بعض الآراء القلِقة من فوز د. محمد مرسي في السباق الرئاسي، لا يصدر قلقها من موقف شخصي إزاء مرشح الجماعة.. خاصة تلك الآراء "الصديقة" للحركة وتحتفظ معها بعلاقات "حميمية" بشكل أو بآخر؛ فمرسي أستاذ جامعي مرموق، ويحظى بسمعة طيبة، وهو ابن تنظيم كبير وقديم، وله "شرعية" في تاريخ النضال الوطني.. ومن هنا فإن "الموقف" منه يتعالى على أية "حساسيات" ضيقة أو "تافهة"؛ لأن الأمر جَلل وهو أي الدكتور مرسي طرف له "وزن" في تقرير مستقبل أهم استحقاق سياسي في تاريخ مصر الحديث. ليس من مصلحة الإخوان ولا التيار الإسلامي عمومًا، أن "يكوِّش" على كل مفاصل الدولة، ويستفرد بالكعكة وحده.. إذ يظل "تقاسُم" السلطة حصانة من تحمُّل تكاليف فاتورة "الفشل" المتوقع.. فالبعض لا يرى إلا أن "مرسي" سيكون "مؤيَّدًا بالشريعة".. وهي نظرة ساذجة وشديدة السطحية، بشأن الوعي الإخواني بأحلام المصريين وأشواقهم؛ إذ يظل اختصارها في "الشريعة" نوعًا من "الطوباوية" المحلقة على آفاق بعيدة عن الواقع.. وتعزز من الانطباع بأن "الإخوان" لا يروْن في الرئيس "المتخيل" رئيسًا لكل المصريين.. وإنما للإخوان "حصريًا".. ولعامة الإسلاميين، على سبيل "الفضل" و"السخاء" الإخواني.. دون غيرهم من الشعب المصري. فإذا كان الإسلاميون والإخوان في القلب منهم يُنزِلون "الشريعة" على قائمة أولويات "الرئيس الإخواني".. فإن الشعب المصري ليس كله إخوانًا ولا إسلاميين .. ومهموم بملفات أخرى بعيدًا عن جدل "الدين والدولة".. والدليل على ذلك أن الجماعة تُعمل "مَيكنتها الدِّعائية" في العمق الاجتماعي المصري، ليس من خلال "إغراءات" الحكم بالشريعة.. وإنما من خلال التوظيف "الانتهازي" للأمعاء الخاوية وأنابيب البوتاجاز.. وهو اعتراف ضمني بأن أولويات الجماعة "مقلوبة" بشأن "مسوِّغات" اختيار "مرسي" رئيسًا للجمهورية.. فيما تمارس خلاف ذلك داخل الكتل الاجتماعية الفقيرة والأقل تعليمًا والمشغولة بإسكات البطون الجائعة. وباختصارٍ، فإن الكلام عن "الشريعة" هو على سبيل "الأفيهات" التي تُلصَق على "السلع" الإخوانية، لاستعادة "شرعيتها" المتآكِلة في الخيال العام داخل التنظيم.. وهي شعارات تخاطب "الإخوة" داخل الحركة وحسب.. فيما يظل توزيع أنابيب البوتاجاز أو عرض الخَضراوات بأسعار أقل من أسعارها بالأسواق، وذلك - على سبيل المثال تحت راية "الشريعة"، ممارسة تستهدف استدرار تعاطُف الضمير الشعبي، والذي يتلقى "السلع" الملفوفة ب"سوليفان" الشريعة، ويحوّلها إلى مشاعر عامة ب"خَيْرية الجماعة".. رغم أن السلعة وحدها تكفي في المناطق التي تبحث عن "كسرة الخبز" قبل بحثها عن الصلاة في المساجد القريبة. وللحديث بقية غدًا بإذن الله تعالى. [email protected]