فى أوائل القرن الماضى كانت البيوت المصرية تحرص على اقتناء «الجرامافون»، وكان يتم تشغيله يدوياً ليستمع الناس لأغانى عبده الحامولى وصالح عبدالحى ولوردكاش، والآنسة أم كلثوم والأستاذ محمد عبدالوهاب، ومنولوجات حسن فايق ومحمد سليمان، كما كانت هناك أسطوانات لمشاهير قراء القرآن الكريم، وفى مقدمتهم الشيخ محمد رفعت، وكانت معظم هذه الأسطوانات تحمل ماركات بيضافون وكايروفون، ومن أشهرها الأسطوانة العالمية «His Master Voice» التى كانت تحمل الشعار المشهور للكلب الذى «يهوهو» فى البوق، وكثيراً ما كانت إبرة التشغيل تخدش سطح الأسطوانة فتحدث بها شروخ، تتلفها وتؤذى حاسة السمع، ومنذ ذلك الحين انتشرت عبارة «الأسطوانة المشروخة»، تعبيراً عن الكلام المعاد والمكرر.. وقد اندثرت هذه الأسطوانات فيما عدا أسطوانات «صوت سيده» التى مازالت تدور وصالحة للاستعمال فى مصر داخل محافل الخطابة، وأبواق النفاق، والضحك على الدقون، بإقناعنا المستمر بأننا مازلنا نعيش أزهى عصور الديمقراطية، ولأن الأسطوانة بالأسطوانة تذكر، فقد تفجرت أخيراً أزمة معارك أنابيب البوتاجاز، ليخرج الناس الغلابة من طوابير العيش للاستشهاد فى حروب طوابير الأنابيب.. ومن المعروف أن أنابيب البوتاجاز لا تعمل إلا فى وجود منظمات تتحكم فى منع تسريب الغاز إلى الخارج، لكن منظمات حماية المستهلك والمنظمات الأخرى القائمة على حماية المصريين، فشلت فى منع تسريبه إلى إسرائيل بأرخص الأسعار، بينما الحكومة تستخدم الأسطوانات المشروخة فى تبرير عدم تنفيذ أحكام القضاء بمنع تصديره لينعم الإسرائيليون به، بينما يموت الفقراء أصحاب الغاز من المصريين فى الطوابير دون الحصول عليه، ومازالت الأسطوانات المشروخة تردد على مسامعنا نغمة الاكتشافات شبه اليومية للغازات والبترول الكافى لإدخالنا بجدارة ضمن منظمة الأوبك، أو منظمة الأوابك، أيهما الأقرب، بينما أسطوانات البوتاجاز مازالت مفقودة فى الطوابير المصرية. فاروق على متولى - السويس