انتقد سياسيون ونشطاء حقوقيون التقرير الأول الذي أصدره المجلس القومي لحقوق الإنسان ، واتهموا معدي التقرير بعدم الالتزام بالمنهجية من جانب وعدم الرصد الجيد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تحولت إلى سياسية منهجية لدى وزارة الداخلية المصرية . وأكد المشاركون في ندوة " هل يلحق تقرير المجلس القومي بتقارير حقوق الإنسان السابقة؟" ، التي عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، أن التقرير اعتمد في بياناته على المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وانه لا يتوافر لديه الشكل المؤسسي ، الأمر الذي جعل التقرير مشوبا بالأخطاء المهنية والعملية. وتوقع المشاركون في الندوة أن يتحول التقرير إلى سلة المهملات شأنه في ذلك شأن كافة التقارير السابقة المتعلقة بحقوق الإنسان . وقال مدير المركز بهى الدين حسن إن التقرير بمثابة اختبار جديد للحكومة وكيفية تعاملها مع ما جاء به خاصة وان هناك تقارير صادرة في نفس المجال عن منظمات مدنية منذ أكثر من 20 عاما ولم تلق أي قبول أو حتى تحقيق من جانب السلطات المسئولة. واعتبر حسن أنه ورغم الانتقادات التي تم توجهيها للتقرير إلا أنه كان مفاجأة سارة للرأي العام المصري والعالمي ومبعث ذلك انه تضمن رصدا ونقدا لم يكن متوقعا من مجلس حكومي حول انتهاكات حقوق الإنسان في مجالات عدة أبرزها انه أشار إلى وقائع التعاون مابين الحكومة المصرية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية في استقبال المشتبه فيهم بالإرهاب والتحقيق معهم بأساليب التعذيب وأيضا إلى التعذيب المفضى للموت ورصده لحالات التعذيب الشائعة ، هذا بخلاف ما تناوله التقرير حول حالات الاعتقال التعسفي والعشوائي وما تسمى بظاهرة الاختفاء القسري وهى من اخطر ما يحدث في البلاد . واعتبر حسن أن من أهم الأمور التي أشار إليها التقرير هي كيفية تحايل وزارات الحكومة على القانون بما فيها قانون الطوارئ وكيف يتم لي ذراعه واستخدامه لفترات اعتقال تصل في بعض الحالات إلى 15 عاما بالمخالفة للقانون ، كما أن التقرير رصد كيفية تحول وزارة الداخلية إلى مركز قوى داخل السلطة التنفيذية على حساب وزارة العدل والنائب العام حتى لا يستطيعا الرد على المراسلات أو حتى تفسير الأمور لمؤسسة حقوق الإنسان الممثلة في المجلس القومي. من جانبه ، اعترف الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان السفير مخلص قطب بان التقرير وقع أخطاء عديدة سواء المتعلق منها بالناحية المنهجية والتي تمثلت في إسقاط المعايير الدولية المتعارف عليها والتناقض في محتواه ولغته الخفيفة أو حتى من الناحية الشكلية والتي تمثلت في عدم نشر وتوزيع التقرير في الداخل حتى يمكن الإطلاع عليه. ولم ينكر قطب أن التقرير اغفل جوانب كثيرة قد تبدو هامة كالنواحى الاقتصادية والاجتماعية إلا انه ركز على انتهاكات حقوق الإنسان بدءا من حالة الطوارئ والتعذيب ، مشددا على ضرورة أن تشمل التقارير القادمة جوانب أخرى كالجوانب الاجتماعية والثقافية وأيضا الاقتصادية. وأوضح قطب أن التقرير الذي أصدره المجلس اعتمد بسبب عدم وجود خطة عمل واضحة على تقارير المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وهى التي لعبت الدور الفاعل لإنشائه وأيضا كانت المحور الرئيس لعمله ، مؤكدا أن المجلس لا يمكن له العمل بدون مساندة تلك المنظمات. واعتبر مدير مركز هشام مبارك للقانون أحمد سيف الإسلام أن التقرير اعتمد في صياغته على رد الحكومة المصرية على الأممالمتحدة دون أن تكون له صياغته الخاصة به والمعتمدة على رصد لحالات انتهاكات حقوق الإنسان ولذلك فانه تجاهل وضعية حقوق الإنسان كما انه تجاهل أشياء هامة منها وسائل الإنصاف الوطنية ولم يدرك أنها مشلولة بقانون الطوارئ والمحاكم العسكرية. وعلق نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور محمد السيد سعيد على التقرير ، مشيرا إلى انه يعبر عن حالة من الممكن أن يكون فيها المجلس القومي منبرا لتوثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر خاصة وان هناك حالات تعذيب أصبح متعارف عليها بل أنها تحولت إلى سياسة منهجية داخل السجون وأقسام الشرطة. واعتبر أن التقرير كان يمكن أن يكون فرصة للتركيز على الأنماط التاريخية لانتهاكات حقوق الإنسان خاصة وان هناك تقارير عديدة صدرت من منظمات حقوقية على مدار 20 عاما وكان مناسبة لمراجعة الهيكلة العامة للانتهاكات والإقرار بالأوزان النسبية لها خاصة فيما يتعلق بعمليات التعذيب وظروف السجون التي تتبع حملات الرعب المركزة لأفراد بعينهم. وانتقد الدكتور سعيد التقرير لإغفاله نقاط هامة منها ما يتصل بحق المشاركة السياسية في ظل القيود المفروضة على العمل النقابي والحزبي وإغلاق تلك القنوات بعد أن أصبحت النقابات العمالية محاطة بالأمن والمهنية بالحراسة والقوانين المقيدة مؤكدا أن تلك القنوات كان ينبغي الاهتمام بها والتركيز عليها باعتبارها من أساس العمل السياسي.