إعلام فلسطينى: شهيدان بقصف الاحتلال منزلا شمالي مخيم جباليا بقطاع غزة    الأمم المتحدة: ثلثي المباني في غزة تضررت أو دمّرت.. والإعمار سيستغرق سنوات طويلة    استئناف الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة بعد اعتدال الطقس    قوات الأمن تلقي القبض على إسلام البحيري    خالد جلال: فخور بافتتاح مسرحية الشهرة لفعاليات مهرجان المسرح بالعلمين    مقاتل في «القسام» يقنص جنديًا إسرائيليًا في رفح    لسوء الأحوال الجوية.. ريال مدريد يعلن تأجيل الكلاسيكو أمام برشلونة    «الحلقة الخانقة».. استراتيجية إيران التى تخشاها إسرائيل    الصناعة هى الحل!    هاتريك "القائد" هالاند يقود مانشستر سيتي للفوز على تشيلسي برباعية في 120 ثانية (فيديو)    معلق مباراة بيراميدز ضد زد في دوري "نايل"    مجانية.. تردد قناة الكويتية الرياضية ل مشاهدة مباراة ريال مدريد وبرشلونة في الكلاسيكو    بعد ارتفاعها 360 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 4 أغسطس بالصاغة (بداية التعاملات)    لينك سريع لنتيجة الثانوية العامة 2024 برقم الجلوس (علمي وأدبي) فور اعتمادها من الوزارة    من البداية للنهاية.. التفاصيل الكاملة لانهيار عقار الساحل بالقاهرة | فيديو    بالأسماء.. إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة ربع نقل بطريق طنطا كفرالشيخ الدولي    انتقامًا من والديه.. كشف غموض ذبح طفل في دمنهور    تحذير عاجل للمسافرين.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد (3 ظواهر جوية تضرب البلاد )    السيطرة على حريق في حدائق الأهرام    لإدارة السيولة قصيرة الأجل.. توسع مصرفى فى طرح حسابات الادخار ذات العائد اليومى    في حفل مخصص للعائلات.. وائل جسار يشعل مهرجان صيف بنغازي    «محققتش اللي بحلم بيه في الغناء».. ماذا قال رامي جمال بعد حفل مهرجان العلمين؟ (فيديو)    شريهان تخطف الأنظار في إطلالة كاجول (صور)    تعرف علي فضل الصلاة في جوف الليل    الخارجية السعودية تدين هجوما إرهابيا وقع في العاصمة الصومالية مقديشو    محافظ الإسماعيلية يتابع ميدانيا أعمال تركيب مجارى الأمطار "الجريلات" بنفق الثلاثينى    وزير الطيران: لا صحة لما تم تداوله عن بيع المطارات المصرية    تخفيض ضغوط المياه بالعصافرة والمطرية فى الدقهلية لتغيير محابس الخط    تأهب في إسرائيل.. وتفاصيل الاتصال بين وزير الخارجية ونظيره الإيراني.. فيديو    الحكومة الكندية تنصح رعاياها بعدم السفر لإسرائيل    تفاصيل مفاوضات الأهلى مع الشماخ.. وكواليس أزمة وكيله بالإمارات    حبس المتهمين بالبحث عن الكنز أسفل عقار بالتبين    بحضور وزيرة البيئة.. جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تحتفل بتخرج دفعة جديدة من «الطب البشري» (صور)    كلية التربية الفنية: 766 طالب وطالبة خضعوا لاختبارات القدرات    وداع وانسحاب.. ماذا قدم أبطال مصر في اليوم الثامن من أولمبياد باريس 2024؟    علاء فوزي: جوميز يريد الحكم على جميع لاعبي الزمالك.. ولا يرغب في ظلم أحد    عمرو أديب: اللاعبة الجزائرية أنثى منذ ولادتها ولم تتحوّل جنسيًا    عمرو أديب عن حادث وفاة 4 منتجين: الوسط الفني المصري يعيش حالة صدمة    نقيب الصحفيين يشارك في إحياء الذكرى ال70 لرهبنة البابا شنودة    أكثر انتشارًا لدى النساء، تعرف على أعراض قصور ونشاط الغدة الدرقية    لأول مرة.. حزب الله يستهدف مستعمرة بيت هيلل بعشرات الصواريخ    أوقاف دمياط تنظم ثاني فعاليات محاضرات الأئمة ضمن مبادرة حياة كريمة    وزير الدفاع يشهد اليوم العلمى للكلية الفنية العسكرية    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 4 اغسطس 2024    حظك اليوم برج الحمل الأحد 4-8-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    إعلان قوائم مؤسسات «التعليم العالى» المعتمدة استعدادًا لبدء التنسيق    أدعية للنجاح والتوفيق لطلاب الثانوية العامة    تحرير 12 محضر إشغال وضبط تكاتك مخالفة للسير عكس الاتجاه بالمنوفية    «الصحة»: سرعة توفير نواقص الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات    لطلاب الثانوية العامة..كيف تقلل التوتر والقلق قبل ظهور النتيجة؟    الصحة تعلن إطلاق البرنامج التدريبي الميداني في الوبائيات للصحة الواحدة    مؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية يبدأ أعماله في مكة المكرمة.. اليوم    لتوفير فرصة عمل.. «مشرعك» يقدم قروض بأكثر من 3 مليارات لشباب الشرقية    طريقة تحضير الكوكيز بمكونات بسيطة وطعم لذيذ في دقائق    أستاذ موارد مائية يكشف عن أزمة جديدة بعد انتهاء ملء سد النهضة    ما حكم إنفاق المرأة على المنزل من مالها الخاص.. أمين الفتوى "فضل وليس واجب"    من أعظم الأمور.. داعية إسلامي يوضح فضل بر الوالدين    مفتي الهند يدين الإساءة للسيد المسيح في افتتاح أولمبياد باريس: لا يجوز الإساءة لأي نبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وائل غنيم يكتب رسالة إلى المشير حسين طنطاوي
نشر في الجريدة يوم 11 - 09 - 2011

نشر الناشط السياسي، وأحد مديري صفحة "كلنا خالد سعيد" التي ساهمت بشكل كبير في إشعال شرارة ثورة 25 يناير، رسالة وجهها إلى المشير حسين طنطاوي عن مجريات الأحداث منذ تنحي مبارك وحتى الآن، مستطلعًا ما يمكن فعله في المستقبل حتى نتخطى المرحلة الإنتقالية الحالية، فيما يلي نصها:
أكتب إليك رسالتي بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على انطلاقة ثورة 25 يناير، أكتب مستلهما كتب التاريخ والوثائق التي عكفت على قراءتها خلال الأسابيع الماضية لأعرف تاريخ ثورات بلادنا وأتعرف على كافة أبعادها بعيدا عن صفحات الكتب الدراسية التي فرضت علينا رأيا واحدا وهو رأي من حكمها لعشرات السنين.
أراد الله لي دون رغبة مني أن أكون واحدا من وجوه كثيرة ارتبطت في الأذهان بأحداث الثورة بعد خروجي من المعتقل الذي قضيت فيه فترة قصيرة لا تقارن بغيري من عشرات الآلاف الذين قضوا سنوات وشهور في السجون أو فقدوا حياتهم لا لشيء إلا لأنهم نادوا بوقف نزيف الوطن وإنقاذه من الهاوية. أكتب وأنا أتخيل ابني يقرأ هذه الرسالة بعد ثلاثين عاما من الآن فأستشعر تبعات ذلك من مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتقي.
حرص النظام الفاسد الذي نشأ آباؤنا فيه على أن يصبحوا مفعولا به لا محل له من الإعراب، علمهم أن يرددوا أمثالا من قبيل: "كل عيش وخليك في حالك"، و"من خاف سلم"، و"امشي جنب الحيط"، و"الجبن سيد الأخلاق"، وزرع في قلوبهم الخوف من قمع الأجهزة الأمنية، وكان من نتيجة تلك السلبية تشويه الحياة المصرية، فأسست ديموقراطية ورقية وانتخابات صورية وأحزاب كرتونية ووسائل إعلام تعبيرية وأنشأت السجون والمعتقلات لمن قرر أن يسير ضد هذا التيار.
ديموقراطية جعلت من رؤسائنا على مر السنين يفوزون في استفتاءات وانتخابات هزلية بنسب وصلت إلى 99.99%. ولكن المراقب المحايد لثمار ما فعله ذلك النظام في بلادنا يعلم جيدا أن ما حدث لم يكن سوى جريمة في حق أجيال خرجت للنور ولم ترى سوى رئيسا واحدا حدث في عصر نظامه الأمني القمعي ازدياد قياسي في نسب الفقر والفساد والبطالة والجهل. جريمة جعلت من مئات الآلاف المصريين يتقدمون سنويا إلى يانصيب لعلهم أن يكونوا من أصحاب الحظ ويهاجرون بدون رجعة من وطنهم إلى وطن جديد يحترم آدميتهم ويقدم لهم فرصة الحياة الكريمة.
في الحادي عشر من فبراير خرجنا جميعا نحتفل بالانتصار على نظام اعتقدنا أننا أسقطناه، وبدأنا جميعا بعد أن تخلصنا من كابوس جاثم على صدورنا في أن نحلم، وقضى الكثير من الشباب الأيام تلو الأخرى في زيارات واجتماعات لانتاج أفكار تعالج المشاكل الجسيمة التي تعيشها بلادنا، استشعر الكثير ولأول مرة في حياتهم أن مصر عادت لهم، وأنهم الآن مسؤولون أن يضعوا بلادهم على الطريق الصحيح. ومبادرات لا نهائية على الإنترنت بعضها خرج من شباب لم يتجاوز ال 16 عاما والتي رغم بساطتها إلا أنها كانت تؤكد على أن أكبر جريمة هي تلك التي اقترفها نظام حكمنا ثلاثين عاما لا يحاول إلا بث الخوف والرعب من التغيير وتخوين كل من يخالفه والاستئثار بموارد الوطن لصالح منظومة الفساد التي صنعها وأدارها بمهارة منقطعة النظير.
مضت الأسابيع والشهور، ولم تتغير طريقة إدارة البلاد تغيرا جذريا تحت دعاوى الاستقرار حتى لو كان استقرارا في القاع. وغاب الحوار مع الشباب الغاضب بسبب البطء الملحوظ في تحقيق مطالب الثورة التي يفخر المجلس في كل بيان له أنه قد حماها، وتم القبض على بعضهم وذهبوا إلى السجون الحربية بعد محاكمتهم عسكريا في ذات الوقت الذي يحاكم فيه كل قادة النظام السابق محاكمات مدنية عادية برغم فداحة الجرائم التي ارتكبوها في حق الوطن بل ووصل الأمر لازدياد لغة التخوين والاتهامات بالعمالة لبعض من يعارض سياسات المجلس العسكري بحجة محاولة الوقيعة بين الشعب والجيش على الرغم من أن الكثير من هؤلاء كانوا في الصفوف الأولى في ثورة وصفها المجلس العسكري بأنها من أعظم اللحظات التاريخية في حياة الوطن.
لعلكم تعرفون أكثر مني أن النظام ليس أشخاصا فحسب، النظام هو "فكر" و"أسلوب عمل"، وما لاحظه الكثير من الشباب أن الثورة استطاعت تغيير بعض الأشخاص ولكنها لم تنجح بعد في فرض تغيير حقيقي بقوانين وقرارات ثورية تضمن وضعنا على الطريق الصحيح. فحتى ما تم إلى الآن من مطالب مشروعة للثورة لم يكن ليحدث أغلبه سوى بضغط التظاهر والاعتصام في ميدان التحرير.
إن كل يوم يمر بدون وضوح لخارطة طريق وتغيير جذري في أسلوب إدارة بلادنا يصيب مجموعات أكبر من الشباب بالاحباط ويدفع بعضهم إلى تصعيد نتيجته تدخلنا جميعا في طريق مجهول غير مأمونة عواقبه. إن التجارب في العالم بأسره أثبتت أن الدول الديموقراطية هي الأقدر على الاستمرار والنهوض، وأننا الآن في عصر أصبح فيه من المستحيل استمرار سياسات القمع وبث الخوف للسيطرة على الشعوب في ظل تطور وسائل الاتصالات الحديثة، ولذا فالأمر في النهاية محسوم لصالح الشعوب لا الأنظمة الدكتاتورية.
إن لديكم كمجلس عسكري فرصة تاريخية للمساهمة مع الشعب الذي انتفض ليثور أن تبدأ مصر في السير على الطريق الصحيح. ولدينا كشباب مثقف محترف في شتى المجالات فرصة تاريخية لأن يقدم كل واحد منا أفضل ما لديه لتحقيق نهضة مصر، ولكن الأمر مرهون بتغيير حقيقي، تغيير في طريقة الفكر وليس الأشخاص، تغيير في الاستراتيجية وليس التكتيك، تغيير يحقق العدالة الاجتماعية والحرية التي نحلم بها بعد عقود من الظلم والقمع.
نريد منكم كسلطة اكتسبت شرعيتها من ثورة قام بها الشعب أن تعلنوا لنا وبشكل سريع جدولا زمنيا محددا لتسليم السلطة بشكل كامل من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية تحكم كافة مجريات الأمور في البلاد ينتخبها الشعب وذلك عبر تحديد مواعيد وآليات تجمع عليها القوى الوطنية لانتخابات مجلسي الشعب والشورى والرئاسة. نريد منكم بشكل عاجل تدخلا حاسما وفعالا وحقيقيا في إعادة بناء المنظومة الأمنية على أساس من احترام حقوق الإنسان والتي بدونها قد لا ننجح في تحقيق أهداف الثورة، ونريد منكم أن تعملوا على إعادة الثقة مرة أخرى بينكم وبين جموع شباب الثورة الغاضب بسبب استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين الذين من حقهم الأصيل أن يتم مقاضاتهم أمام قاضيهم الطبيعي لأن استمرارها إهانة لثورة قامت في الأساس ضد قمع الحريات والتعامل مع المواطنين في ظل قوانين استثنائية تنال من حقوقهم.
نريد منكم تصحيحا سريعا للخطاب الإعلامي الرسمي يبعث الأمل في نفوس أبناء الوطن ويشحذ الهمة لإعادة البناء والتبشير بمستقبل باهر بعد استكمال التحول الديموقراطي وأن يحرص المجلس العسكري في خطاباته ألا يركّز على لغة التآمر والتخوين وبث الخوف والتحذير من المجهول فلغة التفاؤل والأمل هي الطريق الوحيد لصنع النهضة، نريد منكم أن يتواصل المجلس العسكري ومجلس الوزراء بشكل مستمر مع أبناء الوطن عبر وسائل الإعلام وأن يتسم هذا التواصل بالشفافية ومراجعة ما تم إنجازه وأن يعترف المسؤولون على غير ما تعوّدنا بأي أخطاء تحدث وآلية تصحيحها فالغموض وغياب الشفافية يولّد المزيد من الاحتقان، نريد منكم أن يكون لدينا حكومة قوية لديها كل الصلاحيات ولا تحتاج لاستئذان أحد في أن تبدأ في اتخاذ قرارات ثورية لمحاربة الفساد المستشري داخل المؤسسات الحكومية، نريد منكم حماية حقيقية للثورة بأن تبادروا بإجراء تغييرات جذرية في سياسات تعود بالنفع على البسطاء الذين استبشروا خيرا بالثورة في أول أيامها والآن يتساءلون: "ما الذي استفدناه منها؟" ولنبدأ بمشكلة الدعم الذي لا يصل أغلبه لمستحقيه فكلنا نعلم كم المليارات المهدرة بسبب ذلك، نريد منكم أن تؤمنوا أن الشباب الذي أبهر العالم بثورته بيده الكثير من الحلول وأن تعطوهم فرصة يستحقونها لقيادة مسيرة الوطن.
أعلم علم اليقين أن الكثيرين من أبناء مصر الذين حلموا بمستقبل أفضل لأبنائهم فقرروا تعريض حياتهم للخطر ومواجهة نظام بصدور عارية ورأوا أقرانهم يموتون أمام أعينهم وهم يحلمون بحرية ونهضة وطنهم لن يقبلوا أن يقرأ أبناؤهم وأحفادهم أننا فشلنا جميعا في تحقيق هذا الحلم النبيل.
وائل غنيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.