رئيس جامعة كفر الشيخ يهنئ المحافظ الجديد بثقة القيادة السياسية    بالصور.. وزير الإسكان يتفقد التشطيبات الداخلية بعدد من الأبراج الشاطئية.. ويتابع موقف تشغيل المنطقة الترفيهية ب"العلمين الجديدة"    هل هناك تغيير في موعد انتهاء تخفيف الأحمال ؟.. متحدث الحكومة يجيب    أوكرانيا: الضربات الروسية تحرم سكان الشمال من المياه والكهرباء    ركلات الترجيح تؤهل إنجلترا إلى نصف نهائي يورو 2024 على حساب سويسرا    نادٍ إسباني يخطف صفقة مانشستر سيتي    النيابة تحقق مع حسام حبيب في اتهامه بالتعدي على شيرين عبد الوهاب    عاجل ورسميا.. فتح رابط بوابة مركز المعلومات نتيجة الدبلومات الفنية 2024 emis.gov.eg خطوات الاستعلام عنها خطوة بخطوة    عاجل.. وفاة مدير التصوير عصام فريد عن عمر يناهز 83 عاما    تركي آل الشيخ: مصر تسبقنا في الخبرات الفنية.. وشراكتنا تهدف للتكامل    الطبيب المعالج لأحمد رفعت: لم يعان من أي خلل وراثي.. وكان على وشك التأهيل بنهاية الأسبوع    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    من مقلب نفايات لمعلم عالمي.. صندوق التنمية الحضرية: حدائق الفسطاط ستكون الأجمل بالشرق الأوسط    إعلام إسرائيلي: زعيم المعارضة يائير لابيد يشارك في مظاهرة تل أبيب    سيخضع لجراحة عاجلة.. «المصري اليوم» تكشف تفاصيل الوعكة الصحية لأحمد سليمان    حمدوك: يمكن الاستمرار في جهود وقف الحرب بالتوازي مع العملية السياسية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. أجمل رسائل وصور التهنئة بالعام الجديد    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    رسميًا.. وزير الصحة يعد بإنهاء أزمة نواقص الأدوية في هذا الموعد (فيديو)    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    رانيا المشاط.. الاقتصادية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    قافلة طبية مجانية.. الكشف على 706 مواطنين فى إحدى قرى قنا ضمن «حياة كريمة»    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    عماد الدين حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسى    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    وزير الإسكان يتفقد مشروعات تنموية ببرج العرب بالإسكندرية    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجلُ الفصول الأربعة

قبل عامين، كتبتُ فى عمودى هنا مقالاً عنوانُه: «انظرْ خلفك فى غضب!» قلتُ فيه: «منذ غلاء الأسعار الأخير، لم يعد أحدٌ يبتسم. الشعبُ المصرىّ المشهورُ باحتوائه المحنَ وتحويلِها كوميديا، الشعبُ الساخرُ الذى يجيدُ الابتسامَ وخلْقَ النكتة فى أحلك اللحظات، الشعبُ الطيبُ السَّمحُ الجميل، لم يعد قادرًا على انتزاع البسمة من داخله. فى الأيام القليلة الماضية راقبتُ كلَّ الوجوه التى اعتدتُها رائقةً باشّة فوجدتُها واجمةً ساهمة. غضبٌ خبىءٌ وتحفّزٌ فى عيون الكلّ، تجاه الكلّ!».
فهل يحقُّ لى أن أنقضَ الآن كلَّ ما قلتُه؟ أظنه من حقى! فهذا الشعبُ لا يفتأ يثبتُ رقيَّه وتفرّدَه. رغم الفقر والغلاء وغياب دور الحكومة عن حلِّ أزماته، رغم الأوبئة تحاصره كلَّ يوم جوًّا وبحرًا وأرضًا، رغم قسوة النظام الأمنى الذى يهددُ بدلَ أن يحمى، إلا أنه أثبت أنه شعبٌ كريم مُحِبٌّ الحياة.
دلائلى على هذا ألفُ ألفٍ. هذه مريم، الطفلةُ التى دهسها لودر الإزالة فى الإسماعيلية، فدخلت على إثرها فى غيبوبة كادت تودى بحياتها، التى لم تعشها بعد. وهؤلاء الذين تجمهروا أمام المستشفى من أبناء مصر المعوزين والفقراء والمرضى يمدّون يدَ العون لأسرتها، ويتوعدون بالثأر إن مسّها ضُرٌّ. مصريون يؤازرون مَن لا يعرفون حبًّا فى الحياة.
نسوا فقرهم وتهديد فيروس حرون غاضب يسبح فى هواء الوطن ليحصدَ كل صباحٍ أرواحًا غير معلومة! وهذا نجيب ساويرس، ينسى مشاريعه ومصانعه وخسائره، ليتبرع بطائرة خاصة تُقلُّها إلى أى مكان فى العالم لتلقّى العلاج الذى وعد بتكاليفه. هنا مصريون، تحت خطِّ الفقر، وفوق مستوى الثراء، اتّحدوا على قلب حبٍّ واحد أمام طفلةٍ تحتضر!
حينما اغتيلَ السادات، أغلق المصريون البابَ فى وجه القتلة، هم ذاتهم الذين كانوا قبل ساعة يفتحون أبوابهم للمتشددين السلفيين رافضين تعنّتَ الحاكم، أغلقوا البابَ واجتمعوا على قلبِ رفضٍ واحد لفكرة الاغتيال. وبالأمس، حينما طار حفيدُ الرئيس مبارك إلى حيث تطيرُ الملائكة، اجتمع الناسُ على قلب حزنٍ واحد لصغير كان يعدُ أسرتَه بكثير الأمل. هم ذاتهم مَن يفقدون أبناءهم، كلَّ ليلة، جوعًا ومرضًا وفقرًا وعوزًا وضياعًا.
وها أنا الآن، أجلس مع أسرتى بشرفةٍ بالدور التاسع، نسمعُ ضجيجًا وصخبًا. ننظر من علٍ فنشاهد «ميكروباص» وقد انقلب على جانبه حاملاً معه مَن يحمل من نساء وأطفال وشيوخ. وها هم المارّة البسطاءُ يتجمهرون، والسيارات الفارهة تقفُ لينزلَ راكبوها بياقاتهم العالية ورابطات أعناقهم، يذوبُ الكلُّ فى مشهد مدهش يحفرُ الذاكرة. تكاتفَ الكتفُ الفقيرُ جوار الكتفِ الثرىّ ليرفعا سويًًّا الكتلةَ الحديدية الضخمة لينقذوا الحياةَ داخلها.
يقول علماءُ الاجتماع إن تحضّرَ الشعوب يُقاس بقدرته على ضخِّ الحياة وقتَ النوازل. ونحن، على هذا، متحضرون بامتياز، رغم اللحظة التاريخية التعسة التى نمرُّ بها.
ولكنْ، ما بالى أُدلِّلُ على جمال المصريين عبر مواقفَ تراجيدية تشارفُ الموتَ بقدر ما تنأى عن الحياة! أليس يتبدى جمالُهم إلا عبر المِحن، وحسب؟ تخبرنى الآن صديقتى المخرجة إيمان خضرى بالهاتف أنها كانت بالأمس فى دار الأوبرا تشاهد احتفالية تراثية يابانية-مصرية. قدّم اليابانيون عرضًا راقصًا على شِعر الهايكو الشهير يتناول الفصول الأربعة: الصيف، الخريف، الشتاء، الربيع.
وحينما اعتلتِ الفرقةُ المصرية خشبةَ المسرح دبَّتِ الحياةُ فى المكان! تفوّق المصريون بلوحاتهم الأربع: الفرعونية والسكندرية والتراثية والفولكلورية، على اليابانيين بمراوحهم الواسعة وشرائطهم الملوّنة، فى إشاعة هواءٍ رَخصٍ رغدٍ وحميم، لم تأته آليةُ الجنوب شرق آسيوى. قالت لى: «المصرىُّ رجلُ الفصولِ الأربعة!»
لماذا أكتبُ هذا الآن؟ أكتبه تماشيًا واقتناعًا بالحملة النفسية الرائدة التى دشّنتها «المصرى اليوم» إعلاميًّا، وبدأها الصديق أحمد المُسلمانى بمقاله الأسبوعَ الماضى: «مصريون ضدَّ الحزن».
وأُعدِّدُ هنا العديد من «الضِّدَّات» التى يجبُ علينا كأبناء أعرق حضارات الأرض أن نجابهها بحسم رافض: مصريون ضدَّ الغضب، ضدَّ العدمية، ضدَّ الإهمال، ضدَّ التفريط، ضدَّ الأنانية، ضدَّ التواكل، ضدَّ القبح، ضدَّ الكسل..والقائمةُ تطول؛ حتى يعودَ المصرىُّ كسابق عهده جميلاً عاملاً نافعًا متحضراً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.