ليس أكثر مرارة من أن تلعب كأس العالم على أرضك ووسط جمهورك وتخسرها في النهاية . هذا بالضبط ماعاناه البرازيليون قبل 64 عامًا أمام أبناء أوروجواي الذين تمكنوا من حصد اللقب الثاني في تاريخهم وأين؟..على الأراضي البرازيلية. كان المنتخب البرازيلي بحاجة إلى التعادل فقط في المباراة الختامية لبطولة كأس العالم 1950 التي استضافتها بلاده حتى يتوج باللقب العالمي الأول في تاريخه، ولكن منتخب أوروجواي فجر المفاجأة وحقق الفوز 2/1 على نجوم السامبا باستاد «ماراكانا» ليتوج بلقبه العالمي الثاني في 16 يوليو 1950. وأحرز منتخب أوروجواي في هذه البطولة لقبه العالمي الثاني والأخير حتى الآن، علمًا بأنه توج بلقب أول نسخة لبطولات كأس العالم وهي النسخة التي استضافتها بلاده عام 1930. ويخوض منتخب أوروجواي المونديال البرازيلي، منتصف العام الحالي، معتمدًا على مجموعة من اللاعبين يمثلون العمود الفقري للفريق ويمتلكون الخبرة الهائلة بالبطولات الكبيرة. ولعب المدافع المخضرم دييجو لوجانو، قائد منتخب أوروجواي، في كل من البرازيل وتركيا وفرنسا، كما ينشط حاليًا في صفوف ويست بروميتش ألبيون الإنجليزي. ويلعب زميله المدافع مارتن كاسريس في صفوف يوفنتوس الإيطالي، بينما يقود لويس سواريز هجوم ليفربول الإنجليزي ويتألق زميله إدينسون كافاني في هجوم باريس سان جيرمان الفرنسي حيث يمثلان ثنائيا هجوميا رائعا لمنتخب أوروجواي المعروف بلقب السماوي. كما يشرف على هذا المنتخب مدرب كبير يتمتع بخبرة هائلة هو أوسكار تاباريز المعروف بلقب «المايسترو» أو «الأستاذ» . ويخوض تاباريز بطولة كأس العالم للمرة الثالثة في مسيرته التدريبية علمًا بأنه حقق نجاحا باهرا في مسيرته مع منتخب أوروجواي الذي بدأ تدريبه في 2006 كما يشرف على تدريب جميع منتخبات أوروجواي بداية من منتخبات الناشئين تحت 15 عامًا. ورغم كل ما يتوفر للفريق من لاعبين متميزين ومدرب رائع وتاريخ يتسم بالنجاح والفوز بالألقاب على المستويين القاري والعالمي، يرى تاباريز أن هناك أشياء أخرى يحتاجها أي فريق في بطولات كأس العالم ومنها على الأقل المتطلبات النفسية. ومرة أخرى، لن يكون منتخب أوروجواي ضمن المرشحين بقوة للفوز بلقب المونديال عندما تنطلق فعاليات البطولة في يونيو المقبل. ولكن الفريق لم يكن مرشحًا للمضي بعيدًا في المونديال الماضي عام 2010 بجنوب أفريقيا، ورغم هذا، أكمل الفريق مشواره في البطولة إلى المربع الذهبي. وبعدها بعام واحد فقط، فاز منتخب أوروجواي بلقب كأس أمم أمريكا الجنوبية كوباأمريكا 2011، بالأرجنتين. ورغم الهزة التي تعرض لها الفريق في 2012 مع بداية مسيرته في تصفيات قارة أمريكا الجنوبية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 ، شق الفريق طريقه في النهاية إلى المونديال البرازيلي بالفوز على نظيره الأردني في الدور الفاصل. وأظهر الفريق في كأس القارات 2013 بالبرازيل أنه استعاد على الأقل بعض القدرات التي ساعدته كثيرا في بلوغ المربع الذهبي بمونديال 2010. ومع إقامة هذه النسخة من المونديال ومشاركة منتخب أوروجواي، أصبحت ذكريات ماراكانازو حاضرة في أذهان الجميع، خاصة أن هذه المباراة شهدت أعظم إنجاز لرياضة أوروجواي في التاريخ، كما كانت دفعة هائلة ودعمًا قويًا للهوية القومية في هذا البلد الصغير الواقع بين البرازيل والأرجنتين. وما زال أنصار منتخب أوروجواي يحتفلون بماراكانازو، حتى الآن، رغم أن الفريق الفائز باللقب في 1950 لم يتبق منه سوى اللاعب ألسديس جيجيا الذي سجل الهدف الثاني في المباراة الختامية على استاد ماراكانا. وبالنسبة للمنتخب البرازيلي، كانت هذه الهزيمة مأساة رغم أنها كانت ركلة البداية نحو الإعداد لكل إنجازات الكرة البرازيلية في العقود التالية ومنها الفوز بلقب كأس العالم خمس مرات رقم قياسي، ووضع المنتخب البرازيلي بين أبرز القوى الكروية في العالم. ورغم هذا، حذّر تاباريز من الإفراط في الحديث عن الماضي. وقال، إن أوروجواي يجب أن تدرك أن لقب 1950 ينتمي للماضي السحيق وإن العالم كان مختلفًا وقتها عما هو الآن.
