اليوم.. حفل تخريج دفعات جديدة من طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية 2024    «مدبولي» يهنىء الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    أسعار الذهب اليوم في مصر 3 أكتوبر 2024    سعر الطماطم والبصل والخضار بالأسواق اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    وزير الإسكان يصدر قرارات بتعيين 3 مساعدين لنواب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    وصول 1320 رأس عجول حية بوزن 500 طن لميناء سفاجا    تعديل لائحة صندوق التأمين الخاص للعاملين في بنك الاستثمار القومي    زيادة رسوم انتظار سيارات «إس.يو.في» في باريس إلى 18 يورو في الساعة    الرئيس الإيراني يتوعد إسرائيل: ستتلقون ردًا أكثر صرامة في هذه الحالة    الحوثيون: استهدفنا تل أبيب بطائرات مسيرة    الرئيس الإيراني: إذا لم نتحد أمام ما يحدث في غزة ولبنان فسيأتي دور بقية الدول الإسلامية غدا    وزارة الدفاع الروسية: تدمير 113 مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات خلال الليل    قرار عاجل من عبد الله السعيد بشأن تمديد عقده مع الزمالك (تفاصيل جديدة)    صلاح: لم أعلم بتحقيقي رقما قياسيا بهدفي ضد بولونيا.. والفارق بين سلوت وكلوب    مواعيد مباريات الخميس 3 أكتوبر 2024.. مواجهتان ناريتان لمرموش وعبد المنعم    موعد انطلاق معسكر منتخب مصر استعدادًا لمواجهة موريتانيا    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام بورتو في الدوري الأوروبي    موعد مباراة ليفربول القادمة أمام كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    بلال: تصريحاتي ليست سببًا في فوز الزمالك بالسوبر.. وجوميز تفوق على كولر    حالة الطقس اليوم الخميس 3-10-2024 في محافظة قنا    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة بصلاح سالم والفسطاط ونفق الملك الصالح    بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر.. تشكيل لجنة عليا لفحص ملفات مستحقي العفو الرئاسي    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    زوج إيمان العاصي يمنعها من رؤية أولادها..أحداث الحلقة 15 من «برغم القانون»    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم».. تامر أمين: «مش عايز اسمع حاجة خالص عن حياة شيرين».. وزير الزراعة: «مفيش أزمات سكر تاني»    الصحة: تشغيل جراحات القلب في مستشفى الزقازيق.. وإجراء أول عملية قلب مفتوح ب«طامية المركزي»    عبد الغفار يستقبل وزير الإسكان لبحث تعزيز التعاون المشترك    ضبط تاجرة نصبت على 11 سيدة واستولت على 750 ألف جنيه بسوهاج    «يا ليالي الطرب الجميل هللي علينا».. قناة الحياة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال 32 من دار الأوبرا    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تقصف 5 بلدات في جنوب لبنان بالمدفعية    باحث سياسي: استعداد قوي لمقاتلي حزب الله لمواجهة أي هجوم إسرائيلي    حبس تشكيل عصابي بحوزتهم نصف كيلو هيروين في القليوبية    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حركة تنقلات محدودة في «تموين كفر الشيخ»    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    «البلدي.. لا يوكل» في الذهب| خبراء: حان وقت الشراء وخاصة السبائك    ما هي الصدقة الجارية والغير جارية.. مركز الأزهر يوضح    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    أمل جديد لمرضى القلب.. تصوير مقطعي لتقييم تدفق الدم    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    حقيقة مقتل النائب أمين شري في الغارة الإسرائيلية على بيروت    حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 3 أكتوبر.. «يومًا مليئا بالتغييرات المهمة»    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 3 أكتوبر.. «فرصة لإعادة تقييم أهدافك وطموحاتك»    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    ضبط بدال تمويني تصرف فى كمية من الزيت المدعم بكفر الشيخ    دمياط.. انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية بقرية شرمساح    «احذر خطر الحريق».. خطأ شائع عند استخدام «الإير فراير» (تعرف عليه)    اغتيال صهر حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على دمشق    ضبط 3 أطنان لحوم حواوشي غير مطابقة للمواصفات في ثلاجة بدون ترخيص بالقليوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى سبيل التقدم العلمى

تطرقت فى مقال سابق عن تداعيات التعليم المصرى، أولا من حيث الفوضى النابعة من الكم الهائل من التلقيم المعلوماتى غير المنظم الذى يتعرض له الطالب، الذى ينتج عنه فى النهاية ذهن مشوش، لا يجيد عمليات التنظيم الفكرى، بما تتطلبه من مهارات التحليل والربط بين المعطيات..
 وقلت أيضا إن، فى مجال العلوم الإنسانية، ما يدعم تلك الفوضى الفكرية، جانب منظم ظاهريا ونابع من أيديولوجيا حكام مصر خلال النصف الثانى من القرن العشرين، والذى يتجسد فى مناهج التاريخ والعلوم الاجتماعية التى يظهر العالم الخارجى من خلالها فقط كعدو متآمر- لا يدرس تاريخه الاجتماعى والفكرى بأى نوع من التفصيل، إنما يظهر فقط من خلال صراعه الأزلى مع مصر والعرب، فى سياق فكرى فوضوى لا يسمح للطالب بنقد أو تحليل أو تفنيد ما يتعلمه، أو فهم ما يحرك الآخر بأسلوب موضوعى.
ينعكس هذا الوضع، وبطريقة مباشرة وجذرية، على معضلة فشلنا فى تطوير الفكر العلمى ومنتجاته.. أولا، ولأسباب بديهية، فتعلم العلوم الطبيعية يتطلب، ربما أكثر من تعلم العلوم الإنسانية، اكتساب طرق التحليل والربط السببى المنظم، المستند للمنطق ولمعلومات عن العالم الطبيعى تم تنظيمها وتفنيدها فى سبيل الربط بينها بأبسط الطرق الممكنة، لينتج عن تلك العملية فى النهاية نظرية منظمة للعامل المادى الذى يحيطنا، حتى لا يبدو كسيل هائل من الفوضى والعشوائية المعلوماتية..
هذه المنظومة التنظيمية للعالم هى التى يمكن استخدامها فيما بعد لتفعيل طرق الاستغلال التقنى للمعرفة الناتجة عنها فى سبيل إنجاز تقدم تقنى نافع فى الحياة العملية، وهى التى ينتج عنها التقدم المادى والاقتصادى.
يعتقد الكثير فى مصر والعالم العربى أنه يمكن فصل ذلك التقدم التقنى التكنولوجى عن المنظومة الفكرية التى أنتجته، لكن الحال بالقطع ليس كذلك.. ثانيا، أن الجهل بتطورات تاريخ الغرب لا بد أن ينعكس على استيعابنا للعلوم الأساسية، ليس فقط فى مجال العلوم الإنسانية، إنما فى الأساس فى مجال العلوم الطبيعية «الصلبة»، ذلك لأن العلم فى صورته الحديثة هو منتج غربى، ولذلك فهو مرتبط بتاريخ تطور الغرب بطريقه وثيقة، بل إن أى فهم عميق لتطور العلوم الطبيعية لا يمكن أن يأتى فى خارج السياق التاريخى الذى تم فيه ذلك التطور..
 لذلك، أعتقد أن شعار «فلنبدأ حيث انتهى الآخرون»، هو شعار سطحى ومغلوط وخال من أى معنى جاد، لأننا لا يمكن أن نبدأ إلا من حيث بدأ الآخرون، وذلك يتطلب فهم التطورات الفكرية التى صاحبت نمو العلوم الطبيعية.. وأيضا، وهذا ربما هو الأهم، فهم تأثير تطور العلوم الطبيعية على الفكر الإنسانى والتطور الاجتماعى.
ولا يترتب على محاولة فهم تاريخ المجتمعات التى قادت تقدم البشرية خلال القرون الماضية أن نقبل كل ما حدث فيها أو نفقد هويتنا ونستبدلها بهوية أجنبية. لأن الفهم ليس مرادفا للنقل: لأننا نريد فهم هذا التطور لتطبيقه فى سياقنا الحضارى الخاص، وليس «حفظ» وتلقين ونقل التطور الاجتماعى الغربى بطريقة عمياء، فهذا ما تفعله أغلبية النخب العربية حاليا بالفعل، وبدون نتيجة إيجابية ملحوظة على مجتمعاتها..
ما أعنيه هو شىء عكس ذلك تماما، ويتعلق باستيعاب منطق المنظومة العقلانية المنظمة التى نتج عنها العالم الحديث، ولا يتطلب ذلك نقل الحضارة الغربية حرفيا، لكن مع ذلك يتطلب انقلابا فكريا جذريا لا محالة أن تكون له آثار ثقافية واجتمعاية وسياسية علينا..
المطلوب هو الرد على الأسئلة التالية: ما هى فعلا مقومات التقدم العلمى، وما هو جوهر الطريقة العلمية، وكيف يمكن بناء مجتمع تتجسد فيه تلك القيم؟ مجتمع تتخلله الحرية الفكرية، التى تدعم الابتكار وتعدد الأفكار واستقلال الفرد، مجتمع لا يرجع المرء فيه فى كل صغيرة للسلطة السياسية أو الدينية فى سبيل تكوين آرائه أو تبرير تصرفاته، إنما يرجع لقراره المستقل الحر وللقوانين المنظمة للمجتمع التى شرعتها سلطة تشريعية من اختياره وحسب المقومات التى اختارها بحرية..
الإنسان يصير حرا لأنه عقلانى، لأنه يقبل أو يرفض ما حوله لأسباب وصل إليها بنفسه وليس لأن أحد السياسيين أو رجال الدين قد أفتى بذلك.. الحرية التى ينتج عنها التطور العلمى تتطلب ذلك، فهل نحن مستعدون للقيام بمثل هذه القفزة؟ فى اعتقادى أنه لابد أن يفكر ويتأمل، كل من يطالب بالتطور العلمى والتقنى، فى ذلك جيدا.
وهناك مثال مفيد، يتجسد فى الدولة الوحيدة خارج الغرب يمكن أن يقال إنها متقدمة علميا وتقنيا فعلا، الدولة الوحيدة من هذا النوع المنتمية لمجموعة الدول الصناعية الكبرى، وهى اليابان، الدولة التى قررت فى منتصف القرن التاسع عشر، أن تقاوم العدوان والاحتلال عن طريق الانفتاح على العالم وليس فى الهروب منه والتقوقع، عن طريق نقل منطقه الفكرى وليس فقط تقنياته العملية. وكانت من ضمن نتائج ذلك التحول حصول «هيديكى يوكاوا» على جائزة نوبل فى الفيزياء عام 1949، ثم بعد الحرب العالمية تم إقامة نظام ديمقراطى تعددى ليبرالى وصارت اليابان جزءا من العالم الحر، المتقدم علميا وفكريا واجتماعيا.
 ومع ذلك لم تفقد هويتها الخاصة.. وكما كتب طه حسين منذ أكثر من سبعة عقود، إذ استطاعت اليابان فعل ذلك، وهى الحضارة المنعزلة عن الغرب طوال تاريخها تقريبا، فبلادنا التى ارتبط تاريخها عضويا بتاريخ أوروبا أولى بذلك.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.