وصف معهد «كارنيجى» للسلام الدولى النهج الذى تتبعه مصر فى محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك بأنه «شديد الرجعية، ومُبْهم، ويركز بشكل مفرط على العقوبة بدلاً من الحقيقة»، وأن المحاكمة لن تكون حالة نموذجية لكيفية التعامل مع الزعماء السابقين المتهمين بارتكاب جرائم بحق شعوبهم. وتساءل المعهد فى تقرير كتبه الباحث الأمريكى ناثان براون، الجمعة، عن سبب رغبة المصريين فى محاكمة مبارك، قائلاً: «الشعب المصرى تخلى عن فكرة العدالة الانتقالية فى محاكمته»، مشيراً إلى أن الإصرار على المحاكمة له منطق سياسى لا مفر منه، حيث إن الثورة نجحت لأن المصريين بطوائفهم المختلفة تمكنوا من الالتفاف حول مطلب واحد وهو رحيل مبارك. وأضاف براون أن الثورة لم تندلع بدافع الرغبة فى الحرية فقط، لكن أيضاً بسبب الشعور المتنامى بأن مبارك سلب البلاد، وهو ما جعل محاكمته دليلاً على الصراع بين التحالف الثورى، والمجلس العسكرى، لافتاً إلى أنه رغم أن العلاقات بين قادة المجلس ومن سماهم قادة الشارع لاتزال جيدة، وأن الطرفين حريصان على تجنب المواجهة، إلا أنهما بدآ يفقدان أعصابهما. من جهة أخرى قالت جين كينينمونت، خبيرة فى شؤون الشرق الأوسط فى معهد «شاتم هاوس» الملكى للشؤون الخارجية فى لندن، إن الثورة المصرية زادت من حالة عدم الاستقرار الاقتصادى، محذرة من أن تقوض هذه الحالة عملية الانتقال إلى الديمقراطية، معتبرة أن مصر بحاجة الآن إلى استثمار فى مشروعات تخلق فرص عمل، بدلاً من تخفيف عبء الديون. وأضافت كينينمونت أن الحكومة الانتقالية الحالية لا تضع التنمية الاقتصادية كأولوية قصوى، مشيرة إلى أن النقص فى الاستثمارات الجديدة يشكل قلقاً آخر، موضحة أن رجال الأعمال لا يحبون حالة عدم اليقين التى تسود البلاد، لأنهم لا يعرفون ما ستؤول إليه الأوضاع بعد الانتخابات المقبلة، مطالبة المرشحين بالتركيز على الأمور الاقتصادية فى برامجهم.
