قبل عامين وفي مثل هذا اليوم، (السابع من يوليو) 2014، نفذت إسرائيل عدواناً على قطاع غزة، أسمته "الجرف الصامد"، فيما أطلقت عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسم "العصف المأكول". وكانت تلك "الحرب"، هي الثالثة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، واستمرت "51" يوما، (انتهت في 26 أغسطس 2014). وعلى مدار "51 يومًا" تعرض قطاع غزة، الذي يُعرف بأنه أكثر المناطق كثافة للسكان في العالم، (1.9 مليون فلسطيني) لعدوان عسكري إسرائيلي جوي وبري، تسبب بمقتل 2322 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً (أعمارهم من شهر إلى 16 عاما) ، و489 امرأةً (20-40)، و102 مسنًا (50-80)، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وجرح نحو 11 ألفا آخرون، (10870)، منهم (3303)، يعاني منهم ألفًا "إعاقة دائمة" ، وأصيبت 302 امرأة، منهن 100 امرأة تعاني من إعاقة دائمة، وفقا لإحصائيات صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية. وتقول وزارة الشؤون الاجتماعية، إن نسبة الجرحى الذين أصيبوا بإعاقات سمعية وبصرية وحركية بسبب الحرب، تجاوزت (40%) من مجموع الجرحى. وارتكبت إسرائيل مجازر بحق 144 عائلة، قُتل من كل عائلة ثلاثة أفراد أو أكثر، بحسب التقرير. في المقابل، كشفت بيانات رسمية إسرائيلية عن مقتل 68 عسكريًا من جنودها، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيلياً بجروح، بينهم 740 عسكريًا، حوالي نصفهم باتوا معاقين، بحسب بيانات عبرية. وشنت القوات الإسرائيلية قرابة 60 ألفًا و664 غارة على قطاع غزة، جواً وبراً وبحراً. وحسب إحصائية، أعدتها وزارة الأشغال ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP)، فإن عدد الوحدات السكنية المهدمة كلياً بلغت 12 ألف وحدة، فيما بلغ عدد المهدمة جزئياً 160 ألف وحدة، منها 6600 وحدة غير صالحة للسكن. وبحسب "أونروا"، فإن مخلفات الحرب القابلة للانفجار، لا تزال تشكل تهديدا كبيرا ومستمرا للمدنيين ولعمليات إعادة الإعمار في غزة. وتقول أونروا إنه وبعد عامين على انتهاء الحرب، تم فقط إزالة ما يقارب نحو 3 آلاف مادة متفجرة من أصل 7 آلاف. ووفقا للوكالة فإن 16 شخصاً لقوا مصرعهم وأصيب 97 آخرون، بينهم 48 طفلا، في حوادث مخلفات الحرب القابلة للانفجار منذ عام 2014. ويبلغ عدد المنازل المأهولة بالسكان ويشتبه بوجود قنابل وصواريخ إسرائيلية غير منفجرة أسفلها، 40 منزلاً موزعةً على أنحاء القطاع، وفق دائرة "هندسة المتفجرات"، التابعة لوزارة الداخلية بغزة. وخلال الحرب، أعلنت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة "حماس" في 20 من يوليو 2014، عن أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري للجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة. وبعد يومين، اعترف الجيش الإسرائيلي بفقدان آرون، لكنه رجح مقتله في المعارك مع مقاتلي "حماس". وتتهم إسرائيل حركة "حماس" باحتجاز جثة ضابط آخر يدعى هدار غولدن قُتل في اشتباك مسلح شرقي مدينة رفح، يوم 1 أغسطس 2014، وهو ما لم تؤكده الحركة أو تنفه. وكانت الحكومة الإسرائيلية، قد أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية عام 2014، لكن وزارة الدفاع عادت وصنفتهما، مؤخرا، على أنهما "مفقودان وأسيران". ووفق بيانات للأمم المتحدة، فإن مراكز الإيواء التابعة ل "أونروا" استطاعت استيعاب ثلاثمائة ألف نازح، في أكثر من واحد وتسعين مدرسة، ومنشأة تابعة للمنظمة الأممية، بفعل الحرب. وكان مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، قد قال في بيان له في 12 إبريل/نيسان الماضي "إن 75 ألف فلسطيني من مشردي الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، ما زالوا بلا مأوى". وأضاف البيان أن "معظم الأسر المهجرة (62.5%) يعيشون في أماكن مستأجرة، وما يقرب من 50% يخشون التعرض للطرد من أماكن إقامتهم". وأكدت "أوتشا" أن "ما يزيد عن 80% من الأسر المهجرة جراء الحرب الإسرائيلية، اقترضت المال لتدبير أمورها العام الماضي، وما يزيد عن 85% من الأسر اشترت معظم طعامها معتمدة على الاقتراض، وأكثر من 40% منهم انخفض معدل استهلاكهم للطعام". وأوضحت أن "ما يزيد عن 16 ألف أسرة مهجرة في قطاع غزة، يعيشون في ظروف بائسة، ويحتاجون إلى دعم دولي، وأن هناك وجود فجوة في التمويل لإعادة بناء أكثر من 6 آلاف منزل". وتعهدت دول عربية ودولية في أكتوبر 2014 بتقديم نحو 5.4 مليار دولار أمريكي، نصفها تقريباً تم تخصيصه لإعمار غزة، فيما النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين، غير أن إعمار القطاع، وترميم ما خلّفته الحرب، يسير بوتيرة بطيئة عبر مشاريع خارجية بينها أممية، وأخرى قطرية، وتركية. وبحسب بيان لحكومة الوفاق الفلسطينية فإن المبلغ المخصص لإعادة الإعمار، لم يصل منه سوى 30%. وتقول "أونروا"، إنها أوشكت على الانتهاء من بناء 1300 منزل من البيوت المدمرة بشكل كلي. وخلال 51 يومًا من الحرب، قدّرت وزارة الاقتصاد الفلسطينية الخسائر الإجمالية المباشرة وغير المباشرة، في المباني والبنية التحتية، وخسائر الاقتصاد الوطني في قطاع غزة بكافة قطاعاته ب 5 مليارات دولار تقريبًا. ولحق الضرر 500 منشأة اقتصادية من المنشآت الكبيرة و الاستراتيجية، والمتوسطة والصغيرة. ووفق وزارة الزراعة، فإن الحرب، تسببت بخسائر في القطاع الزراعي، وصلت 550 مليون دولار. وتقول وزارة الأوقاف، إن إسرائيل دمرت خلال العدوان 64 مسجدا بشكل كلي، إضافة إلى تضرر 150 مسجدًا بشكل جزئي. واستهدفت الطائرات الإسرائيلية، أكثر من 20 مستشفىً ومركزًا صحياً، بحسب وزارة الصحة. ووفق نقابة الصيادين، فإن نحو 4 آلاف صياد، يعيلون أكثر من 50 ألف نسمة، تعرضوا لخسائر فادحة طيلة العدوان، تجاوزت 6 ملايين دولار. وتسببت الحرب، برفع عدد العاطلين عن العمل إلى قرابة 200 ألف عامل، يعيلون نحو 900 ألف نسمة، وفق بيان لاتحاد العمال الفلسطينيين. وفي 26 أغسطس 2014، توصلت إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، برعاية مصرية، إلى هدنة أنهت حرب ال"51" يوماً، وتضمنت بنود الهدنة استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية غير المباشرة في غضون شهر واحد من بدء سريان وقف إطلاق النار. وتوافق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، في 23 سبتمبر من العام نفسه، على عقد مفاوضات غير مباشرة، بوساطة مصرية، بهدف تثبيت التهدئة، ولم يتم تحديد موعد جديد لاستئناف تلك المفاوضات حتى الساعة. ومنذ إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة جرى تسجيل حوادث سقوط قذائف صاروخية جنوبي إسرائيل، تبنت إطلاقها جماعات غير معروفة، يُعتقد أنها تتبني الفكر السلفي الجهادي، وهو ما رد عليه الجيش بقصف مواقع لحركة حماس، كونها "الجهة المسؤولة عن القطاع". وزار عدد من المسؤولين الأمميين ووزراء خارجية بعض الدول الأوروبية، قطاع غزة منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة ، أبرزهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وتوني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط. وقبل الحرب الثالثة شنت إسرائيل حربين على قطاع غزة الأولى في عام 2008، واستمرت ل"21" يوما أسفرت عن مقتل نحو ألفي فلسطيني، فيما اندلعت الحرب الثانية في نوفمبر 2012، واستمرت لمدة 8 أيام، وأسفرت عن مقتل 175 فلسطينياً. وبين الفينة والأخرى تنشر صحف إسرائيلية وعربية عن مفاوضات تجريها أطراف أوروبية مع حركة حماس من أجل إبرام هدنة طويلة الأمد في غزة، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر