تحولت مهنة التحكيم إلى نقمة، بسبب المتاعب المادية والمعنوية والصعوبات التي يواجهها «قضاة الملاعب» خلال عملهم، بجانب ضعف المقابل المادى الذي يحصلون عليه نظير إدارتهم للمباريات. وفجر الحادث الأخير الذي راح ضحيته ثلاثة من حكام محافظة الفيوم، الملف الشائك، والإهمال الذي يعانى منه قضاة الملاعب. «المصرى اليوم» تفتح الملف السرى لعالم التحكيم المصرى، في التحقيق التالى. وأكد على طاهر، رئيس لجنة حكام دمياط، أنه يجب على اتحاد الكرة واللجنة الرئيسية أن يؤمنوا على الحكام ضد حوادث السير والإصابات والمرض لأن لديهم أسرا وعائلات وإذا أصابهم أي مكروه ستدمر أسرهم. فيما تحدث الحكم عوض سعفان عن معاناة عاشها عندما سافر لتحكيم مباراة بين الأٌقصر والمدينة المنورة في الدرجة الثانية، واستغرقت المسافة 4 أيام وعندما وصلت محطة الأقصر لم أجد أي وسيلة مواصلات واضطررت لركوب «موتوسكيل» حتى أصل للملعب. وأبدى الحكم الدولى، رؤوف الحوشى، استياءه من الطريقة التي يتعامل بها الحكام، وأسلوب التجاهل الذي وصفه بأنه غير إنسائى، وحكى الحوشى عن موقف تعرض له عام 2012 عندما أسندت له مباراة الأهلى وطلائع الجيش، وكان قادماً من إحدى محافظات الدلتا، ووقتها كان كوبرى كفر الزيات مزدحماً ويصعب على أي سيارة أن تسير عليه والوقت ضيق على موعد المباراة، ولم أجد وسيلة سوى استئجار موتوسيكل، للوصول إلى أقرب طريق للذهاب للقاهرة، ودفعت 50 جنيهاً وبعد معاناة وصلت قبل المباراة بعشر دقائق ووقتها اضطررت لتغيير ملابسى في الطريق. فيما تحدث الحكم الدولى سمير عثمان عن مغامراته مع الملاعب، وقال: ذهبت لتحكيم مباراة للشرقية والمريخ، ودخلت الإستاد بسيارتى الخاصة، وبعد انتهاء المباراة فوجئت باختفاء السيارة واستمر البحث عنها قرابة الساعة وفكرت في تحرير شكوى عن سرقتها وبعد فترة اكتشفت أن أحد الضباط قام بسحبها خارج الاستاد بداعى أن وجودها مخالف. وقال سامي الطحان، رئيس لجنة حكام الدقهلية، إن التأمين على حياة الحكام أصبح ضرورة، في ظل المخاطر التي يواجهونها في المحافظات المختلفة، ومن الممكن أن يتحقق ذلك من خلال خصم مبلغ بسيط من بدل الانتقال، ويتم تجميعة وتفعيل التأمين، إلى جانب صرف تعويض مناسب لأسرة الحكم في حالة وفاته وعلى الفور دون انتظار. فيما أشار ثروت عكاشة، رئيس حكام أسوان، إلى أنه لا بديل عن التأمين على الحكام ضد الحوادث والأمراض، حتى يستطيعوا العمل بنجاح دون اضطراب أو خوف من المستقبل، بجانب مراعاة تعيين الحكام في مباريات قريبة وليست بمحافظات بعيدة مثل الصعيد، هذا إلى جانب صرف البدلات المتأخرة، لأن تكرار الحوادث للحكام دون الوقوف بجانبهم سيؤدي إلى حدوث تمرد، حيث تعرض الكثير منهم إلى الموت. من جانبه، طالب الحكم محمد قطب، بتغيير طريقة التعامل مع الحكام، بالشكل الذي يحافظ على حياتهم ويجعلهم يعملون في ظروف صحية، وتحدث «قطب» بمرارة عن المعاناة التي يعيشها الحكام، بسبب قلة الدخل والاعتداءات التي يتعرضون لها خلال المباريات. وقال: «عشت أيام صعبة خلال مشواري التحكيمي، وفي إحدى المرات سافرت إلى أسوان وأستغرقت المسافة 16 ساعة ووصلت في الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، وقبل انطلاق المباراة بنصف ساعة فقط، لأن اللجنة لم تحجز لنا». كما تحدث «قطب» عن مأساة أخرى عاشها بنفسه، عندما كان يدير مباراة نبروة وبلقاس، وكان الأخير يحتاج للفوز حتى يصعد للممتاز «ب»، وأثناء المباراة تم الاعتداء عليه وعلى مسؤول بنادي بلقاس، وقرر إلغاء المباراة في الدقيقة 81، وتم احتساب النتيجة لصالح نبروه بهدفين للاشئ، وقال الحكم أنه رغم الاعتداء الذي تعرض له، لم تحرك لجنة الحكام الرئيسة ساكنًا، ووقتها أيقن أن الحكم المصري ليس له قيمة في نظر المنظومة الكروية.