هل يمكن أن يصبح الوزير أحمد أبوالغيط، رئيساً للوزراء؟!.. طبعاً وارد! والسؤال له سببان، أولهما أن وزيرين للخارجية فى تاريخنا القريب صار كل واحد فيهما رئيساً للحكومة، الأول محمود فوزى، وزير الخارجية، فى عهد عبدالناصر، وأصبح أول رئيس وزراء مع السادات، والثانى كمال حسن على، وهو ثانى رئيس وزراء مع مبارك!.. وكان وزيراً للخارجية مع مبارك أيضا. والسبب الثانى، أننا جزء من هذا العالم، أو هكذا نفترض، ويجب بالتالى أن نتطلع إلى ما يجرى حولنا فى هذا الاتجاه، ومن بين ما يجرى هذه الأيام، أن وزير الخارجية الألمانى «شتاين ماير» يسعى من خلال الانتخابات البرلمانية التى سوف تنعقد فى بلده، الأحد بعد القادم، إلى أن يصبح مستشارًا فى مكان «أنجيلا ميركل»، المستشارة الألمانية الحالية، وهو منصب يوازى عندنا موقع رئيس الوزراء، ضمن نظام حكم برلمانى، يضع كل شىء، فى يد رئيس الوزراء، ويجعل منصب الرئيس شكلياً! ولكن السؤال الأهم هو: كيف يأتى وزير الخارجية هناك، رئيساً للحكومة، وكيف يأتى هنا إذا أتى؟! ولو أن أحداً قال إن المقارنة خاطئة، لأن حال ألمانيا، غير حال مصر، فسوف يكون هو المخطئ، لا المقارنة، لأن البدايات المعاصرة فى البلدين، على المستوى السياسى، واحدة تقريباً، من حيث توقيتها، فقد بدأوا فى برلين عام 1945، وبدأنا فى القاهرة عام 1952، وكان وضعهم وقتها، فى غاية السوء، وكانت ألمانيا كلها محطمة تماماً، وكنا نحن على ما نعرفه عام 52، فأصبحوا كما هم، الآن، ويمثلون ثالث اقتصاد على وجه الأرض، وأصبحنا كما ترانا! وفى المرتين اللتين أصبح فيهما وزير الخارجية رئيساً لحكومتنا، كان ذلك بقرار جمهورى من الرئيس، ولكن إذا جاء «شتاين» رئيساً للحكومة الألمانية، أو بمعنى أدق مستشارًا، فسوف يكون ذلك بقرار من الناخب الألمانى وحده، الذى إذا كان يريد أن يأتى به، فسوف يكون عليه أن يعطى صوته للحزب الاشتراكى الديمقراطى، وهو حزب يجلس «شتاين» على قمته، وإذا لم يشأ الناخب أن يأتى به، فسوف يكون ذلك بانصرافه عن التصويت للحزب، ولذلك، تظل عين وزير الخارجية الألمانى على الناخب، يخاطبه، ويسترضيه، ثم يقنعه طول الوقت، وليس على الرئيس الألمانى، الذى هو بنص الدستور، لا يملك أن يأتى بوزير، ولا أن يذهب برئيس وزراء! إذا فاز حزب «شتاين» فى الانتخابات، فسوف يشكل الحكومة لأربع سنوات مقبلة، وسوف يكون مستشاراً لبلاده بدرجة رئيس وزراء، فإذا انقضت السنوات الأربع، وجاءت انتخابات 2013، فسوف يتخلى عنه الناخبون، إذا أحسوا خلالها، أنه لم يكن عند حسن ظنهم، وأنه لم ينفذ ما وعدهم به، وهذا ما حدث مع «شرودر»، المستشار السابق على «ميركل» مثلاً.. ولهذا السبب وحده، تظل عين رئيس الحكومة فى برلين على الشعب الألمانى، ويظل يبغى رضاه، ولكن رئيس الحكومة عندنا - أى رئيس حكومة - تبقى عيناه على الرئيس، لا على الشعب، فالمهم أن يرضى عنه الرئيس.. أما رضا الشعب فلا أهمية له من أى وزن، لأنه لا يذهب بأحد، ولا يأتى بأحد!