هل تشارك مصر السعودية في التدخل البري في اليمن للقضاء على الحوثيين، سوْال اصبح يفرض نفسه ليس على المثقفين فحسب ولكنه اصبح يراود رجل الشارع، وهل تضحي مصر بفلذات أكبادها من الشباب اليافع من اجل حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل كما يقول المثل، هل نعيد تجربة عبدالناصر في التدخل في اليمن من اجل مناصرة فريق يمني على الاخر، هل نزج بالاف الجنود في جبال اليمن الوعرة ليقتلهم الحوثيون ورجال القاعدة والقبائل اليمنية، ويصبح هناك ضريحا عاما للجنود المصريين الى جوار الضريح الذي خلفته حرب عبدالناصر، أسئلة تطرح نفسها بحثا عن اجابة وسط هذا التكتم الشديد من قبل الرئاسة والقوات المسلحة. منذ ايام ابتعدت باكستان قليلا عن خوض حرب اليمن الى جانب حليفتها السعودية رغم سخاء المساعدات الا ان البرلمان رفض المشاركة وطرح ان تكون باكستان وسطيا سياسيا بين الفرقاء اليمنيين، فلماذا لا تفعل مصر مثلها، رغم ان السعودية قدمت عشرات المليارات من الدولارات الى مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية وبخاصة بعد تولي السيسي الحكم، الا ان هذا الامر لا يجعلنا نشاركها في حرب ليس حربنا، وفي ارض ليست ارضنا، وجبال لا نعرف عنها شيئا، نعم شاركنا في الضربات الجوية والحصار البحري على الحوثيين ولكن على السعودية ان تخوض حربها البرية بنفسها فالجنود المصريون ليسوا أرخص من الجنود السعوديين، او الإماراتيين، وإذا كان على السعودية ودوّل الخليج ان تخوض حربا للدفاع عن حدودها فليخوضوها بأنفسهم وليس بجلب الجنود المصريين لمصير لا نعلمه، في حرب قد تستمر عشر سنوات على الأقل، فليس بإمكان قوات تحالف عاصفة الحزم ان تقضي على الحوثيين جميعا، لأنهم يمثلون قرابة نصف المجتمع اليمني، وإذا قتل آلاف منهم وهذا ما يتم الان فان ثأرهم سوف يظل في الصدور الى حين، وعندما يجدون الفرصة مناسبة سوف ينقضون على الجنود الموجودين في المعسكرات، وقد ظلوا يحاربون علي عبدالله صالح لسنوات، وكذلك حاربوا السعودية لفترات متباينة وانتصروا على الاثنين، لأنهم يشكلون ميلشيات تقتل وتختفي وسط المدنيين وليسوا جيشا منظما، والحرب ستكون حرب عصابات لا قبل للجيوش المنظمة بها، فلا العدو معروف ولا الصديق ايضا. الثعلب الماكر علي عبدالله صالح يتحالف مع أعداء الامس من الحوثيين للقضاء على نائبه السابق عبد ربه منصور هادي الذي فر الى السعودية، والجيش اليمني اصبح في قبضة الحوثيين بأسلحته وعتاده، ويمدهم صالح وإيران بالاموال اللازمة، وهم يستعدون لحرب طويلة الامد، لأنهم يعرفون ان اي من دول التحالف لا تستطيع البقاء على الارض اليمنية بجنودها طويلا وإلا ستخسر جنودها واحدا تلو الاخر،فيكفي سيعيش الجنود في ظل بيئة معادية لهم لا يعرفون فيها صديقا من عدو، اذا كان ولا بد من حرب فليخوضها اليمنيون من أنصار هادي وحزب الإصلاح والقبائل اليمنية بأنفسهم ولا داعي لخوض حرب برية خاصة بالنسبة لمصر، فلا تزال كثير من الأسر المصرية التي فقدت إحبابها في حرب عبدالناصر تتذكرهم بالم شديد وتنعي ذكراهم يوميا. وحسنا فعل الرييس السيسي عندما المح الى عدم تدخل مصر في اليمن بريا، ولكنه تلميح ونحن نريد تصريحا واضحا في هذا الامر، نعم نحن لينا ضد السعودية ولتفعل ما تشاء في اليمن ولكن ليس على حساب جثث الجنود المصريين، فاليمن الان بين قبضة الحوثيين او القاعدة، وربما تنتقل اليها داعش عن قريب فهي بيئة مناسبة لتنمو وتتكاثر فيها، وهي بالنسبة لها مثل العراق وسوريا وربما أصبحت أشد جذبا، فالشيعة من أعداء داعش في اليمن وهناك مريدين كثر من السنة، والضحية سيكون من يدخل بريا وسط هذه المعمعة التي لا نعرف أولها من اخرها. لدينا ما يكفينا من مشاكل داخلية وارهاب في سيناء والمحافظات لماذا لا يتفرغ جيشنا للقضاء عليه بدلا من الذهاب الى اليمن، وهل عبد ربه منصور هادي رجل يستحق ان نناصره ونخوض من اجله الحروب وهو رئيس ضعيف بمجرد التلويح بالضغط عليه قدم استقالته فورا وتخلى عن واجباته، ولم يصمد ولو ليوم واحد، وإذا تم القضاء على الحوثيين في اليمن فمن هي القوة التي تليهم مباشرة اليست الاخوان المسلمين او القاعدة وهم من نحاربهم في مصر، فهل نذهب لنصرتهم في اليمن، اليمن ليس فيها احزاب قوية سوى الحوثيين وهم شيعة والإصلاح وهم اخوان والقاعدة، وليس هناك احزاب ذات شان اخرى تستطيع ان تمسك بمقاليد الأمور في الدولة، إذن نحن في فخ حذار ان نقع فيه. قرأت ان هناك تقارير من اجهزة المخابرات رفعت الى السيسي ترفض الدخول في الحرب البرية في اليمن، وان اجهزة الأمن والمعلومات في مصر، تخشى من العواقب الوخيمة للمشاركة في حرب برية على الحوثيين، وأنها لن تكون أفضل حالا من حرب عبدالناصر لمناصر الجمهوريين في اليمن ضد الملكية فيما مضى والتي كانت تناصرها السعودية وانتهت الحرب بقتل خيرة شباب مصر وتشتيت قوة الجيش المصري فلحقت به هزيمة 1967 وقد كانت كارثة بمعنى الكلمة لم تفيق منها مصر سوى باسترداد كرامتها في 1973 بانتصارها في حرب أكتوبر المجيدة. من العدد المطبوع من العدد المطبوع