لا أعرف ما إذا كان وزير الخارجية عندنا، يمكن أن يخوض انتخابات البرلمان أم لا، ولكن ما أعرفه أنه كان من حسن الحظ، أن أحضر مؤتمراً انتخابياً عقده «شتاين ماير» وزير خارجية ألمانيا، فى ساحة كبيرة، بمدينة «ليبزج» الواقعة على بعد 250 كيلومترا عن برلين العاصمة، مساء أمس الأول! الوزير يتزعم الحزب الاشتراكى الديمقراطى فى بلاده، وهو حزب يحكم ألمانيا الآن، متحالفاً مع الحزب المسيحى الديمقراطى بزعامة «أنجيلا ميركل» المستشارة الألمانية، التى توصف حالياً بأنها المرأة الأقوى فى البلاد، ويقال عنها أيضاً، إنها سوف تكسب بسهولة، فى انتخابات البرلمان يوم 27 سبتمبر، وسوف تصبح مستشارة مرة أخرى لأربع سنوات مقبلة! ولكن «شتاين ماير»، وزير الخارجية فى حكومتها، وكان وزيراً للخارجية مع المستشار السابق «شرودر» أيضاً، يرى أن إعادة انتخاب ميركل، لن تتم ولا يجوز أن تتم، وقد ظل يصيح بأعلى صوته، فى مؤتمره الانتخابى، بأن الحزب الأسود (أى المسيحى) لن يحكم ألمانيا بعد 27 سبتمبر، وأن حزبه هو الأحق بأن يحكم، لأنه على حد تعبيره يملك بوصلة لمستقبل ألمانيا، وعنده حلول لمشاكلها، التى تراكمت بفعل سياسة ميركل! «شتاين ماير» لا يكتفى بأن يكون وزير خارجية، وإنما يطمح إلى أن يكون مستشاراً، أى رئيس وزراء، بعد أن يفوز حزبه الاشتراكى الديمقراطى فى الانتخابات ويشكل الحكومة، ويريد أيضاً أن يطرد ميركل من منصب المستشارية، ويرى أنها قد أخطأت فى حق الشعب الألمانى بما يكفى لطردها هى وحزبها من الحكم! وفى ألمانيا يتحدثون الآن، عن منحة قدمتها الحكومة لكل مواطن يملك سيارة قديمة، قدرها 2500 يورو، من أجل إعدام القديمة وشراء سيارة جديدة وكان الشرط عند تقديم المنحة، عقب اشتعال الأزمة المالية العالمية فى سبتمبر من العام الماضى، ألا يبيع المواطن سيارته القديمة، ولا حتى يصدرها إلى العالم الثالث كما كان يحدث سابقاً، وإنما يعدمها تماماً، وكان الهدف إنعاش سوق السيارات فى البلد، وإنقاذ شركات السيارات من الإفلاس، وكانت النتيجة أنها انتعشت فعلاً، وباعت ب20٪ أعلى مما كانت تبيعه فى الظروف العادية. ضرب «شتاين ماير» مثالاً بهذه الواقعة، وقال إن الفكرة، لم تكن فكرة ميركل، ولا كانت فكرة من عند حزبها، وإنما كانت فكرة الحزب الاشتراكى الديمقراطى، الذى يتربع هو فوق قمته، وقال إن هذا مجرد مثال واحد، على حجم وشكل الأفكار التى يمتلكها الحزب الذى ينتمى هو إليه، وأن صوت الناخب الألمانى فى الانتخابات المقبلة، يجب أن يتوجه إلى الذين يقدمون حلولاً عملية لمشاكل الناس، ويطبقونها فعلاً، لا إلى الذين يتكلمون عنها طول الوقت، ولا يقدمون حلولاً متاحة على الأرض! وكانت صيحته الأخيرة فى المؤتمر، أنه يريد أصوات الناخبين الذين كانوا قد احتشدوا أمامه، لتبقى ألمانيا قوية! وبعد عام من الآن، سوف يقف الحزب الوطنى، موقف وزير الخارجية الألمانى اليوم، وسوف يطلب أيضاً أصوات الناخبين، ولكن هل سيطلبها وقتها ليبقى بلدنا «قوياً» على ما هو عليه، كما قال «شتاين ماير»؟!.. لا نظن.. فأصوات الناخبين عندنا، يجب أن تكون ممنوحة لا ليبقى البلد على ما هو عليه، وإنما ليتغير تماماً عما هو عليه الآن.. فلا هذا هو البلد الذى نريده ولا هذه هى «القوة» التى يتعين أن يكون عليها، إذا جاز أصلاً أن يوصف فى ظروفه الراهنة بأنه بلد، أو أنه قوى!