هدد حقوقيون ونشطاء سياسيون بطلب تحقيق دولي في الاعتداءات التي تعرض لها معارضون وصحفيون تظاهروا صباح يوم الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور في 25 مايو الماضي على يد قوات الأمن وبلطجية مأجورين من قبل الحزب الوطني ، وذلك بعد صدور قرار من النائب العام بحفظ التحقيقات في هذه الاعتداءات ، وهو ما يعني ان النيابة لم تجد متهما محددا في تلك الاعتداءات ، رغم أن ضحايا الاعتداءات قدموا صورا وشرائط فيديو تسجل لحظة الاعتداء عليهم ، كما أن العديد من المحطات الفضائية بثت وقائع ما حدث . وصدر قرار النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد بحفظ التحقيق في 27 ديسمبر الماضي ، لكنه أحيط بسرية تامة خوفا من ردود الفعل التي قد يثيرها ، وكشفت مصادر قضائية أن ماهر سوف يعقد قريبا مؤتمرا صحفيا لإعلان حيثيات قرار حفظ التقرير . وكانت قوات الشرطة وبلطجية مدفوعين من الحزب الوطني قد هاجموا المشاركين في المظاهرة التي نظمتها حركة كفاية صباح يوم الاستفتاء للاحتجاج على النص المعدل للمادة 76 من الدستور، واعتدوا على صحفيين ومتظاهرين تواجدوا في مكان المظاهرة ، كما قامت عناصر شرطة باللباس المدني بضرب متظاهرين كما سكتت قوات مكافحة الشغب عن قيام البلطجية بالتعدي بالضرب على متظاهرين وصحفيين والتحرش جنسيا باناث منهم بل وشجعت عليها احيانا ، وفق ما جاء بتقرير منظمة "هيومان رايتس وتش " حول تلك الاعتداءات. ومن جانبه ، وصف منتصر الزيات رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين قرار حفظ التحقيق بأنه معيب ، مشيرا إلي أن اللجنة ستطعن فيه أمام محكمة الاستئناف. وأوضح الزيات أن لجنة الحريات كان لديها هواجس تجاه تحقيق مكتب النائب العام في هذه الجرائم نظرا للتكتم الشديد الذي اتخذه المكتب وعدم الاستجابة للعديد من مطالب الضحايا واللجنة ، وعدم سماع أقوال المجني عليهم في هذه التحقيقات ، كما أنه لوحظ أن هناك تراخيا في إجراءات التحقيق لذلك كانت هذه الهواجس لها أساس. وشدد الزيات علي أنه بالرغم من وجود أدلة إدانة ووثائق تدين المرتكبين لهذه الجرائم فإن النائب العام قد فتش في الثغرات التي تبرأ الجناة من هذه الجرائم وأتهم رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين النائب العام بالكيل بكيالين ، مشيرا إلى أنه في حال تقديم الوزراء والمسئولين شكاوى وبلاغات ضد المعارضين والمنتفعين والصحفيين يحيل النائب العام هذه البلاغات دائما إلي ساحات المحاكم ، في الوقت الذي نراه في هذا القرار يبرئ الجناة الذين تم تحديدهم بالاسم. وشدد الزيات علي أن أهمية الطعن في القرار أمام محكمة الاستئناف ، معتبرا أن ذلك سيعطي فرصة أوسع لعرض الأدلة والتدقيق فيها متوقعا أن تكون النتائج إيجابية. من جانبه ، أكد جورج إسحاق المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" علي أن هذا القرار ظالم وأن الحركة ستطعن في هذا القرار أمام لجنة محكمة الاستئناف وتقدم ما لديها من وثائق ومستندات تدين الجناة الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات كذلك ستطعن جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في هذا القرار. وفيما يتعلق بموقف نقابة الصحفيين من القرار ، أكد محمد عبد القدوس رئيس لجنة الحريات بالنقابة أن هذا القرار كان متوقعا في ظل حالة الطوارئ التي تعانيها مصر والبلطجة التي يمارسها الحزب الوطني الحاكم والاستهانة بإحكام القضاء مشيرا إلي أن ذلك لا ينفصل عن الواقع السياسي الرديء الذي نعيشه على حد قوله. وقال عبد القدوس إن اللجنة ستدعو إلي إضرابات واعتصامات قبل عيد الأضحى علي أقصي تقدير ، كما أنها سوف تطعن في هذا القرار أمام محكمة الاستئناف ، وهدد بأن اللجنة ستصعد الأمر إلي لجان تحقيق دولية إذا لزم الأمر ذلك وإذا لم نستطع الحصول علي حقوقنا في مصر. وكانت نقابة الصحفيين المصريين طالبت غداة وقوع هذه الاعتداءات باقالة وزير الداخلية حبيب العادلي واعتبرته مسئولا عن العنف الذي تعرض له الصحفيون المصريون تحت اعين الشرطة . وفي السياق ذاته ، انتقد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة قرار النائب العام بحفظ التحقيق في شأن جرائم يوم الاستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور والتي ارتكبها بلطجية الحزب الحاكم ضد المتظاهرين أمام نقابة الصحفيين في ذلك اليوم والقاضي بأنه لا وجه لإقامة الدعوى لعدم معرفة الفاعل الحقيقي في هذه الجرائم ولا سيما جرائم هتك عرض وضرب الصحفيين. وأعرب المركز ، في بيان وصلت نسخة منه ل " المصريون " ، عن دهشته واستيائه من هذا القرار " مشيرا إلي " أنه جاء علي غير المعتاد من الحكومة المصرية تجاه قضايا الرأي العام والتي غالبا ما تتحرك تجاهها بجدية ملحوظة تكشف الجناة خلال أيام وذلك رغم أن المجني عليهم في ذلك اليوم قدموا أسماء لمتهمين وتصويرا حيا للأحداث علي شرائط فيديو " . واعتبر البيان " أن هذا القرار يضع القضاء المصري في موقف غير القادر أو علي أقل تقدير غير الراغب في تحريك الدعوى الجنائية والكشف عن مساءلة المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم وهو ما يجعل هذه القضية عرضه للتحقيق من جانب القضاء الجنائي الدولي ويفتح الباب أمام ضحايا هذه الجرائم للجوء للقضاء الجنائي الدولي طلبا للأنصاف ". وأكد المركز أنه سيتقدم بطعن في هذا القرار أمام محكمة جنح مستأنف قصر النيل. وهدد ناصر أمين مدير المركز باللجوء إلي محكمة الجنايات الدولية وطلب تدخل القضاء الجنائي الدولي للتحقق في جريمة الاعتداء علي أربع صحفيات يوم الاستفتاء علي المادة 76 من الدستور . وناشد النائب العام إعلان نتائج التحقيقات علي الرأي العام والحصول عن نسخ من محضر التحقيق وفقا لتعليمات النائب العام لسنة 2002 وأوضح ناصر أمين أن مركز استقلال القضاء تلقي بلاغات من عبير أحمد حسن و هاني إسحاق سمعان وشيماء أبو الخير وإيمان طه ، يفيدون بتعرضهم لملاحقات ومضايقات أمنية وتهديدهم بتعريضهم لملاحقة ومضايقة ومحاولة الضغط عليهم لتغير أقوالهم بشأن البلاغات ضد ما حدث يوم الاستفتاء في الخامس والعشرين من مايو الماضي. وكانت الاعتداءات التي تعرض لها المعارضون والتقارير الصحفية التي افادت بوقوع تحرشات جنسية بعدد من الصحافيات اثارت انتقادات دولية ، ودان الرئيس الاميركي جورج بوش في 27 مايو هذه الاعتداءات ، كما طالبت الخارجية الاميركية السلطات المصرية بالتحقيق في هذه التقارير واتخاذ الخطوات اللازمة للتأكد من عدم حصول مثل هذا الترهيب مرة اخرى. ونددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" للدفاع عن حقوق الانسان في 27 الماضي باعمال العنف والتنكيل التي قامت بها الحكومة المصرية ضد المعارضة خلال الاستفتاء على التعديل الدستوري وطالبت رئيس الدولة باجراء تحقيق بشان دور وزير الداخلية. وطالبت المنظمة الرئيس المصري بتشكيل لجنة مستقلة لاجراء تحقيق عميق في هذه الهجمات ، مؤكدة أن "لجنة التحقيق يجب ان تتحرى خصوصا عن الدور الذي قام به وزير الداخلية حبيب العادلي في هذه القضية".