*أصاب الكاتب الأستاذ «سيد على» الحقيقة فى مقاله المنشور يوم الخميس الماضى فى «المصرى اليوم» حين وصفنا بأننا «أمة من الهواة»، وصدق حيث قال إن معظم مشاكلنا ليست سياسية، ناتجة عن غياب الديمقراطية والشفافية والذى منه..، وهو يرجعها فى الأساس إلى غياب الحرفية، ويقول إننا هواة من السباكة إلى السياسة. وأنا أؤيده فيما ذهب إليه، فكم من أمة عاشت فى ظل أنظمة شمولية غير ديمقراطية، تغيب عنها الحقوق السياسية، ومع ذلك لم تتحول أى منها - مثلنا - إلى أمة... هاوية. * يرى الكاتب أننا وإن كنا نعجز عن تغيير الواقع السياسى المتردى الذى نحيا فيه، إلا أننا نستطيع أن نغير أنفسنا وأن نأخذ بالتسلح بالكفاءة المهنية، وأن ذلك سوف يكون كفيلاً بحل معظم المشاكل العصيبة، ولا خلاف على مقولة الكاتب «إن الهواة لا يصنعون تقدماً أو تنمية أو حضارات»، ومن غير المقبول أو الجائز تبرير حالة «السبهللة»، التى نحياها الآن، بعدم الرضاء عن الواقع السياسى، فهذه نقرة وتلك نقرة أخرى. * لكننى لست على يقين من سهولة تغيير أنفسنا من هواة إلى محترفين، وغير متأكد أن كل الحل هو فى التشدد فى إصدار «الرخصة المهنية»، للأطباء والمهندسين والمدرسين والقضاة والمحامين وجميع المهن والحرف الأخرى، قد يكون فيه بعض الحل، ولكنه غالباً ليس كل الحل، فسوف يظل نشر ثقافة الاحتراف وترسيخها فى المجتمع أمراً لا غنى عنه، فالاحتراف ثقافة قبل أن يكون مهارة. *والاحتراف يبدأ بالتربية والتنشئة أولاً ثم التعليم والتدريب ثانياً وثالثاً، والمجتمعات لكى تكون محترفة يلزمها مؤسسات محترفة، تعمل بنظم قام على وضعها محترفون متخصصون وبقوانين أصدرها وأقرها أيضاً محترفون، فى مثل هذه المجتمعات تتضاءل فرصة الهواة، وتتحول المهارة الفنية إلى احتراف ومن ثم تطوير دائم وابتكار وإصلاح، لذلك فإن الاكتفاء بالتشدد فى إصدار «الرخص المهنية»، قد لا يفرز إلا هواة مهرة... بتراخيص احتراف، والدليل على ذلك أن الكوادر الماهرة فى شتى المجالات، يعملون فى الداخل بأسلوب الهواة، وإن سافروا إلى الخارج فإنهم يعملون بأسلوب الاحتراف السائد فى تلك المجتمعات، ونحن نرى ونسمع عن هذه النجاحات. *إذا اتفقنا على ضرورة التشدد فى إصدار «الرخص المهنية»، وعلى ضرورة نشر ثقافة الاحتراف وترسيخ مفهومها بالتعاون بين النقابات ومنظمات أهلية ومؤسسات الدولة، فإن أخشى ما أخشاه أن يكون الشعب قد اعتاد «السبهللة فى الحياة» واستمرأها على أساس إن احنا كده، شكلنا كده، ربنا خلقنا كده. * سؤال يراودنى ولا أجد له إجابة شافية، حول ما إذا كانت هناك أصابع دولية خفية ساهمت فى حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية بغرض العصف بثروات دول البترول، خاصة المستثمر منها بالخارج بعد أن زادت زيادة رهيبة إثر ارتفاع أسعاره... على العموم وبعيداً عن الإجابة فإن العوامل التى تتحكم فى تسعير النفط صنفان، الأول - هو آليات السوق وتشمل، «العرض والطلب»، و«المخزون النفطى التجارى لدى الشركات»، و«مستوى المخزون الاستراتيجى» الذى تحتفظ به الدول، والصنف الثانى - هو مجموعة عوامل متغيرة قصيرة الأمد منها العوامل السياسية والأمنية العالمية، والمضاربات التى يتربح منها خبراء البورصات العالمية بأسلوب المراهنة على الأسعار فيما يعرف ب«براميل البترول الورقية»، والتى يزيد عدد صفقاتها على صفقات البترول الحقيقية. على العموم... الأزمة عاجلاً أو أجلاً سوف تزول وسوف يعاود البترول ارتفاعه، ونأمل أن تكون هذه الدول الشقيقة قد استوعبت الدرس، وأن توجه ثرواتها للاستثمار فى المنطقة خاصة مصر، وأنا أعتقد أن أسعار البترول سوف تصل بنهايات العام المقبل إلى فوق 100 دولار البرميل ولن تقل بحال من الأحوال عن 75 دولاراً وأن قوة مصر ورخاءها يصبان فى صالح العرب، ومعاناتها وفقرها لا قدر الله سوف تكون وبالاً عليهم, ألا يفهمون. * رأى بعضهم أحد علماء المسلمين وهو يستأنس بنصراني ويُضاحكه فقالوا له «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء» فرد عليهم العالم قائلاً «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين». صدق الله العظيم. وأصاب العالم الجليل.