غلبت فريد شوقى فى الدمينو.. رفضت التمثيل مع عبد المنعم مدبولي حمدين صباحى ،وأيمن نور، من أشهر زبائنى .. وخالد يوسف ومحمد صبحى وجواهر والفيشاوى والصاوى ،وشعبان عبد الرحيم زباينى الأساسين عم سعد الحرامي صاحب أشهر عربة فول فى وسط البلد، كل ما يقدمه هو المأكولات الشعبية، ولكن بنكهة أخرى نكهة الطعام الشعبى الرسمي، أهالى وسط البلد يعرفونه جيدًا، لديه كل ما تطيب له النفس من أنواع الفول "الفول بالزيت الحار، والفول بالزيت الحلو، والفول بالطماطم، والفول بالطحينة والليمون، والفول الإسكندرانى أى فول بالسلطة الخضراء، والفول بالبيض، وطاجن الفول بالبيض، وغيره من وصفات الفول التى لا تنتهي. شخصية عم سعد الحرامى شخصية كوميدية من المقام الأول، شخصية غير عادية فبجانب وقوفه على عربته لا تقدر على الوقوف إلا وأنت مبتسم من تعليقاته الساخرة، وطريقته الكوميدية في الحديث.
وجبة الفول تعتبر وجبة مقدسة لدى المصريين لا يستطيعون الاستغناء عنها سواء أغنياء أو فقراء، وإنهم مجبرون على تناولها كل يوم فى الصباح لتحدى الظروف الاقتصادية الطاحنة التى يمر بها الجميع. يقول «سعد» إن مكان عمله الذي لم يتغير منذ 30 عامًا، فرض عليه المشاركة فى أحداث الثورة وقد أصيب يوم جمعة الغضب بطلقات خرطوش فى مناطق متفرقة بجسده ما زالت تترك أثرًا لديه ولم يحصل على شيء من صندوق المصابين، لذلك غاب عن مكانه فى شارع شامبليون قرابة العام ونصف العام، وكان يكتفى بالذهاب بعربته رفيقة عمره، إلى المليونيات بميدان التحرير، لإعداد الوجبات السريعة للمتظاهرين. يؤكد «سعد» فى حواره ل"المصريون" أن أسعار الخامات فى مهنته زادت بنسبة كبيرة حيث وصل إردب الفول إلى 1800 جنيه بدلاً من 600 جنيه العام الماضى إلا أنه لا يستطيع أن يقوم برفع سعر طبق الفول لأن أغلب زبائنه من الشباب الذين يعرف ظروفهم المادية جيدًا فلا يمكن أن تمثل وجبته ضغطًا ماديًا آخر عليهم هذه الأيام، ويرجع «سعد» غلاء الأسعار إلى جشع التجار وغياب الرقابة عليهم وكذلك غياب الأمن. ويعانى «سعد» من عدة مشكلات مثله مثل أغلب الباعة الجائلين من عدم ترخيص عربته الموجودة بالفعل من عشرات السنين في شوارع وسط البلد ولا يستطيع أحد أن يمنعه من مزاولة مهنته التي يتقنها ولا يعمل غيرها وتمثل مصدر رزقه ورزق أسرته.. لديه ثلاثة أبناء. ويحرص «سعد» على تعليمهم تعليمًا عاليًا بخلاف شهادته التي حصل عليها وهى الإعدادية التي اكتفى بها منذ 34 عامًا، مبررًا أن مدرسة الحياة قد تعلم منها أشياء أهم بكثير ومع ذلك يرى ضرورة تعليم أبنائه وابنته. ولمواجهة ظروف المعيشة والعراقيل القانونية قرر «سعد» أن يجمع توقيعات لتأسيس نقابة للباعة الجائلين مستقلة لتضم بها الفقراء والبائعين الجائلين وذلك للدفاع عن حقوقهم فى التراخيص وفى مزاولة المهنة بشكل قانوني بدلاً من مطاردتهم وملاحقتهم بشكل مستمر. مؤكدًا أن السبب وراء انتشارهم فى أحياء المدينة وفى ميدان التحرير بهذا الشكل هو الفقر وحاجتهم لإيجاد مصدر للرزق. عم «سعد» يبرر عدم حصوله على ترخيص للعربة هو ما يشوب عملية الترخيص من رشاوى فخلال تجربته طلب منه 15 ألف جنيه مقابل ترخيص تلك العربة المتهالكة التي لا تأتى بهذا المبلغ، وبحسب وصفه «اللى جى على أد اللى رايح» لماذا لقب "سعد الحرامي" بهذا اللقب؟! يحكى سعد الحرامى ل"المصريون" عن سر لقبة بهذا الاسم قائلا: فريد شوقى كان السبب الأول والأخير فى تسميتى بهذا الاسم، ويروى هذه التسمية كانت طريفة.. والقصة أنا كنت بلعب الدومينو مع أحد رسامى الأفيشات واسمه سعودى على أحد مقاهى الفنانين فى وسط البلد، وفجأة دخل فريد شوقى يطلب سعودى فى أفيش مستعجل، فرد عليه سعودي: بعد الدور ما يخلص؛ فسألهم ملك الترسو: بتلعبوا على إيه؟! فرديت أنا بنلعب على عشاء؛ بعدها جلس فريد شوقى مكان سعودى ولاعبنى على 200 جنيه منه مقابل 20 جنيهًا من سعودي؛ فهزمته بعد أن خبئت قطعة دومينو بين فخذى وعرف بعدها الفنان القدير فريد شوقى وقالى أنت اسمك سعد الحرامى، وأخذنا وذهبنا الثلاثة إلى مكان فخم وتناولنا العشاء وخلافه. وتابع فريد شوقى كتب على عربيتى عام 1979 عندما كان الفنان يزور أحد أصدقاء العمل بالمنطقة ذاتها التى بدأ «سعد» العمل بها بالقرب من شارع الجمهورية وقتها وكتب على العربة «يا ناس يا عسل سعد الحرامى وصل» وأضاف سعد فى عام 1998 شاهده الفنان عبد المنعم مدبولى فى وسط البلد؛ فعرض عليه أن يقوم بتمثيل فى إحدى المسرحيات؛ فرفض قائلاً: أنا أشهر من أى ممثل فى مصر. يقول «سعد» إنه عمل فى العديد من المطاعم الكبرى وتعلم أصناف الأكلات الغربية والشرقية ويتحدى بها أشطر ست بيت مصرية، وينافس حتى بها زوجته شريكة عمره التى تعاونه فى عمله وتدبر له أموره، ويعتمد عليها فى كل شيء قائلا: «مراتى دى دنيتى وحياتى كمان»، وملمة بشغلى، مؤكدًا ضرورة أن تتكاتف كل امرأة مع زوجها لكى تسير الحياة. ويؤكد سعد عدم اختلافه عن غيره من عربات الفول فهو يقوم بعمل الفول ذاته إلا أن الحرفة والعلاقات وحب الناس هو ما يجعله الأشهر فضلا عن خلطته السرية على المخللات. بسبب تردد الشباب عليه قاموا بإنشاء صفحة له على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يصل عدد زوارها إلى الآلاف ممن يعرفونه جيدا، وكذلك من أشهر زبائنه المثقفون والفنانون الذين يجلسون دائما فى مقاهى وسط البلد ويأتون إليه ويجلسون معه لتبادل الآراء فى مختلف المواضيع خالد يوسف وخالد الصاوي، وأشرف عبد الباقى، وشعبان عبد الرحيم، وريكو وجواهر ومحمد صبحى، وجيهان فاضل، وفاروق الفيشاوى وسيد عبد الكريم الله يرحمه ويوسف شاهين وكذلك الشخصيات السياسية من بينهم ايمن نور وحمدين صباحى وآخرون، ثم هناك كبار المؤلفين والصحفين والكتاب والشعراء والأدباء ورجال الأعمال والقادرون على تناول الطعام فى أكبر المطاعم، لكنهم يفضلون مع ذلك الأكل على عربة الفول لأن لها متعة خاصة».