«للاهالي» في سحور سعد الحرامي ..اقدم بائعي الفول في وسط البلد كتبت :هبة صلاح «انتظر لحظة.. بعد شفائه من اصابة الثورة سعد الحرامي يعود في شارع شامبليون لاعداد السحور» طالعتنا هذه اللافتة في معظم شوارع وسط البلد خاصة تلك القريبة من شارع شامبليون، حيث توجد عربة الفول بنت الثلاثين عاما يملكها هذا الرجل النحيف سريع الحركة خفيف الظل “سعد محمد سيد” الشهير بسعد الحرامي ، يعرفه جميع رواد وسط البلد ايا كانت فئاتهم سواء اغنياء او فقراء مثقفين وسياسيين او فنانين وكذلك شباب الثورة الذي كان يتردد علي التحرير ، يكفي ان تسأل احدا «فين عربية سعد الحرامي؟» لتجد «ألف مين يدلك» ،ليصبح هذا الرجل احدي علامات وسط البلد المميزة. خمسة جنيهات فقط تكفيك لتناول وجبة السحور لدي «سعد» المكونة من طبق الفول «الستانلس» المضاف اليه الزيت الحار والليمون والكمون ،ومعه طبقا اخر من اختيارك بين قائمة المأكولات المصرية الاصيلة التي يقبل عليها المصريون بأرادتهم في شهر رمضان ،مثل “البطاطس او البذنجان او الجبنة او البيض ” بالاضافة الي «الطرشي»و السلطة الذي يضيف عليها تتبيلته المميزة ، اما طلب الفول بمفرده يساوي ،جنيهان ونصف . وجبة الفول في رمضان مقدسة لدي المصريين لا يستطيعون الاستغناء عنها سواء اغنياء او فقراء ، فنادرا ما تخلو مائدة سحور المصريين من الفول كذلك تشهد مطاعم الفول رواجا غير مسبوق في رمضان ويعتبره الكثير منهم هو موسمهم ، بالرغم من ان المصريين مجبرون علي تناولها كل يوم في الصباح لتحدي الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها الجميع ، ودائما ما يبرر المصريون تناول الفول في السحور بأنه «بيقفل معاك لغاية الفطار وميخليش الواحد يجوع»، وكذلك يقلل الشعور بالعطش. يقول «سعد» ان مكان عمله الذي لم يتغير منذ 30 عاما متنقلا بين شوارع وسط البلد سواء في احد ممرات شارع محمود بسيوني او في ممرات شارع شامبليون ، فرض عليه المشاركة في احداث الثورة وقد اصيب يوم جمعة الغضب بطلقات خرطوش في مناطق متفرقة بجسده مازالت تترك اثرا لديه ولم يحصل علي شيء من صندوق المصابين. لذلك غاب عن مكانه في شارع شامبليون قرابة العام والنصف ، وكان يكتفي بالذهاب بعربته رفيقة عمره، الي المليونيات بميدان التحرير ،لاعداد الوجبات السريعة للمتظاهرين. يؤكد «سعد» في حواره «للاهالي» ان اسعار الخامات في مهنته زادت بنسبة 30% حيث وصل اردب الفول الي 1300 جنيه بدلا من 900 جنيه العام الماضي اي زاد 400 جنيه الا انه لا يستطيع ان يقوم برفع سعر طبق الفول لان أغلب زبائنه من الشباب الذين يعرف ظروفهم المادية جيدا فلا يمكن ان تمثل وجبته ضغطا ماديا اخر عليهم هذه الايام، ويرجع «سعد» غلاء الاسعار الي جشع التجار وغياب الرقابة عليهم وكذلك غياب الامن. ويعاني «سعد» من عدة مشكلات اهمها عدم قدرته علي تسديد إيجار المكان الذي يستأجره بمبلغ 2500 جنيه في الشهر وقامت صاحبة العقار بتحريك دعوي قضائية ضده عندما امتنع عن الدفع لمدة تقارب العام، مما سيدفعه لتغيير مكانه بعد رمضان والعودة مرة اخري الي ممر شارع محمود بسيوني بجانب قهوة »افتر ايت« ويرجع ازمته المادية الي اصابة الثورة ومرضه خلال هذه الفترة. ويشكو سعد مثله مثل اغلب الباعة الجائلين من عدم ترخيص عربته الموجودة بالفعل من عشرات السنين في شوارع وسط البلد ولا يستطيع احد ان يمنعه من مزاولة مهنتة التي يتقنها ولا يعمل غيرها وتمثل مصدر رزقه ورزق اسرته ..لديه اربعة ابناء ثلاثة في المرحلة الثانوية والابنة الوحيدة تنتظر دورها لدخول الكلية ويحرص «سعد» علي تعليمهم تعليما عاليا بخلاف شهادته التي حصل عليها وهي الاعدادية التي اكتفي بها منذ 34 عاما، مبررا أن مدرسة الحياة قد تعلم منها اشياء اهم بكثير ومع ذلك يري ضرورة تعليم أبنائه وابنته. ولمواجهة ظروف المعيشة والعراقيل القانونية قرر «سعد» ان يجمع توقيعات لتأسيس نقابة للباعة الجائلين مستقلة لتضم بها الفقراء والبائعين الجائلين وذلك للدفاع عن حقوقهم في التراخيص وفي مزاولة المهنة بشكل قانوني بدلا من مطاردتهم وملاحقتهم بشكل مستمر. مؤكدا ان السبب وراء انتشارهم في احياء المدينة وفي ميدان التحرير بهذا الشكل هو الفقر وحاجتهم لايجاد مصدر للرزق .عم «سعد» يبرر عدم حصوله علي ترخيص للعربة هو ما يشوب عملية الترخيص من رشاوي فخلال تجربته طلب منه 15 ألف جنيه مقابل ترخيص تلك العربة المتهالكة التي لا تأتي بهذا المبلغ ، وبحسب وصفه «اللي جي علي أد اللي رايح». بسبب تردد الشباب عليه قاموا بإنشاء صفحة له علي موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» يصل عدد زوارها الي الآلاف ممن يعرفونه جيدا ،وكذلك من اشهر زبائنه المثقفون والفنانون الذين يجلسون دائما في مقاهي وسط البلد واشهرهم خالد يوسف وخالد الصاوي، وريكو وجواهر ومحمد صبحي وسيد عبد الكريم الله يرحمه وكذلك الشخصيات السياسية من بينهم ايمن نور وحمدين صباحي ، واخرون. لمعت عيناه عند سؤاله عن لقب «حرامي» هذا اللقب الذي يعود إلي استمرار خداع اصدقائه في لعبة “الدومنة” حيث يقوم باخفاء اوراق اللعب حتي يفوز، ويقول ان اول من لقبه ،هذا اللقب وكتبه له علي عربته هو الفنان فريد شوقي في عام 1979 عندما كان الفنان يزور احد اصدقاء العمل بالمنطقة ذاتها التي بدأ «سعد» العمل بها بالقرب من شارع الجمهورية وقتها وكتب علي العربة «يا ناس يا عسل سعد الحرامي وصل»يقول «سعد» انه عمل في العديد من المطاعم الكبري وتعلم اصناف الأكلات الغربية والشرقية ويتحدي بها اشطر ست بيت مصرية ،وينافس حتي بها زوجته شريكة عمره التي تعاونه في عمله وتدبر له اموره ،ويعتمد عليها في كل شيء قائلا «مراتي دي دنيتي وحياتي كمان» ،وملمة بشغلي ، مؤكدا علي ضرورة ان تتكاتف كل امرأة مع زوجها لكي تسير الحياة، واهم عمل تقوم به زوجة سعد هو استلام حساب الطعام من الزبائن. ويؤكد سعد عدم اختلافه عن غيره من عربات الفول فهو يقوم بعمل الفول ذاته إلا أن الحرفة والعلاقات وحب الناس هو ما يجعله الاشهر فضلا عن خلطته السرية علي المخلالات. ويتوجه «سعد» برسالة الي الرئيس لضرورة العمل علي تطهير مؤسسات الدولة من الرشاوي والفساد ،لافتا الي ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية ، لان شعب مصر اغلبه فقراء..متسائلا «هي فين العدالة؟؟؟».