انتقدت كيت آلن مديرة منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة، إقبال السلطات المصرية على عمليات الإخلاء القسرى لسكان المناطق العشوائية، مطالبة بمنح سكان العشوائيات الفرصة لإبداء آرائهم فيما يتعلق بإيجاد حلول لظروف السكن الفظيعة التى يعانون منها قبل أن يلقوا بأشيائهم فى الشارع، لأن من حقهم الطعن على قرار الإخلاء، متهمة السلطات بعدم احترام حقوق الإنسانية. وقالت آلن، خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته منظمة العفو الدولية للإعلان عالمياً من مصر عن تقريرها الخاص ب"العشوائيات" بعنوان "لسنا مهملات" بنقابة الصحفيين أمس، الاثنين، إنه عندما يُقدم سكان المناطق العشوائية على الاعتراض على عمليات الإخلاء القسرى بشكل غير مشروع، فإنهم يجدون أنفسهم عرضة للقبض عليهم تعسفياً بموجب قوانين قمعية. واعتبرت مدير المنظمة، أن "خطط الحكومة بشأن المناطق غير الآمنة هى فى جوهرها خطط لهدم المنازل ولا تستكشف بدائل للإخلاء كلما أمكن ذلك، موضحة أنه من بين المئات الذين أجرت المنظمة مقابلات معهم لم يحدث أن تلقى أى شخص منهم إشعارات ملائمة قبل الإخلاء أو تم التشاور معه بخصوص المساكن البديلة، ومع اقتراب الانتخابات تلوح أمام السلطات المصرية فرصة لتصحيح هذه الأخطاء". وشددت آلن على ضرورة إنهاء عمليات الإخلاء القسرى، وأنه فى حالة التأكد من إقامتهم فى مناطق خطرة ولا يوجد بديل سوى الإخلاء فيجب توجيه إشعار مسبق لهم وتقديم تعويضات ملائمة ونقلهم إلى مساكن مؤقتة ثم إجراء المشاورات لاحقاً. وقال محمد لطفى - الباحث المعنى بالمنظمة بمصر- إن التقرير استغرق عامين، وتم التحدث مع 200 شخص ورصد حالتهم من مناطق مختلفة بالقاهرة وبور سعيد وأسوان. وأكد لطفى، أن هناك عوامل مشتركة بين كل الأشخاص الذين يعيشون فى العشوائيات، أهمها أن مساكنهم غير أمانة، وهناك من يتم إخلاؤهم قسرياً من مساكنهم، لأنها غير آمنة ويتم تسكينهم فى منازل بعضها ملائم وبعضها غير ملائم، والبعض الآخر يتم إخلاؤهم دون توفير مساكن. وشدد لطفى على خطورة نظرة المجتمع لسكان هذه المناطق على أنهم قنابل مؤقتة ومصدر البلطجة فى مصر، مؤكداً أن هذه الصورة غير صحيحة، لأن هؤلاء وضعتهم الظروف فى هذه الحالة، ومثل هذا التصور يزيد من تفاقم أزمتهم. وطالب لطفى بضرورة إخطار سكان هذه المناطق بالإخلاء وتوفير بديل قبل تنفيذه لتجنب سقوط ضحايا. وطالبت المنظمة السلطات والأحزاب بوضع حقوق سكان العشوائيات الذى يقدر عددهم ب12 مليون مواطن على قمة أولوياتها إذا أرادت تحقيق مطالب العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التى تتصدر شعارات الثورة، ملمحة إلى أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة فرصة جيدة للقضاء على تلك الظاهرة فقد شهدت مصر بعد ثورة 25 يناير وسقوط الرئيس السابق، حسنى مبارك، عدد من عمليات الإخلاء القسرى، مما يهدد حياة سكان تلك المناطق وصحتهم وحان الوقت لوقفها. وأوصت العفو الدولية خلال التقرير الصادر لها بعنوان "نحن لسنا مهملات" والذى تم الإعلان عنه خلال المؤتمر السلطات بإعادة النظر فى مشاريع التنمية الواسعة المقترة فى مخطط "2050"، واعتبرت أن الهدف المضمر لهذا المخطط هو إخلاء العاصمة من "العشش" لإفساح المجال لإقامة مشروعات تنمية، وقد وعدهم رئيس هيئة التخطيط العمرانى، مصطفى مدبولى بدراسة تلك التوصية. وأعلن التقرير، أن النقص الشديد فى المساكن ذات التكلفة المحتملة يدفع الفقراء فى مصر للعيش فى الأحياء الفقيرة والمناطق العشوائية، حيث إن 40% من المصريين على حد الفقر الذى يقدر ب2 دولار يومياً، وأن أغلب شهداء ومصابى ثورة 25 يناير ينحدرون من بيئة اجتماعية متواضعة. وانتهت المنظمة إلى أن كثيراً من سكان المناطق العشوائية قد تُركوا بلا مأوى بعدما هدمت السلطات منازلهم على غير رغبتهم ولم توفر لهم مساكن بديلة. كما أن بحوث المنظمة أظهرت أن النساء يتعرضن للتمييز على أيدى السلطات فى عملية تخصيص المساكن البديلة خاصة إذا كن من المطلقات أو الأرامل أو المنفصلات عن أزواجهن. وكشف التقرير، أن حوالى 850 ألف شخص يعيشون فى مناطق تعتبرها السلطات "غير آمنة"، كما توجد نحو 18300 وحدة سكنية فى مصر مهددة بالانهيار الداهم. منوهة إلى أن السلطات المصرية قد حددت 404 من "المناطق غير الآمنة" فى مصر بعد حادث حى منشأة ناصر عام 2008، ونقل آلاف الأهالى الذين تضرروا من تلك الحادثة إلى مساكن بديلة لكن معظمهم نقلوا بعيداً عن مصادر رزقهم ولم يحصلوا على الوثائق التى اللازمة بمساكنهمالجديدة، حيث اعتبرت أن السلطات تتقاعس عن إخطار السكان مسبقاً قبل وصول قوات الأمن والشرطة العسكرية كما حدث خلال الشهور الأخيرة لإخلاء السكان عنوة من منازلهم فيما يعد انتهاكاً لالتزامات مصر الدولية بل وللقوانين المصرية نفسها.