لا تُعد المقالات التى سطرها «مهنا»، متناسيا منهج الخطوط الحمراء الذى يتبعه البعض، مدافعا عبرها وبشراسة عن حق المواطن فى حياة كريمة، هى كل ما تبقى لنا من إرث هذا الفارس، حيث ظلت أحلامه وطموحاته للمصريين، خصوصاً الشباب منهم، قائمة حتى بعد رحيله، فتجسدت فى جمعية خيرية، تحمل اسمه، تحاول أن تكمل مسيرته وتخلد ذكراه، الجمعية أسسها مجموعة من الشخصيات العامة، بهدف دعم ومساندة الشباب، عبر الإسهام فى توفير فرص التدريب وإعادة تأهيلهم، والمساهمة فى تمويل المشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى توفير نفقات الزواج لغير القادرين، وضمان فرص تعليم لائقة للمتفوقين الذين تعجز أسرهم عن توفيره لهم. بدأت قصة الجمعية كما يرويها رئيسها الدكتور أحمد العزبى، قبل وفاة مجدى مهنا، عندما فكر مجموعة من رجال الأعمال والشخصيات العامة فى تأسيس جمعية خيرية تحمل اسم «مصر الطيبة»، لمساعدة غير القادرين من المصريين الذين أنهكتهم الحياة. إلا أن وفاة مجدى جاءت مثل صدمة قوية لنا -والكلام للعزبى- فقلبت لنا كل الموازين، فقررنا أن نسهم فى تخليد ذكرى هذا الرجل، الذى لم يتوان للحظة فى مساعدة كل من قصده، أو فى كشف فساد قد يضر بأهل بلده. ولم نستغرق سوى دقائق قليلة لنعلن، وبالإجماع، عن تغيير اسم الجمعية لتحمل اسم الراحل مجدى مهنا، كنا نحلم وقتها ألا يقل هذا المشروع عن فكرة «ليلة القدر فى أخبار اليوم» التى لا تزال تخلد اسمى الراحلين مصطفى وعلى أمين، وبدأنا فى إجراءات التأسيس، وبمجرد الإعلان عن بدء نشاط الجمعية توافدت الطلبات علينا حتى وصلت إلى ما يقرب من ألف طلب، قمنا بدراسة نحو 300 حالة منها، وسلمنا أصحابها المساعدات المالية التى أقررناها لهم فى رمضان الماضى، حيث تراوحت المساعدات المالية بين ألف وعشرة آلاف جنيه. وذلك رغم الصعوبات التى قابلتنا فى جمع التبرعات، خصوصاً أن وزارة التضامن الإجتماعى لم تكن أعطتنا التصريح بعد، لكن من المتوقع أن تنتهى تلك المشكلة فى مارس المقبل، وما زلنا نواصل تلقى الطلبات، وتلبية ما ننتهى من دراسته، على سبيل المثال وافقنا على توفير الأثاث لنحو 67 حالة، و3 شقق لشباب مقبل على الزواج، بالإضافة إلى ارتفاع حالات المنح التعليمية ل 175 طالباً، وتقديم منح مالية لنحو 75 مشروعاً صغيراً، وتوفير 20 جهازاً تعويضياً، لحالات مرضية. ليبلغ حجم الإنفاق الفعلى نحو 350 ألف جنيه، وقررنا فى المرحلة الحالية الاقتصار على معونات التعليم والزواج فقط من دون الخطوبة لحين السماح لنا بقبول التبرعات. وبالرغم من أن الجمعية لم تتخذ لها مقراً فعلياً بعد، إلا أن مكتب الدكتور العزبى، لا يكاد يخلو من شباب أتوا من محافظات مختلفة، بصحبة أسرهم بعدما علموا بانطلاق الجمعية، يحملون معهم أحلاماً لا حصر لها، فى أن يجدوا من يساندهم فى تغيير أوضاعهم، وتمويل مشروعاتهم، البعض منهم لا يعلم شيئاً عن الراحل مجدى مهنا، لكنهم جاءوا بحثا عن الأمل، وعن وسيلة تمكنهم من تغيير واقعهم المرير، وعندما تسأل هؤلاء عن مهنا يسارعون بالدعاء له، وإن تذكر أحدهم صورته فى برنامجه التليفزيونى، يقولون إنه كان واضحاً، لا يخشى لومة لائم، حتى من مسؤولى الحكومة، واصفين إياه بكلمة «دوغرى». وعلى الرغم من بدء الجمعية فى تلقى طلبات غير القادرين، وتلبية بعضها، إلا أنه لم يتحدد حتى الآن ما سيكون عليه طبيعة عملها فى المستقبل، وهل ستكون مجرد مشروع اجتماعى مثل غيرها، أم مشروعاً تعليمياً لإنشاء مؤسسات تعليمية وتوفير نفقات تعليم، أم يقدم طرحاً جديداً لجمعية خيرية تسعى لحل مشكلة البطالة؟ وهو ما يعلق عليه الدكتور العزبى بالقول: «لابد من تحديد الاتجاه حتى لا تجهض الفكرة وتنتهى إلى وضع لا يليق باسم صاحبها ولا اسم من يقومون على رعايتها». وأيا كان النهج الذى ستسير عليه جمعية مجدى مهنا، فالنتيجة النهائية مما ستقوم به، هو إسعاد قلوب بعض المصريين الذين كانوا فى قلب كلمات مجدى مهنا. «لا يمكن لى أن أكره بلدى.. إننى أكره الأوضاع التى يعيش فيها، وأريد تغييرها.. وأكره السياسات التى أوصلتنا إلى هذه الأوضاع.. وأريد نسفها.. وأكره أن يضيع العمر منى، مع ضياع الآمال والأحلام»، تلك كانت بعضاً من كلمات أحد مقالات مجدى مهنا، التى يدركها القائمون على الجمعية، موقنين أنه لم يحلم سوى بتغيير الأوضاع التى يعيشها المصريون، قبل أن تنتهى أعمارهم وهم يسعون فى الحياة بحثا عن طريق.