وصف دكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة المفكر الراحل أنور عبداللك بأنه "مثقف عضوي" حيث لم يكتف بالتنظير لكنه خرج من قلب الحركة الوطنية ممارساً. جاء ذلك خلال مشاركته فى فعاليات ندوة اليوم الواحد التى نظمتها لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة، على مدار اليوم الثلاثاء للاحتفاء بالمفكر الراحل أنور عبد الملك تحت عنوان "لمسة وفاء". وتابع نافعة قائلاً أن أنور عبدالملك هو اول من انتقد الفكر الاستشراقي، وأول من تحدث عن دور الجيش في السياسة والمجتمع المصري، حيث تحد عن مجتمع "يبنيه العسكريون"، كتب أيضاً المفكر الراحل عن النظام الإمبريالي الذي كان يعتبره ناهبا ومستحوذا علي ثروات الشعوب ولذلك كان المشروع الإمبريالي بالنسبة له لا ينفصل عن المشروع الصهيوني الأمريكي. كما أشار نافعة الي أن عبدالملك كان صاحبا لثلاثة مشروعات وهي المشروع الإجتماعي الوطني والذي يتمحور حول الدولة والجيش، والمشروع القومي وفيه تفاعل بإيجابية تامة مع فكرة الوحدة العربية والقومية، وأخيرا المشروع الحضاري وكان يعتمد فيه علي نظرية الدوائر الثلاثة ومن خلاله يضع مصر في منتصف العالم العربي والإسلامي. يواصل: تفاعل عبدالملك مع حركات التحرر الوطني لأنه أدرك أنها قادرة على التأثير في النظام الدولي، ولفت إلى أن مؤتمر باندونج كان نقطة تحول أساسية في فكر عبدالملك. وثمّن نافعة اهتمام المفكر الراحل بالخصوصية الثقافية الحضارية، واهتمامه بدول العالم الثالث مؤكداً ان عبدالملك صُدم بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني، التي أدت إلى خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، وقد نشر له في "المستقبل العربي" مقال بعنوان "احتجاب مصر" أشار فيه لى أن الاتفاقية عطلت دور مصر القيادي. كان يؤمن إيماناُ واضحاً أن الشعوب تستطيع أن تنتصر على الإمبريالية إذا تحركت شعوب العالم الثالث ذات البعد الحضاري مثل مصر والصين لصياغة مشروع مضاد للإمبريالية الأمريكية. وأضاف نافعة أن المفكر الراحل كان من أهم المبشرين بضرورة الإحتذاء بالنموذج الصيني في وقت مبكر جدا وكان يعتبرها أحد الدول المقاومة للمشروع الإمبريالي. من جانبه، قال الدكتور سعيد توفيق في كلمته أنه كان يشعر بحاجز كبير بينه وبين كتابات أنور عبدالملك وكان يرجع ذلك لأسلوب شرحه وكتابته, ولفت إلى ان المفكر الراحل كان موضع شبهات فلم يرض عنه اليسار وتم عزله بعد تأييده للمصالحة بين اليسار وثورة يوليو، فاعتبره البعض مدافعاً عن الاتحاد الاشتراكي. وأشار توفيق إلى أن أهم الملامح التي شكلت مشروع عبدالملك الوطني والفكري اهتمامه بالدراسة الاستشراقية واعتبارها تفتقد الموضوعية. ولفت إلى أن هذا الرجل اليساري القبطي كان يعتمد علي الإسلام كمرجع لكنه كان رافضا للأصولية الإسلامية والمسيحية واليهودية التي تقوم علي فكرة العزل والإقصاء. قال الدكتور حسن حنفي أن عبدالملك الماركسي الذي هرب الي فرنسا عام 1958 ولم يعد الا بعد عام 1973 كان يحلم بتيار وطني ضد الماركسية العالمية يعتمد علي خصوصية الشعب وتحالف قوي الشعب العامل في مواجهة الهيمنة الصهيونية، وبعد عودته عام 73 قام أحد الصحفيين بكتابة مقالة في مجلة الطليعة بعنوان " العائدون بعد العبور" وكان فيها سخرية واستهزاءا من المفكر الراحل مما جعله يعود إلى فرنسا حزينا. وقارن حنفي بين عبدالملك وسمير أمين واعتبر حنفي المفكر الراحل أكثر خصوصية وتميزاً من أمين، لافتاً إلى أنه آمن أن الوطنية هي الحل وليس الحرية او الدين وكان دائماً ما يردد قول الطهطاوي "فليكن هذا الوطن مكاناً لنا جميعاً".