اكتشف مرض جدرى القرود لأول مرة فى عام 1958 بعد تفش لمرض شبيه بالجدرى فى مستعمرات للقرود المحفوظة للبحث، ومن هنا جاءت تسميته ب«جدرى القرود»، وسُجلت أول حالة إصابة بالمرض بين البشر، فى جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 1970، أثناء فترة من الجهود المكثفة للقضاء على الجدرى، ومنذ ذلك الحين أُبلغ عن إصابات بشرية بالمرض فى بلدان وسط وغرب إفريقيا، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المعروفة باسم «سى. دى. سى». وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن المرض اكتشف بين البشر لأول مرة فى طفل فى الكونغو الديمقراطية، يبلغ 9 أشهر فى منطقة تم فيها القضاء على الجدرى عام 1968، ومنذ ذلك الحين، تم الإبلاغ عن معظم الحالات من المناطق الريفية والغابات المطيرة فى حوض الكونغو، خاصة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وزاد الإبلاغ عن حالات إصابة بشرية فى جميع أنحاء وسط وغرب إفريقيا. وأضافت المنظمة أنه منذ عام 1970، أبلغ عن إصابات بشرية بجدرى القرود فى 11 دولة إفريقية وهى: بنين، والكاميرون، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والغابون، وكوت ديفوار، وليبيريا، ونيجيريا، جمهورية الكونغو، سيراليون، وجنوب السودان. وفى عام 2003، كان أول انتشار للفيروس خارج إفريقيا فى الولايات المتحدة، وكان مرتبطًا بالاتصال بكلاب البرارى الأليفة المصابة. تم إيواء هذه الحيوانات الأليفة مع فئران من جامبيا، وخلف هذا التفشى أكثر من 70 حالة إصابة بالجدرى فى الولايات المتحدة. وعانت نيجيريا من تفشٍ كبير للفيروس منذ 2017، مع الاشتباه فى 500 حالة إصابة وتأكيد 200 حالة إصابة مع نسبة إصابات قاتلة بلغت 3% ويستمر الإبلاغ عن الحالات حتى اليوم. وتم الإبلاغ عن جدرى القرود فى المسافرين من نيجيريا إلى إسرائيل فى سبتمبر 2018، وإلى المملكة المتحدة فى سبتمبر 2018، وديسمبر 2019، ومايو 2021، ومايو 2022، وإلى سنغافورة فى مايو 2019، وإلى الولايات المتحدة فى يوليو ونوفمبر 2021، وفى مايو 2022، رصدت حالات متعددة من جدرى القرود فى العديد من البلدان غير الموبوءة. قالت «سى. دى. سى» إن انتقال فيروس جدرى القرود يحدث عند ملامسة الشخص للفيروس وينتقل له سواء من الحيوان أو إنسان أو أى مواد ملوثة بالفيروس. ويدخل الجسم من خلال الجلد، وإن لم يكن مرئيًا، أو الجهاز التنفسى، أو الغشاء المطاطى سواء فى العين أو الأنف أو الفم. ويحدث انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان عن طريق العض أو الخدش، وصيد الحيوانات لتناول لحومها، والتواصل المباشر بسوائل الجسم، أو مواد الآفة، مثل الأسطح المصابة بالعدوى. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان يتم من خلال الاتصال المباشر بالدم أو سوائل الجسم أو الآفات الجلدية أو المخاطية للحيوانات المصابة. وفى إفريقيا، تم العثور على أدلة على الإصابة بفيروس جدرى القرود فى العديد من الحيوانات، والزهور، وأنواع مختلفة من القرود وغيرها. وحذرت المنظمة من تناول اللحوم غير المطبوخة جيدا، والمنتجات الحيوانية الأخرى للحيوانات المصابة. وحذرت من احتمال أن يكون الأشخاص الذين يعيشون فى مناطق الغابات أو بالقرب منها معرضين بشكل غير مباشر أو منخفض المستوى للحيوانات المصابة. وأكدت المنظمة كيفية انتقال العدوى من إنسان لآخر، التى تحدث من خلال الاتصال الوثيق بإفرازات الجهاز التنفسى أو الآفات الجلدية لشخص مصاب أو أشياء ملوثة حديثًا. وقالت إنه عادةً ما يتطلب الانتقال عبر الجهاز التنفسى اتصالاً طويلاً وجهًا لوجه، مما يعرض العاملين الصحيين وأفراد الأسرة وغيرهم من المخالطين للحالات النشطة لخطر أكبر. وأضافت أن أطول سلسلة انتقال للعدوى الموثقة فى المجتمع ارتفعت فى السنوات الأخيرة من 6 إلى 9 إصابات متتالية من شخص لآخر، وأنه قد يعكس هذا انخفاض المناعة فى جميع المجتمعات بسبب التوقف عن التطعيم ضد الجدرى. وأفادت بإمكانية انتقال العدوى عن طريق المشيمة من الأم إلى الجنين والذى قد تنتج عنه الإصابة بجدرى القرود الخلقى أو أثناء الاتصال الوثيق أثناء الولادة وبعدها. قالت «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» إن أعراض جدرى القرود عند البشر تتشابه مع الجدرى المائى، لكن بدرجة أخف، مشيرة إلى أنه يبدأ بأعراض الحمى والصداع وآلام العضلات والإرهاق، فيما يتمثل الاختلاف الرئيسى بين أعراض الجدرى وجدرى القرود فى أن جدرى القرود يتسبب فى تضخم الغدد الليمفاوية، الأمر الذى لا يحدث فى حالة الإصابة بالجدرى. وعادة ما تكون فترة الحضانة من 7 إلى 14 يومًا، ولكن يمكن أن تكون من 5 إلى 21 يومًا، ويبدأ المرض بحُمى، وصداع، وآلام فى العضلات والظهر، والقشعريرة، بالإضافة إلى تضخم الغدد الليمفاوية. وفى غضون يوم أو ثلاثة أيام أو فترة قد تطول، بعد ظهور الحُمى، يُصاب المريض بطفح، عادة ما يبدأ فى الوجه والأطراف ثم ينتشر إلى الأجزاء الأخرى من الجسم. ويستمر المرض عادة لمدة 2- 4 أسابيع. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن الإصابات تكون أكثر شيوعًا بين الأطفال، وترتبط بمدى التعرض للفيروس والحالة الصحية للمريض وطبيعة المضاعفات، بالإضافة إلى القصور المناعى التى قد تؤدى إلى نتائج أسوأ. وفى إفريقيا، تبين أن جدرى القرود يتسبب فى وفاة ما يصل إلى 1 من كل 10 أشخاص يُصابون بالمرض. وقالت المنظمة إن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40- 50 عامًا قد يكونون الأكثر عرضة للإصابة بسبب وقف حملات التطعيم ضد الجدرى على مستوى العالم بعد القضاء على المرض. وقد تشمل المضاعفات التهابات ثانوية، والتهابات الشعب الهوائية والدماغ، وتعفن الدم، وعدوى القرنية، بالإضافة إلى فقدان البصر. لكن مدى حدوث العدوى بدون أعراض غير معروف. أفادت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة بأنه لايزال هناك العديد من الأسئلة التى لم تتم الإجابة عنها حتى الآن بشأن سبب التفشى غير المسبق لجدرى القرود خارج إفريقيا، وأكدت عدم وجود دليل لتغييرات جينية فى الفيروس كانت المسؤولة عن هذا الانتشار. أثبتت العديد من الدراسات أن التطعيم ضد الجدرى يكون فعالًا بنسبة 85% فى الوقاية من جدرى القرود، ونصحت منظمة الصحة العالمية بأهمية توعية المواطنين بعوامل الخطر، وتثقيفهم حول التدابير الممكن اتخاذها لتقليل خطر التعرض للفيروس. وصرحت منظمة الصحة العالمية بأن عدد الإصابات بجدرى القرود التى تم الإبلاغ عنها بلغت 200 حالة إصابة فى أكثر من 20 دولة لم تشهد تفشى للمرض بها، ووصفت الوباء بأنه مستدام، واقترحت مشاركة مخزون اللقاحات والأدوية المحدودة المتوفرة فى جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من تصريح المنظمة بالعدد الذى بلغ ما يقرب 200 إصابة مؤكدة، إلا أن الرقم يبدو أنه لا يكشف الأرقام الحقيقية، خاصة أن السلطات الإسبانية قالت، يوم الجمعة الماضى، إن عدد الإصابات ارتفع فى إسبانيا إلى 98 حالة، فيما أبلغ المسؤولون البريطانيون عن 16 حالة جديدة ليصبح إجمالى عدد الإصابات بالوباء فيها 106، بينما قفز عدد الإصابات فى البرتغال إلى 74 حالة، فيما كشفت الأرجنتين عن أول إصابة بجدرى القرود فيها، وفقًا لوكالة الأسوشيتد برس. وأعلن «المركز الأوروبى للوقاية من الأمراض ومكافحتها»، فى 25 مايو الماضى، عدد الإصابات والدول غير الموبوءة التى أكدت وجود إصابات بجدرى القرود، وقالت إنه تم تأكيد 118 حالة فى منطقة اليورو والاتحاد الأوروبى حتى هذا التاريخ، وتتصدر إسبانيا القائمة ب51 إصابة، تليها البرتغال التى أكدت 37 إصابة، وسجلت هولندا 6 حالات، فيما سجلت إيطاليا وألمانيا وفرنسا 5 حالات فى كل منها، ورصدت بلجيكا 4 حالات، بينما أكدت النمسا وجمهورية التشيك والدنمارك وسلوفينيا والسويد وجود حالة واحدة فى كل منها. وذكر المركز، فى بيان، أنه تم تأكيد 219 حالة إصابة فى الدول التى تعتبر غير موبوءة بالمرض، وقال إن دول خارج الاتحاد الأوروبى سجلت 101 إصابة بالمرض، منها حالة اشتباه فى الأرجنتين، وتأكيد حالة واحدة فى كل من الإمارات وإسرائيل، وحالتان فى أستراليا، والاشتباه فى حالتين فى سويسرا، والاشتباه فى 3 حالات فى المغرب، بالإضافة إلى تأكيد 71 حالة فى المملكة المتحدة، و15 فى كندا، و9 فى الولايات المتحدة.
