«الجرامفون»، تلك الآلة «الموسيقية العتيقة» التى عرفتها «بيوت ومقاهى» مصر فى بدايات القرن الماضى، لا يزال «عشاقها» أو «السميعة»، كما يحلوا لهم أن يطلقوا على أنفسهم، محتفظين بها فى بيوتهم، ربما بسبب حالة الحنين الدائم إلى زمن لن يعود، وربما بسبب اعتقاد «دفين» لديهم بأن الغناء لا يسمع ولا يطرب، إلا من خلال «الجرامفون». محمود عبدالعال (50 سنة)، مدير بإدارة الجمارك، أحد عشاق «الجرامفون» ويملك 25 جهازا منها، «سويسرية، أمريكية، إنجليزية، فرنسية» الصنع، أحدها ذو «بوق نحاسى» ضخم، وعدد اخر منها على هيئة ال«كومودينو»، والباقى أشبه بجهاز «البيك آب» لسهولة حمله. يقول محمود وهو محاط بأجهزة «الجرامفون» المختلفة ونحو ما يقرب من 500 أسطوانة نادرة لعمالقة الطرب والغناء فى مصر: «بدأ عشق الجرامفون عندى كهواية، ورثتها عن جدى، الذى كان يعمل فى تصليحها، بالإضافة إلى تصليح ماكينات الخياطة، وكذلك أبى الذى كان يملك محل «فراشة» ويعتبر من أشهر متعهدى الحفلات بالثغر فى فترة الخمسينيات والستينيات، وكل الأجهزة الموجودة عندى يتم تشغيلها باليد، عن طريق ذراع حديدية، بسبب عدم «دخول» الكهرباء فى مصر فى تلك الفترة». ويوضح محمود أن «أهم ما فى الجرامفون هو «الإبرة» لأنها تقوم بنقل الصوت من على الأسطوانة، لمحرك الصوت الداخلى بالجهاز، وهى المشكلة التى يعانى منها حاليا عشاق الجرامفون، لأنها عادة يحدث لها «تآكل» بعد فترة من الوقت، وكانت زمان تصنع من «النحاس والحديد المعالج» لمنع تآكلها، وللحفاظ على درجة نقاء الصوت، أما الآن فهى تصنع من «الأستانليستيل» وتتآكل سريعا، بالإضافة لرداءة الصوت الذى تحدثه». ويقول: «أقوم بصيانة الأجهزة الموجودة عندى باستمرار، وأحصل على قطع غيارها- للأسف الشديد- من أسواق الخردة، وغالبية الأسطوانات الموجودة حاليا فى الأسواق أجنبية، بسبب وجود مصانع فى الخارج لا تزال تنتج هذه الأسطوانات، لأنهم «بيحافظوا» على الأشياء «القديمة والجميلة»، فى الوقت الذى أغلقت فيه مصانع إنتاج الأسطوانات فى مصر». وعن «الأسطوانات» التى يملكها.. يقول: «عندى تسجيلات نادرة لعمالقة الغناء فى مصر، أم كلثوم التى كانت شركات إنتاج الأسطوانات تطبع صورتها على الأسطوانة مسبوقا بلقب «الآنسة أم كلثوم»، وكذلك تسجيلات نادرة لمحمد عبدالوهاب، والشيخ زكريا أحمد، ومحمد أمين، وسيد درويش، ومنيرة المهدية. ويرى محمود أن الغناء «القديم» لا يسمع ولا يطرب ولا «يسلطن» على حد قوله، إلا إذا كان صادرا من «الجرامفون»، ويؤكد ذلك قائلا: «أنا وأصدقائى «سميعة» ولا نسمع الأغانى القديمة إلا من خلال الجرامفون، ونتمنى تكوين «رابطة» لهواة أقتناء «الجرامفونات» والأسطوانات، والآت العرض السينمائية «القديمة».