بعد يومين من نشر المقال الذى كتبته فى هذا المكان يوم السبت الماضى، بعنوان «فضيحة تاريخية فى تأسيسية الدستور» اتصل بى الزميل ممدوح الولى، نقيب الصحفيين، عضو لجنة الحقوق والحريات بالهيئة التأسيسية لوضع الدستور، ودعانى باسم اللجنة، لحضور اجتماعها المحدد له ظهر يوم الأربعاء الماضى، وفوضنى فى اختيار عدد محدود من الزملاء يشرحون استناداً إلى المقترحات التى تقدمت بها نقابة الصحفيين وتقدم بها المجلس الأعلى للصحافة وجهة نظر الصحفيين فى النصوص الأولية ذات الصلة بالصحافة التى انتهت إليها اللجنة. وبعد مشاورات مع عدد من الزملاء، اعتذر البعض من حيث المبدأ عن إبداء أية آراء أمام اللجنة، واعتذر آخرون لعدم وجودهم بالقاهرة، ليتشكل الوفد من الأساتذة صلاح منتصر ورجاء الميرغنى وياسر عبدالعزيز والعبد لله، واعتذر جلال عارف لأسباب صحية، ولم يحضر الأستاذ عصام الإسلامبولى المحامى، وحضر الاجتماع أعضاء لجنة الحريات بالتأسيسية ومن بينهم نقيب الصحفيين، كما حضره د. وحيد عبدالمجيد، المتحدث الرسمى باسم الجمعية. وكان مفهوماً أن الهدف من الاجتماع، هو أن نبدى نحن الصحفيين والمعنيين بشؤون الصحافة، رأينا فى الصياغات المبدئية التى انتهت إليها لجنة حريات التأسيسية، وأن يستمع أعضاء اللجنة، من دون أن يشتركوا فى المناقشة التى أدارها باقتدار ورحابة صدر رئيسها المستشار «إدوار غالى الذهبى»، وبالتالى فهى لم تكن مفاوضات ولم تسفر عن أية اتفاقيات. وكان الأساس الذى دارت حوله المناقشة هو النصوص التى انتهت إليها لجنة حريات التأسيسية بشأن الصحافة، وهى ست مواد، أسرد كل واحدة منها فيما يلى.. وأضع النصوص التى أضافتها لجنة التأسيسية على مقترحات الصحفيين، وكانت موضع اعتراضنا أثناء اللقاء بين قوسين هكذا، وأضع النصوص التى حذفتها منها بين قوسين بينهما نقط هكذا (.......)، مع صفها فى الحالتين بالبنط الأسود، وأعقبها بموجز لأسباب الاعتراض على الإضافة والحذف كما بيناها أمام اللجنة. ■ المادة الأولى: حرية الفكر والرأى مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن فكره ورأيه بالقول أوالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير (بما لا يمس بحرمة الحياة الخاصة أو حقوق الغير). وكان من رأينا حذف الفقرة الأخيرة التى أضافتها اللجنة إلى مقترحات الصحفيين لأن الهدف من المادة، هو تأكيد مبدأ حريات الفكر والرأى والتعبير كمبدأ دستورى ولأن الاستثناء عليه يفتح شهية المشرع لتقييد هذا الحق، خاصة أن الباب نفسه من الدستور وهو باب الحريات والحقوق العامة يضمن حقوق الغير، بما فيها الحق فى حرمة الحياة الخاصة. ■ المادة الثانية: حرية الصحافة والطباعة والنشر وغيرها من وسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها محظور (مادامت غاياتها ووسائلها مشروعة)، ويجوز استثناء فى زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات وغيرها من وسائل الإعلام رقابة محددة وفقاً للقانون (.......). وقد طالبنا بحذف العبارة التى أضافتها اللجنة والتى تشترط أن تكون غايات الصحف ووسائلها مشروعة لكى تتمتع بالحق فى عدم إخضاعها للرقابة وعدم إنذارها أو وقفها أو إلغائها، وتعطى المشرع الحق فى ممارسة هذه الشرور جميعها ضد الصحف ووسائل الإعلام بدعوى أن غاياتها ووسائلها غير مشروعة، وهو ما يعيد إلى الذاكرة ذكرى أسوأ نص عرفته الدساتير المصرية وهو ذيل المادة 15 من دستور 1923 الذى كان يجيز كل هذه الشرور إذا كان ذلك ضرورياً لوقاية النظام الاجتماعى. ورصدنا فى هذا السياق أن اللجنة حذفت نص الفقرة الثانية من هذه المادة، كما اقترحها الصحفيون، وكانت تنص على «ولا يجوز توجيه الاتهام فى جرائم النشر بغير طريق الادعاء المباشر، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى هذه الجرائم باستثناء ما يتعلق منها بالطعن فى أعراض الأفراد والحض على الكراهية والتمييز بين المواطنين بسبب النوع أو الدين أو العرق»، مع أنها واحدة من أهم مطالب الصحفيين والإعلاميين. ■ المادة الثالثة: تكفل الدولة استقلال الصحف ووسائل الإعلام التى تملكها أو ترعاها (.......) باعتبارها منبراً للحوار الوطنى بين مختلف الآراء والاتجاهات السياسية والمصالح الاجتماعية، وينظم القانون إدارتها على أسس مهنية وديمقراطية واقتصادية سليمة (.......). وقد طالبنا بإعادة ما حذفته اللجنة من نص المادة الذى اقترحه المجلس الأعلى للصحافة، وهو الذى يقضى بأن يكون استقلال الإعلام القومى عن (جميع السلطات والأحزاب السياسية)، لأن حذفه يفقد هذا الاستقلال تحديده، ويعنى بقاء الصحف القومية تابعة لمجلس الشورى، والإعلام القومى تابعاً لوزارة الإعلام، كما طالبنا بإعادة النص الثانى الذى حذفته اللجنة من النص وكان يقضى بأن «يضمن القانون تعادل حقوق كل الجماعات أى الأحزاب السياسية فى مخاطبة الرأى العام من خلالها». هذه خمس من الملاحظات الرئيسية على المواد المتعلقة بحرية الصحافة فى الدستور التى حرصنا على إبلاغها للجنة الحقوق والحريات بالتأسيسية، حرصت على أن أنشرها، لكى تكون موضعاً للحوار بين كل من يعنيهم الأمر. والله من وراء القصد.
