ما تزال الآمال تداعب مخيلة المصريين حول إمكانية ارتفاع عوائد القناة، إلى 13.5 مليار دولار بحلول 2023، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها البلاد وبعد مرور عامين على افتتاح توسعة قناة السويس في مصر. وفي 6 أغسطس 2015، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشروع توسعة قناة السويس، الذي استغرق عامين لتنفيذه، بتكلفه استثمارية 8 مليارات دولار، جرى جمعها بالعملة المحلية من المصريين عبر طرح شهادات استثمار بفائدة 12 بالمائة لمدة خمس سنوات. وقال خبراء مصريون في النقل البحري، إن هناك عدة عوامل تؤثر على إيرادات القناة، مشيرين إلى أن الجدوى الاقتصادية لمشروع ازدواج القناة، ستظهر مع انطلاق المشروعات الاستثمارية بمنطقة محور قناة السويس (شمال شرق). وتعول مصر على أن يكون مشروع توسعة القناة، محورا لمنطقة استثمار عربي وأجنبي في مجالات بناء وصيانة السفن وتخزين البضائع والصناعات المختلفة. وأضاف الخبراء ل "الأناضول"، أن هناك زيادة طفيفة في عائدات قناة السويس منذ بدء العام الجاري، مع بدء تعافي حركة التجارة العالمية نسبياً، واتباع إدارة القناة السويس سياسات تسويقية ومنح تخفيضات لجذب الخطوط الملاحية. وطبقا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن القناة، ما تزال العائدات السنوية تسير في معدلاتها الطبيعية، دون تحقيق قفزات مفاجئة كما وعد المسؤولون، إذ تراجعت إيرادات القناة بنسبة 3.2 بالمائة إلى 5.005 مليار دولار في العام 2016، مقابل 5.175 مليار في 2015. فيما ارتفعت إيرادات القناة خلال السبعة أشهر الأولى من العام الجاري (يناير – يوليو) بنسبة 2.1 بالمائة إلى 2.938 مليار دولار مقابل 2.919 مليار دولار خلال نفس الفترة العام الماضي. مشروعات جديدة وقال خبير النقل البحري جلال الديب (مصري)، إن "الجدوى الاقتصادية لمشروع القناة الجديدة سيظهر جليا مع تشغيل مشروعات جديدة في المنطقة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس". وأضاف الديب في حديثه مع "الأناضول": "القناة الجديدة خلال عامين من تشغيلها حققت للعملاء خدمة متميزة، بتقليل زمن العبور واستيعاب حركة السفن في حالة وجود أية حوادث جنوح بالمجرى الملاحي، مما أدى لسلاسة في مرور السفن دون تعطيل". وتضمن مشروع توسعة القناة، حفر مجرى ملاحي مواز للقناة القديمة بطول 35 كيلومترا وبعرض 317 مترا وبعمق 24 مترا ليسمح بعبور سفن بغاطس يصل إلى 66 قدما. وأوضح الديب، أن حركة التجارة المارة بقناة السويس تتأثر بمعدلات حركة التجارة العالمية وقيمة سلة العملات وأسعار النفط. وتابع: "في الوقت الحالي هناك تراجع في معدلات حركة التجارة العالمية، وهبوط في قيمة سلة العملات حقوق السحب الخاصة، وتراجع أسعار النفط من 100 دولار للبرميل إلى 50 دولار". وعانت أسواق النفط الخام حول العالم، من تراجعات حادة عما كانت عليه منتصف 2014؛ بسبب ضعف الطلب وتخمة المعروض، لكنها عاودت الارتفاع منذ الربع الثاني من العام الماضي لتحوم حاليا نحو مستوى 50 دولاراً للبرميل. زيادة الإيرادات وأكد الديب أن قناة السويس مع بداية العام الجاري، حققت زيادة في إيراداتها والتي اعتبرها "نجاحاً يرجع لتحقيق قناة السويس ميزة تنافسية بازدواج المجرى الملاحي، وهو ما جذب خطوط ملاحية جديدة للعبور بالقناة". ومنحت قناة السويس خلال العام المالي الماضي، تخفيضات لسفن الحاويات وناقلات النفط على الخطوط الملاحية الطويلة، التي كانت تسلك مسار رأس الرجاء الصالح في رحلتها من الساحل الشرقي الأمريكي، إلى جنوب وجنوب شرق آسيا. وأثمرت التخفيضات عن جذب عدد من الخطوط الملاحية الكبرى، وحققت إيرادات إضافية جراء الحوافز التي تمنحها للخطوط بلغت 670 مليون دولار، وذلك بعبور 3200 سفينة خلال 2016 وحتى نهاية مايو من العام الجاري. أزمة مالية وقال مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل أحمد الشامي (مصري)، "العالم حالياً يشهد أزمة مالية، لكن تأثر إيرادات قناة السويس بتبعات الأزمة الحالية لا يذكر مقارنة بتأثر إيراداتها في 2008، والتي سجلت حينها تراجعا وصل لنحو 21 بالمائة". وأكد الشامي في حديثه مع "الأناضول"، إن إيرادات القناة رغم الأزمة المالية العالمية لم تتناقص عن 5 مليارات دولار سنويا، وهو المعدل الطبيعي، متوقعا أن تحقق إيرادات القناة خلال العام المالي 2017 /2018 "طفرة في الإيرادات مع تحسن تبعات الأزمة المالية العالمية". وقدرت وزارة التخطيط المصرية، حجم الإيرادات المستهدفة لقناة السويس بنحو 5.7 مليار دولار خلال العام المالي الحالي 2017/2018. وأشارت الوزارة في تقرير حديث، إلى أن تباطؤ حركة التجارة العالمية أدى إلى تباطؤ إيرادات قناة السويس من 5.4 مليار دولار في العام 2014/2015 إلى 5.12 مليار دولار عام 2015-2016. ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو حتى نهاية يونيو من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة. وقبل افتتاح توسعة قناة السويس في 2015، اعتبرت شركة "كابيتال إيكونوميكس”، للدراسات والبحوث الاقتصادية في لندن، توقعات الحكومة المصرية بشأن الإيرادات المتوقعة من القناة "تبدو معتمدة على افتراضات متفائلة وغير قابلة للتصديق بخصوص التجارة الدولية". وقالت "كابيتال إيكونوميكس" في تقرير حينذاك إنه لكي تتحقق هذه الزيادة في عائدات قناة السويس، يجب أن تنمو التجارة الدولية بنحو 9 بالمئة سنويا، مقابل نحو 3 بالمئة حاليا.