شهادة أقولها لوجه الله – حتى ولو كانت متأخرة عدة سنوات – وهى أننى كنت أظن حتى وقت قريب أن جماهير الزمالك بصفة خاصة تنفرد بالتعصب الشديد والأعمى وأنها سريعة الغضب والانفعال ويسهل عليها استعمال الألفاظ النابية والخارجة عن حدود الأدب ولا مانع من السباب أحيانا.. والحقيقة أننى كنت أجد عذرا بل عدة أعذار لجماهير الزمالك فى هذه الحالة.. فهى جماهير تعيش سنوات على أمل الفوز بالدورى أو الكأس وهو أمل تحول إلى حلم يتحقق كل عدة سنوات وبصعوبة شديدة. وهى جماهير تعيش طول الوقت تحت رحمة السخرية و"التريقة" من الأهلاوية المسلحين برصيد من الانتصارات يصعب الوصول إليه وبالمقاييس الحسابية لفريق الأهلى الذى أحرز درع الدورى 35 مرة مقابل 11 مرة لفريق الزمالك.. ولكى يتساوى الزمالك مع الأهلى فإن الزمالك يحتاج نحو 25 عاما متتالية يفوز فيها بدرع الدورى وهو أمر فى حكم المعجزات وحتى لو تحقق فإن المشجع الزملكاوى اليوم لن يكون على قيد الحياة ليشهد هذا الحدث التاريخى . وكنت أجد العذر لجماهير الزمالك وهى تبتلع حبوب علاج ضغط الدم والسكر وتسد آذانها عن هتافات جماهير الأهلى بشعار " خدوا ستة رايح .. خدوا أربعة جاى". أقول كنت أجد مليون عذر لجماهير الزمالك وهى تفعل ذلك وأظن فى نفس الوقت أن جماهير الأهلى تتمتع براحة نفسية تقترب بها إلى حد الملل من الانتصارات والفوز بالبطولات وفريقها يلعب وحده تقريبا محليا وأفريقيا وعالميا، ونجومه هم قلب المنتخب الوطنى وبالتالى فإنه ليس لدى هذه الجماهير مانع من أن يفوز الزمالك بالدورى مرة ويفوز به الإسماعيلى مرة أخرى كل عدة سنوات. كان ما سبق هو ظنى الذى اكتشفت قبل أيام أن كل هذه ظنون وأوهام وأن جماهير الأهلى لا تتحمل ولو مجرد تلميح بأن فريق الزمالك قد تحسّن وأنه فى المركز الأول وأنه يحلم أو يتمنى أن يحقق فوزا تاريخيا على فريق الأهلى يمحو به آثار مباراة 6/1 المعروفة باسم مباراة بيبو وبشير وهو ما كتبته قبل أيام تفسيرا لصورة الدورى هذا العام الذى تغير عن الأعوام السابقة التى كان الأهلى فيها يكسر كل الأرقام القياسية. وما أن كتبت ذلك فى هذا المكان قبل أيام حتى انهالت التعليقات من القراء الأهلاوية الأفاضل وبعد استبعاد الشتائم والسباب بالأب والأم وكل الألفاظ الخارجة التى وردت والتى لم ترد فى قواميس الشتائم أجمعت كل التعليقات على أننى زملكاوى حقود مملوء بالغل والكراهية للأهلى الذى هو سيد الناس وعم الكورة. وقد توقفت بدهشة عظيمة أمام هذا الاحتقان الشديد والشتائم المفزعة من جماهير فريق هو بالقطع يعيش سعيدا سنوات طويلة ولا يواجه أى مشكلة إلا لعدة أسابيع كل عشر سنوات مثلا مقابل جماهير الزمالك التى تعيش سنوات وهى تلطم خدودها من أحوال فريقها وتكظم غيظها من "تريقة" وسخرية جماهير الأهلى. وأدعو جماهير الأهلى خاصة الذين تفضلوا على شخصى بتعليقاتهم القاسية إلى إعادة قراءة ما كتبته مرة أخرى حتى يدركوا أن ما قصدته هو بالأساس التغيير الذى حدث سواء فى الأهلى أو الزمالك. وإلى كل الذين أجمعوا بيقين أننى زملكاوى حقود ومغلول وكاره للأهلى يسعدنى أن أؤكد لهم أنهم أخطأوا جميعا فأنا بحمد الله وبفضله أهلاوى أبا عن جد بل وإلى الابن أيضا وكنت كاتبا منتظما لمدة عشر سنوات فى مجلة الأهرام الرياضى بعامود ثابت تحت عنوان "بدون مبالغة" أعبر فيه عن آراء الأهلاوية وكان صديق العمر الكاتب الكبير إبراهيم حجازى يحيل إلىّ أسبوعياً " شوالا " من خطابات الزملكاوية تسب وتلعن فى شخصى وفى المجلة التى تفسح المجال لنشر ما أكتبه.. والمفاجأة الأخرى للسادة جماهير الأهلى الذين أجمعوا يقينا أننى زملكاوى حاقد ومغلول هى أننى كنت لعدة سنوات أحد الكتاب الأساسيين فى مجلة النادى الأهلى الرسمية وقت أن كان رئيس تحريرها هو الراحل العظيم نجيب المستكاوى. وأضيف إلى معلوماتهم أن مجلة الزمالك وكان يرأسها فى ذلك الوقت الأستاذ مرسى عطا الله أصدرت 3 أعداد خاصة تفرغت فيها للهجوم على شخصى الضعيف. ولكن تبقى كلمة حق والشهادة لله أن عنف وكلمات الهجوم من جماهير الأهلى أسوأ كثيرا مما تلقيته وقتها من هجوم جماهير الزمالك.. ولست أدرى هل ذلك لوجود فرق بين جماهير الأهلى وجماهير الزمالك أم أن الفارق فى الزمن بمعنى أن شتائم جماهير الزمالك زمان كانت مثل كل أشياء زمان يوجد بها حد أدنى.. فى حين أن الخلاف فى زماننا بلا أى حد أدنى وهو خلاف حتى الموت . أما آخر المفاجآت فى هذا المقال فهى أن أقرب أصدقائى على مدى العمر هم بدون ترتيب: الكابتن حسن حمدى ومحمود الخطيب ومجدى عبد الغنى وأحمد شوبير وعدلى القيعى ومحرم الراغب ومصطفى عبده وماهر همام وعبد العزيز عبد الشافى.. نقول كمان ولا كفاية كده.. ومع صداقاتهم التى أعتز بها حكايات كثيرة ربما نتكلم عنها قريبا بعد مباراة الأهلى والزمالك القادمة.