زكريا عبدالغني كاتب بطعم الناس أنا مفكر لا أدعى الفلسفة.. يدفعني إلى الحياة الفكر والإحساس ليسمن الضرورة أن يكون المفكر مبدعا المفكرالمبدع يؤلمه حال المجتمع كون رسالته لا تصل إليه ولا تغير أحواله حينما تراه , ستكتشف أنك أمام ناسك, منح نفسه لظل شجرة وارفة, جلس تحتها كثيرا, ونعم بالظل, وحينما غادرها, غادرها وهو يحمل صفات من استمتع بهذا الهدوء, فكان حاملا تلك الصفة, يأسرك بحضوره وبوجهه المستدير, وبجبهته العريضة, المنزاح عنها شعر كث, أبيض يخالطه السواد, وحينما يسكن يمنح الناظر إليه الثقة, ويشعره بأنه أمام موج بحر هادئ, قادم إلي شاطئ, يشتاق لعناق طلبا للتغيير, عبر همس الكلمة, وهو يعطي ولا يبخل. زكريا عبد الغنى أديب لا يعنيه إلا الإبداع, اصدر حتى الآن: 11 مجموعة قصصية, 4 روايات, كل عمل يحمل تجربة خاصة, وحصل على العديد من الجوائز آخرها جائزة الدولة التشجيعية عام 2009 عن روايات حالات الروح, معه كان الحوار, لنعرف كيف يفكر, وكيف يرى عملية الإبداع. من هو زكريا عبد الغني؟ مشروع وجود لن يكتمل. هل أنت مهندس, روائي, ناقد, مثقف؟ قبل كل شىء وبعد كل شىء ..أنا مفكر..لست بذلك أدعى الفلسفة ..إنما يدفعني إلى الحياة الفكر والإحساس المتتبعلمسار رحلتك الإبداعية, يجد أنك تعشق العزف في الفضاء, وانك تجيد التنظيروالغوص في كل مشاكلنا الثقافية, فما هو تعريفك للمفكر المبدع؟ ليسمن الضرورة أن يكون المفكر مبدعا ..فقد يتخذ في حياته طريقا فكريا بحتا..ولكن هناك الكثير من المبدعين يبدعون الرواية على سبيل المثال أوالمسرحية ..كما نجد عند جان بول سارتر و البير كامى,والمفكر المبدع وهبه الله حدة الفكر وحدة الشعور معا. هذا لو وضعنا أمامنا أننا نعيش في مجتمع سوى, الكتاب بالنسبة له ضرورة, فهل الوضع الراهن يصنع خللا ما في كيان المفكر المبدع؟ المفكرالمبدع يؤلمه حال المجتمع ..لأن رسالته لا تصل إلى المجتمع ولا تغير منأحواله.. ولكنه أيضا لديه رغبة داخلية في التغيير عن طريق الكتابة لأنهاالوسيلة الوحيدة التي يتقنها وهى أيضا الأداة الوحيدة التي تسكنه إذانحن في أزمة, فالثقافة أداة تساعد في تشكيل المجتمع وغيابها, يؤدي إلي خللفي تلك البنية, فهل تري أن المثقفين قصروا في هذا الجانب؟ المثقفونلم يقصروا ..والمجتمع أيضا لم يقصر ..إنما الذي قصر في حق المثقفين وفى حقالمجتمع هم الحكام الفاسدون المفسدون الذين استنفدوا طاقة هذا المجتمع ألاترى أن أغلب الكتاب, يتحصنون داخل قلاع , تلك العزلة, جعلتهم بعيدين عن نبضالشارع, فقل تأثيرهم, مثلا لا توجد الرواية التي غيرت, ولا المقال الذييترك أثرا ويصبح هو أهم حدث يومي؟ الروايةفن ..والفن بطبيعته غير مباشر. .ولا يوجد روائي منعزل ..فنحن نعيش في قلبالشارع ونحن نشأنا فى حضيض المجتمع.. ونعرف خباياه وأسراره.. ثم إن الروائيليس مصلحا اجتماعيا.. الروائي فنان والفن يحتاج لمتلقي خاص ..ليس مثقفا فقطإنما يتذوق الفن الروائي ما دمنا تكلمنا عن تأثير الرواية, فالمنجز الأدبي لزكريا عبد الغني, تغلب فيه القصة؟ هل هي الأقرب إليك؟ كما قلت لك أنا بالدرجة الأولى مفكر والقصة القصيرة مادة للفكر أكثر من الرواية, كما أنني بطبعي أميل إلى الإيجاز، وأيضاأنا متأثر بمقولة العقاد القديمة التى تقول عن الرواية إنها قنطار خشبودرهم حلاوة ..فعندما أحب أن أكتب رواية أحب أن تكون كلها حلاوة وهذا صعب وإذا الموءودة سئلت أول مجموعة صدرت لك حدثنا عنالبدايات؟ هذا حديث يطول.. لكنني سأحاول الاختصار, التجربةالأولى كانت مشروع رواية ..كنت في السنة الثانية الثانوية وشرعت في كتابةرواية ..كتبت منها فصلا ..لكنني لم أكملها ..كانت تحتاج للنفس الطويل .ولميكن نفسي قد طال بعد, أحدثك عن الروافد الثقافية ..كانت مع الشعر الجاهلي وكان عمري ست سنوات ..هل تصدق؟ ثمبعد ذلك تعددت الروافد.. القرآن الكريم ..ثم ألف ليلة وليلة ..وفىالإعدادية والثانوي روايات إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ومحمود تيمور..ثم قراءات في الفلسفة والفكر ..وقراءات فى العلم ..فى كل فروع العلم فأناأحب العلم جدا ..وقراءات فى الطب ..أنا أعشق القراءة جدا وأحيانا أفكر أنأعتزل العالم واعتزل الكتابة وأنكب على القراءة وأظل أقرأ إلى أنيدركني الموت, نسيت أن أقول لك شيئا في غاية الأهمية لي .. أعشق علم النفس جدا ..قرأته منذ كنت في ثانوي,أنا نهم شديد للمعرفة لا أعرف كيف أشبعه. تميلإلي التجريب على مستوى الشكل والمضمون, فحتى الآن الذي تم نشره: عشرمجموعات قصصية, وثلاث روايات بالإضافة إلي ثلاثية(حكايات الأيام القديمة, هل أنت مغامر؟ أم لك رأى يخصك في العملية الإبداعية؟ أولاقبل أن أكتب لا بد أن تهزني تجربة فأنا لا أفتعل الكتابة أبدا. ثانيا لابد أن أضيف جديدا على مستوى الشكل وعلى مستوى المضمون. الكتابة مسئوليةكبرى وأنا أرتعش إزاء هذه المسئولية وكيف ترى واقع الكتابة الآن؟ الكتابة كثيرة لكن ضعيفة على مستوى القيمة وهل هي تعبر عن واقع متغير نعيش فيه, أم ما زالت عزف عزفا منفردا؟ هي نقل للواقع ..وهذا غير فني, هذا على مستوى الرواية والقصة القصيرة .أما عن الشعر فمعظمه تكرار. كتبت قصصا وروايات تنتمي إلي الواقع , فكيف نظرت إلي البيئة التي تنتمي إليها, وأي المشاكل ناقشتها في تلك الأعمال؟ ليكن معلوما بداية أن الواقعية ليست هي الواقع, الأدب لا يناقش مشاكل ..إنما يقدم رؤية الكاتب للواقع بطريقة فنية, الأدب يقدم المشاكل ولا يطرح الحلول, الدب سؤال وليس جوابا.. الأدب فن ..يثير ولا يجيب, لأدب يعيد رؤية القارئ للواقع ومن ثم يعمل على تغييره ##