قَطْرَةٌ من تِرياق في مطلع سبتمبر القادم 2015 ومع بدايةِ العامِ الدراسيِّ في كندا، فإنَّ على العربِ والمسلمينَ عموماً مِنْ أولياءِ أمورِ تلاميذِ المرحلةِ الابتدائيةِ في المدارسِ الحكومية توقُّعَ تدريسِ الجنسِ والجنسِ المِثْلِيّ [ الشُّذوذ في الجنسين ] لأولادِهم كمادةٍ إجباريةٍ منذ الصفِّ الأوّلِ الابتدائيّ .. هذا ما أقَرَّتْهُ سلطاتُ التَّعليمِ في كندا !! سيتعلّمُ الأطفالُ في الصفِّ الأولِ الكشفَ عنْ عَوْراتِهم ولمْسَها والتمييزَ بين الذكرِ والأنثى سواء في أجسادِهم أو أجسادِ غيرِهم ، ومن الصفِّ الثالث سيتعرفُ الطلابُ على موضوعِ الهويّةِ الجنسية والميولِ الجنسية ، وعلى سبيلِ المثال فمِنْ خلالِ قصَّةِ الشواذ .. [ تشاتشا ] سيتعلمُ الطلابُ أنَّه من الطبيعيّ والمقبولِ أنْ يقعَ صبيانِ أو فتاتانِ في حبِّ بعضِهما البعض !! وغير ذلك كثيرٌ في جُعْبةِ القائمينَ على التعليمِ هنا ! ... والسؤال كيفَ يواجهُ المسلمونَ هذا الطوفانَ من الانْحِرافِ والشّذوذ والتّحَدي لعقيدتِهم وأخلاقِهم وتقاليدِهم خاصةً أنَّهُ يأتي من قِبَلِ حكومةٍ المفترضُ أنْ تراعِيَ قيمَ جميعِ مواطنيها بما فيهم المسلمون ... الحلُّ الأسهل في مواجهةِ هذا التحدي وغيرِهِ هو تحويلُ الأولادِ إلى المدارسِ الإسلامية ، وهي مدارسُ معتمدةٌ من الحكومةِ وتُدَرِّسُ اللغةَ العربيةَ والموادَّ الإسلاميةَ والقرآنَ الكريم فضلاً عن المنهجِ الكنديّ في بقيةِ المواد .. ولكنْ يعيبُ هذه المدارس تكلفتها المرتفعة إذْ يكلَّفُ الطالبُ الواحدُ أسرتَهُ في المتوسط ما يجاوزُ الخمسَ مئةِ دولارٍ شهرياً ، وهو مالا يقدرُ عليهِ غالبيةُ المهاجرينَ هنا ... وتشيرُ الإحصاءاتُ أنَّ المدارسَ الإسلاميةَ في كندا تضمُّ مانسبتُهُ 12 بالمئة إلى 20 بالمئة من أبناءِ المسلمين ، بما يعني أنّ حوالي 80 بالمئة ينتظمونَ في المدارسِ الحكوميةِ المجانية ، وهؤلاءِ هم مَنْ سيواجهونَ هذهِ المعضلةَ الدينيةَ الأخلافية ... تجلَّتْ جهودُ المسلمينَ في مواجهةِ قراراتِ سلطاتِ التعليم بفرضِ تدريسِ الجنسِ في المدارس في جملةٍ من اللقاءات مع عددٍ من مسؤولي التعليم ، وإبرازِ اعتراضِهم كما حدثَ خلالَ لقائِهْم بنائبِ وزيرِ التعليم بن ليفن ، فضلاً عن عددٍ من المسيراتِ المُنَدِّدةِ بالقرارات كان آخرها مسيرة ضمَّتْ المئات يومَ الرابع والعشرين من فبراير الماضي تحدَّوْا ظروفَ الصقيعِ القارص وقاموا بالتظاهرِ أمامَ المجلسِ التشريعيّ في مقاطعةِ أونتاريو معلنين استنكارَهُم لإصرارِ الحكومةِ على المُضِيِّ قُدُمَاً في تطبيقِ هذه الأجندة مَحَلِّ الجدل .. وتحتَ شعار [ طفلي هو اختياري ] يعزمُ نشطاءُ المسلمينَ هنا على تنظيمِ مسيرةٍ حاشدة في ميدان كوينز بارك يومَ الرابعَ عشرَ من أبريل القادم لإبلاغِ رسالةٍ أعلى صوتاً إلى رئيسِ الوزراء في مقاطعةِ أونتاريو وإلى الحكومة الليبرالية ... حَسَبَ آخرِ الإحصاءات فإنَّ الإسلام هو الديانة رقم 1 في كندا بعد المسيحية وقد تجاوز عدد المسلمين المليون وهم في زيادةٍ مضطردة ، وكانتْ سلطاتُ التعليم الكندية قد اعترفتْ رسمياً بالدينِ الإسلاميّ منذ عام 1973 ميلادية ، ورغم هذا التَّنَامي لأعدادِ المسلمين وانتشارهم في المقاطعات الرئيسة في كندا إلا أنَّ تأثيرَهُم في الخريطة السياسية لا يكادُ يُحَسّ وذلك لعدمِ وجودِ تمثيلٍ يذكر لهم في المجالس التشريعية ، ومن ثَمَّ فإنَّ تأثيرَهم في القرارِ السياسيّ يكادُ يكونُ معدوماً ومرجع ذلك في تصوري ليس نقصاً في الوعي السياسيِّ بقدر ما هو مرتبطٌ بالتشرذمِ والاختلافاتِ البغيضة بين المسلمين أنفسهم .. ومِنْ عجبٍ أنَّ أُناساً دينهُم واحدٌ لكنَّهُم شِيَعٌ متفرقون باختلافِ مواطنِهم التي نزحوا منها واختلافِ مذاهبِهِم العقائديةِ والفقهية ، وتعصبِ كلِّ فصيلٍ لمرجعيتِهِ ومن ثَمَّ فلا توجدُ قيادةٌ تجمعُهُم وتمثّلُ قوةَ ضغطٍ على صانع القرار الكنديّ مثلما هو الحال مع جماعاتِ اليهود أو السيخ الذين تتلونُ السياسةُ هنا بما يشتهون ... أخبرني أحدُ الدُّعاة أنَّهُ قد دُعِي بصحبةِ عددٍ من قيادات التجمعات الاسلامية الى لقاءٍ شعبيّ شمل طوائفَ شتى من المجتمعِ الكندي للالتقاءِ برئيسِ الوزراء الكندي ولأنَّ قادة المجموعات الإسلامية كانوا بالعشرات فقد طلبَ منهم رئيسُ الوزراء اختيارَشخصٍ واحدٍ من بينهم للحديثِ باسمِهِم إذِ الوقتُ لا يمكِّنُهُ من الاستماعِ اليهم جميعا، فأُسْقِطَ في أيديهم ولم ينجحوا في الإجماعِ على من يمثلهم فتجاوَزَهُم الى غيرِهم !! حتى على مستوى الأقليات المسلمة في دولةٍ غربية لسنا قادرين على التوحُّد !! فكيف إذن نتوقعُ احتراماً وتقديراً من الآخرين ؟؟ لقد نجحنا بامتياز في نقلِ أمراضِ مجتمعاتنا العربيةِ والإسلامية ويبدو أننا لم ننسَ حينَ توجَّهْنَا إلى هذه البلاد أنْ نُضَمِّنَ حقائبَنَا أمراضَ التعصُّب والتشرذم ، والنتيجةُ جموعٌ مهلهلةٌ لا مُمَثّلَ لها ولا قوةَ ظغطٍ ولا اعتبار، وأجيالٌ جديدةٌ في مَهَبِّ الرِّياح !! [email protected] جانب من تظاهرة المسلمين أمام مبنى المجلس التشريعي في أونتاريو للتنديد بفرض تدريس الجنس في المدارس اللافتة تقول : نعم للرياضيات .. لا للاستمناء .. نعم للعلوم .. لا للجنس من العدد المطبوع من العدد المطبوع