوء إدارة هانى رمزى الفنية للمنتخب..!! طبعًا ما كانت جماهير الأهلى لتتركنى بل ستهاجمنى بشدة وتتهمنى بأننى زملكاوى متعصب. إذن ماذا لو وجهت سهام النقد للحارس الشناوى المنتقل من المصرى للزمالك بسبب مستواه المتدنى هنا يأتى دور جماهير الزمالك التى كانت ستنهال على العبد لله بما لذ وطاب من اتهامات العمالة للأهلى. بل قد يصل الأمر ببعض المتطرفين لاتهامى بالطائفية لأن هانى رمزى مسيحى لذلك أنتقده.. وهم لا يعلمون أننى كنت من أشد المحبين والمعجبين برمزى عندما كان لاعبًا ولا أنسى أبدًا الحزن الشديد الذى اعتصرنى وأنا بعد صبى صغير حينما شاهدته يخرج مصابًا فى مباراة إنجلترا بكأس العالم 1990 لينزل صابر عيد بدلاً منه مما تسبب فى خسارتنا للمباراة. ما كتبته بالأعلى يؤكد أن العمل فى مجال الصحافة المصرية مرهق للغاية عنه فى بقية دول العالم، فأنت تتعامل مع شعب عاطفى تحكمه الأهواء وتقوم على توجيهه النزعات العاطفية. لذلك تجده متقلبًا فى اليوم الواحد أكثر من مرة، وستجد نفسك متهمًا دائمًا بالتحيز لفكر معين أو اتجاه محدد طيلة الوقت، إذا كتبت رأيًا أعجب فئة ما انهالت عليك عبارات التمجيد والإطراء وإن انتقدتها حينًا آخر طاردتك عبارات الذم والتقريع. وما بينهما أنت فى المرة الأولى تنتمى لتلك الفئة وفى الثانية عدو لها دون أى منطق سليم. مواقف كثيرة من تلك النوعية واجهتنى.. جميعها تبعث على الضحك، وأحيانا الرثاء، الضحك لأننى أتذكر نفسى قديمًا عندما كنت أفكر بنفس الكيفية، أما الرثاء فمبعثه أن ستين عامًا من الكبت والقهر ووأد حرية التعبير تفعل أكثر من ذلك بكثير، ستون عامًا كانت كافية لتصنع منّا شعبًا متخوفًا.. متشككًا.. متربصًا. أذكر مثلاً أنه فى بداية عملى الصحفى واجهتنى اتهامات بأننى زملكاوى الهوى وذلك بعد عدة مقالات انتقدت فيها النادى الأهلى، ثم انقلب الحال وأصبحت صديقًا للأهلاوية وعدوًا للزملكاوية عندما حدث العكس..!! رغم إعلانى أكثر من مرة أننى لا أشجع الأهلى أو الزمالك، فالكل يعلم أننى أعشق الإسماعيلى وكرته الساحرة، أما طريقة تشجيع جماهيره المبهرة فهى إدمانى الوحيد.. فعلى أى أساس تأتى تلك الاتهامات؟ حدث أيضًا مع الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة أن طاردتنى اتهامات فى كل مكان حللت به أن صحيفتنا تقف ضد الإخوان وتتخذ منهم موقفًا معاديًا، وأننا نساند الدكتور أبو الفتوح، علمًا بأننى كنت أجاهر وأتحدث عن حمدين صباحى وأحقيته فى أن يجنى ثمار كفاحه السياسى وأنه كان أحد خيارتى للرئاسة. ثم كان أن وصل الدكتور مرسى للإعادة مع الفريق شفيق، ولأن قضيتنا هى الحرية فكان لابد من مساندة الدكتور مرسى ضد مرشح نظام مبارك وهو أمر بدهى يقره أى مدافع عن الحرية لأنه لا يعقل أن نساند الفئة الباغية، لكن هذا لم يعجب الناس فطاردتنا اتهامات أننا نعمل لصالح الإخوان، رغم أنه لا علاقة لى بالإخوان ولا أعرف أحدًا فيهم بل أختلف معهم سياسيًا، والغريب أن من اتهمنا فى بداية الانتخابات بأننا ضد الإخوان هو نفسه من غضب منا بسبب مساندتنا للدكتور مرسى الإخوانى؟ وهو ظن خاطئ فى كلا الحالتين، فالحقيقة أننا نعمل لصالح مصر، وقد نصيب وقد نخطئ وهو أمر متاح ولو وصل حمدين أو أبو الفتوح للرئاسة لكانا نالا نفس المساندة ولو حدث وتخاذل الدكتور مرسى أو بدأ فى التراجع كما نشتم حاليًا سنكون أول من ننتقده ونسحب الثقة منه.. انتهى.