«حلم عزيز» تيمة فنية جديدة قدمت مرات قليلة في السينما المصرية منها فيلم «بابا أمين» للمخرج يوسف شاهين و«طريد الفردوس» لفريد شوقي لذالك تأتي تجربة الفنان أحمد عز محاولة جيدة للخروج عن المألوف وتقديم موضوعات فانتازية تقترب من الميتافيزيقا «ما وراء الطبيعة». ورغم جمال الفكرة إلا أن الخلل في تنفيذها كان واضحا، فقد شعرت كأنني في كابوس أثناء مشاهدتي للفيلم ولم أر ابتسامة واحدة علي شفاه الجمهور، واذا كان الضحك عدوي خاصة داخل الأماكن المغلقة الا انها خاصمت جمهور «حلم عزيز» وجاءت الضحكة عزيزة المنال. وربما يرجع ذلك الي كم الاستظراف الزائد عن حده الذي أصر صناع الفيلم علي اتحافنا به وتكمن أزمة الفيلم في أن صناع العمل كانوا يريدون تقديم عمل مبتكر وجديد، ولكن يبدو أنه من كثرة الاهتمام الزائد بالفكرة جعل الفيلم يظهر بشكل مصطنع وليس تلقائيا وهذا مايجعلنا نقول أن «حلم عزيز» عمل فني جديد ولكن.... ليس بالجيد. علاقات متعددة «عزيز» رجل أعمال فاسد أناني لا يحب سوي نفسه، يبني أحلامه علي حساب الآخرين، متعدد العلاقات النسائية. يحلم في منامه بحلم يقلب حياته رأسا علي عقب، حيث رأي والده المتوفي يطلب منه أن يذهب معه و يصعد ثلاثون درجة سلم ولكنه صعد درجتين فقط واستيقظ وعندما ذهب للشيخ لتفسير الحلم علم منه أنه أمامه ثماني وعشرون يوما ثم يموت، ويجب أن يتصالح مع كل من أخطأ في حقه حتي يمحو جزءا من ذنوبه ليكون جاهزا للموت في أي لحظة دون ذنوب ليضمن دخول الجنة. إبداع جديد كتب السيناريو «نادر صلاح الدين» وهو مؤلف موهوب ومتنوع في موضوعات افلامه فلا تجد لديه قصة تشبه الأخري وان كانت الكوميديا تغلف معظم أعماله. وفي «حلم عزيز» حاول نادرأن يطرق باب الفلسفة والفانتازيا في آن وهي فكرة جديدة ومبتكرة ومشوقة، ففكرة الثواب والعقاب، والجنة والنار لم تقدم كثيرا في السنوات الأخيرة، فالموضوع جرئ يتعامل مع العالم الآخر بشكل صريح ومباشر، وقد ظهر ذلك من خلال مشاهد النار أو الجحيم وظهور مجموعة من الرجال يسيرون وكأنهم فوق الصراط المستقيم في محاولة لبث الوعظ في قلوب الناس وتحذيرهم من خطاياهم. فالانسان يجب أن يكون توابا دائما، ويتذكر الله ليس فقط عند الشدة أوعند معرفته أن نهايته قد اقتربت لذلك قلت أن الموضوع جيد ولكن ظلمه التنفيذ اسقاطات سياسية حاول المؤلف زج الاسقاطات السياسية داخل أحداث الفيلم ليساير الحادث علي الساحة السياسية دون مبرر درامي حقيقي. فمثلا الاحداث تدور في شهر فبراير والبطل أثناء الفيلم يقول سوف اتنحي آخر الشهر مشيرا بذلك الي تنحي الرئيس السابق ومشهد مباراة كرة القدم ونزول رجل يرتدي جلبابا الي أرض الملعب الذي جسد دوره الفنان محمد الصاوي مثلما حدث في احدي مباريات الكرة وهي ما أطلق عليها "موقعة الجلابية " والمفاجأة الكبري ظهور القذافي في حجرة انتظار الدخول الي الجحيم لكي ينال عقابه فجاءت الاسقاطات السياسية واضحة وصريحة. أداء مسرحي أحمد عز «عزيز» أثبت أنه اكتسب نضجا فنيا في اختيار الموضوعات الفنية الجديدة وتغيير جلده من فيلم لآخر حتي يبرهن أنه فنان قادر علي تقديم نوعية مختلفة من الأدوار وليس أدوار الجان فقط. تظل مشكلة عدم التحكم في تون الصوت عند عزعقبة أمامه يجب أن يتغلب عليها، كما أن الأداء التمثيلي كان مبالغا فيه فهو أقرب للأداء المسرحي وليس السينمائي، وللأسف كانت مشكلة أغلب ممثلين الفيلم فكان الأداء مبالغا والصوت مرتفعا وكأننا نشاهدهم علي خشبة المسرح وليس علي شاشة السينما. شريف منير «والد عزيز» في دور لم يقدمه من قبل فقد أجاد تقديمه رغم أنه يملك أداء أفضل وأتساءل لماذا يقبل شريف منير هذا الدور؟ الذي لم يضف اليه الجديد.فهو يتمتع بقدر من النجومية يجعله في غيرحاجة الي هذه الأدوار والتي لم تضف اليه. خاصة المهاترات والأفعال الصبيانية التي قدمت ضمن أحداث الفيلم كمشهد المبارزة بالسيف وارتداء ملابس النينجا حتي انني تذكرت «أين أشيائي» في فيلم «لا تراجع ولا استسلام» فقد جاءت سخيفة وساذجة و لا تتناسب وقدرات شريف، وقد تخيلت أنني سوف أري مباراة فنية رائعة كما رأيت في «اولاد العم». محمد عادل امام «تامر» زوج شقيقة عزيز يجب أن يخرج من جلباب أبيه ويستقل بذاته ويبعد عن أداء الزعيم المصاحب له في كل أعماله. مي كساب «ماجدة» سكرتيرة عزيز لايضيف لها الدور أي جديد بل ظهرت بشخصية «شوقية» ولكن بملابس أنيقة وظل أداؤها كما هو لا يتغير ممزوجا بالاستخفاف والاستظراف الزائد، وهي للمرة الثانية علي التوالي تسير في منوال الخطأ، ففيلمي «حظ سعيد» و «حلم عزيز» لم يضيفا لها شيئا علي الاطلاق ولم يقدمواها بشكل مختلف . وجوه شابة افضل ما في الفيلم اعطاء الفرصة للوجوه الجديدة للظهور علي الشاشة الفضية. فميريت «التي أدت دور زوجة عزيز» كانت مقبولة في أولي أدوارها فلديها موهبة تبشر بظهور فنانة صاعدة جديدة علي الساحة الفنية. رانيا منصور «سامية شقيقة عزيز» فلم أر كما من التكلف و الاصطناع والاستظراف في الأداء من قبل بقدر ما شاهدته في أدائها بمحاولتها تقليد الفنانة الجميلة «نيللي» وتقمص روحها وتسريحة شعرها ودلعها ولكن هذا الدلع بلا معني وبه قدر كبير من السخافة ويسمي هذا تقليدا أعمي. ولا أعلم كيف تركها المخرج «عمرو عرفة» تصطنع هذا الأداء السخيف وبما انها في بداية مشوارها الفني فيجب عليها الابتعاد عن تقليد الفنانة نيللي وتستقل بشخصيتها لأن لا احد مثل الآخر، ولكي لا تضع نفسها في مأزق المقارنة تجعلها تخسر من الجولة الأولي. محمد علي رزق «قدم دور موظف السلفة» داخل الفيلم فهو فنان جديد موهوب يبشر بأن داخله امكانيات فنية من الممكن أن تضعه علي الساحة اذا اتيحت له الفرصة. ضيوف الشرف أما ضيوف الشرف أحمد رزق وحورية فرغلي فلسنا بحاجة لحشد نجوم فالفيلم يضم نجوما قادرة علي جذب الجمهور دون أن نحرق هؤلاء النجوم فالفيلم الذي يحشد نجوما كثيرة ليس له سوي مبرر واحد و هو محاولة اخفاء العيوب او الخلل الفني الذي بداخله وهذا بالفعل ما احتواه الفيلم. رغم الجهد الواضح والوقت الذي استغرق في تنفيذ مشاهد «الجرافيك» الا انها قدمت بشكل ممل وغير مبهر فكانت مشاهد الجنة سيئة وألوانها باهتة فبدت بصورة تقليدية جدا حتي في مشاهد النار شعرت بأنني أشاهد ألعاب «البلاي ستيشن» وكنت متوقعة انني سأشاهد ما لم أشاهده من قبل بسبب تصريحات صناع العمل عن هذة المشاهد، ولكنني صدمت عندما شاهدت الجرافيك داخل الفيلم وكان من الأفضل التصوير في أماكن طبيعية بدلا من التصوير علي «الكرومة» حتي يستطيع الظهور بشكل لائق. صدمة صدمت عندما شاهدت الفيلم فأنا أعرف أعمال عمرو عرفة واتابعها جيدا ولكنني هنا لاأعلم لماذا غاب عن الفيلم ابداعه ولمساته الفنية المعروف بها، فهو لم يضف جديدا للفيلم... ولا الفيلم أضاف له شيئا لأعماله، فقدم الشبح مع أحمد عز الذي يظل هو الأفضل في "حلم عزيز" ترك زمام الأمور هذة المرة لأبطال العمل يتصرفون كما يشاؤن علي أمل تقديم ابداع جديد، فظهر العمل بشكل مخيب للأمال يغلب عليه السذاجة والسخافة والاستظراف كما أن الايقاع كان غير منتظما فجاء بطيئا في النصف الأول من الفيلم وقد عاب علي الفيلم ظهور كم الفتيات شبه العاريات بهذا الشكل دون مبرر، وكان عليه تقليص تلك المشاهد وتوصيل المعني بشكل أفضل حتي لا تخدش حياء العائلات فكرة العمل جيدة لكنهاكانت تحتاج إلي تنفيذ صارم وحزم للأمور حتي لا نري ما رأيناه فيأتي «حلم عزيز» الأسوأ من ضمن الأفلام التي قدمها المخرج علي الشاشة. وفي النهاية يتلخص فيلم «حلم عزيز» بأنه فكرة جيدة قدمت بتنفيذ سيئ وتمثيل مصطنع ليس أكثر من ذلك...