خلال الشهور القليلة الماضية، انتشرت ظاهرة جديدة ابتكرها سماسرة الدولار للحصول على أكبر قدر من العملة وإخراجها من السوق المصري بغرض التأثير على الاقتصاد، وعملت شركات وأشخاص في الداخل والخارج على جمع أكبر قدر من الدولارات من تحويلات المصريين بالخارج وتسليمها إلى ذويهم بالعملة المصرية وهو ما يسبب ضررا ليس بالبسيط في الاقتصاد المصري. تنتشر تلك المجموعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، مستغلة التطور التكنولوجي وانتشار تطبيقات التحويلات المالية لتكون ثغرة لجمع أكبر قدر من تحويلات المصريين بالخارج. كيف يتم التحويل؟ عبر مجموعات على فيسبوك، يبدأ مجموعة من سماسرة الدولار في عرض خدماتهم، وتكون عبارة عن استلام الأموال من الخارج بسعر موازي أو أعلى من سعر البنك – ما يعرف بالسوق السوداء – ومن ثم تسليم المبلغ المالي بالجنيه المصري إلى المرسل إليهم، على أن تكون لهم نسبة مالية محددة من المبلغ المرسل يتم الحصول عليه بالعملة الأجنبية، التي غالبا ما تكون الدولار. الطمع يشجع على ازدهار تلك التجارة، لكن هناك بعض المخاوف التي تحيط بها، يأتي على رأسها عنصر الأمان وضمان وصول الأموال المرسلة إلى المرسل إليهم، إذ وقعت عدد من عمليات النصب على بعض المواطنين أثناء مرورهم بتلك التجربة. استغلال التطبيقات في السوق السوداء يقول الدكتور أبوالعلا حسنين، أستاذ بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي جامعة القاهرة، إن البحث عن بدائل بعيدة عن البنوك ليس جديدا، إذ كان يتم إرسال الأموال إلى مصر عبر المسافرين حيث كان في الماضي المغتربين المصريين في الخارج كان يتم ارسال الأموال عبر الأصدقاء أو المعارف على آن يلتقون أقارب المرسل في مصر ويتسلم الأموال منهم، لكن تم الانتباه لتلك الطريقة وأصبح هناك مراقبة صارمة في المطارات وتحديد مبلغ مالي معين في حال الزيادة يتم فرض رسوم عليه. ويضيف «حسنين» في تصريح ل«المصري اليوم»: «في ظل التطور التكنولوجي وجد سماسرة الدولار فرصة لهم لاستخدام نفس الحيل وجمع أكبر قدر من الدولار من السوق المصري، إذ تعد تحويلات المصريين بالخارج أحد مصادر الدخل للعملة الأجنبية للدولة المصرية. وكشف البنك المركزي المصري أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت خلال الفترة من يناير وحتى نهاية أغسطس 2022 نحو 20.9 مليار دولار، مقابل نحو 21.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، مسجلة تراجعًا بقيمة 500 مليون دولار، بنسبة انخفاض تبلغ نحو 2.33%. ووفق البيانات، فقد سجلت التحويلات خلال شهر أغسطس 2022 نحو 2.2 مليار دولار، مقارنة بنحو 2.4 مليار دولار خلال شهر يوليو 2022، بنسبة تراجع تبلغ نحو 8.3%. وكانت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قد سجلت ارتفاعًا خلال العام المالي 2021-2022، بنسبة 1.6% لتسجل نحو 31.9 مليار دولار مقابل نحو 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020-2021. يتابع الخبير التكنولوجي: «خلال الشهور الماضية حدث تغيير كبير في سعر صرف الدولار لذا بدأت سماسرة الدولار في توسيع رقعة عملها ولما ضاق بها توصيل الدولار عبر الدولارات، اتجهت إلى تطبيقات تحويل الأموال لتكون طريقة أخرى للحصول على الدولار، لكن يبقى الأمر غير أمن إذ يتم تحويل الأموال بالدولار إلى الوسيط أو السمسار دون أية ضمانات ومن ثم يتسلمها المواطنين بالجنيه المصري، وفي بعض الأحوال تحدث وقائع نصب على المرسلين لأنها غير مضمونة تحت أي ظرف». البنك المركزي يتحرك من جهته، يقول المهندس محمد سعيد، رئيس شعبة شركات البرمجيات بالجمعية المصرية للمعلومات والاتصالات، إن الناشطين في السوق السوداء يبحثون في كل الثغرات التي تضمن لهم الحصول على الدولار على أن يتم سدادها بالجنيه المصري، لافتا إلى أن البنك المركزي تنبه لخطورة الأمر وعمد إلى اتخاذ العديد من الضوابط وايقاف الآليات التي تحمل النظام المصرفي مسئولية تدبير هذه العملة الأجنبية ومنها البايبال الذي تم تقييدها. ويستكمل سعيد حديثه ل«المصري اليوم»: اتخذ البنك المركزي عدة طرق لضبط الأمور منها استخدام بطاقات الائتمان في سحب عملات أجنبية بالخارج أو إجراء عمليات شراء بالخارج والتي وضع لها حدود خانقة في حين مثلا أنه لم يوقف عمليات الاربيتراج في البورصة، والتي تشتمل على شراء أسهم بالجنيه في البورصة المصرية ليتم تحويلها إلى بورصات أخرى مثل بورصة لندن وبيع السهم هناك بعملة أجنبية وهى ألية لم يمسها البنك المركزي والسبب في ذلكأن تدبير العملة الأجنبية يتم من السوق الخارجي وليس من السوق المصري.