يفرض مجتمع الصعيد على نسائه العديد من القيود من خلال العادات والتقاليد السائدة التى لا يسمح لهن بالخروج عليها، هكذا وصفت سهيلة سيد، الفتاة الصعيدية صاحبة الثلاثة وعشرين عامًا، وتدرس بكلية الحقوق جامعة جنوب الوادي، فهى مثل أى فتاة تريد أن يكون لها مشروع خاص بها، وتحقق حلمها وتسعى إليه وتكسر كل الحواجز والعادات والتقاليد التى خلقها المجتمع الصعيدي. تقول سهيلة، إنها كانت تحب الورد كثيرًا وكانت دائما تذهب إلى محلات الزهور لشرائها وإهدائها لأصدقائها، ولاحظت أنه ليس حبًا عاديا، فقررت في عام 2011 أثناء دراستها بالمرحلة الثانوية شراء الزرع وزراعته داخل المنزل، وزراعة أشجار أمام البيت، وبعد ذلك تطور الأمر، فبدأت الذهاب لمحلات الزهور وصنع باقات الزهور لنفسها وأصدقائها في المناسبات كافة، وتختار الألوان مع صاحب المحل، وتعلمت كيفية تنسيق باقة الزهور بإضافة سحرها الخاص، فبدأت تكتشف أن لديها شغفا بالزهور الطبيعية، وبعد ذلك علم كل أصدقائها بشغفها، وعندما عرفوا بهذا الأمر أصبحوا في أى مناسبة يطلبون منها تجهيز باقة زهور ويتركون الأمر لذوقها ولمستها السحرية. وفى عام 2013، عرضت على صاحب المحل الذى كانت تتعامل معه طوال عامين أن تتدرب معُه دون مقابل مادي، لاكتساب مهارات جديدة، وحتى تستغل ما تتعلمه في إقامة مشروع خاص بها بعد التخرج في الجامعة، وبالفعل وافق صاحب المحل، وبدأت العمل كل يوم من 9 صباحًا حتى 12 مساءً، وكان العمل مُرهقًا جدًا، ولكن اكتسبت منهُ خبرات كثيرة، ثم تركت العمل بمحل الورد. ولكن شغفها بحلمها كان أقوى من الظروف التى مرت بها، ساعدها على التحدى ومواصلة طريق النجاح، وبدأت حينها بالتعلم من خلال الإنترنت، وقامت بالبحث عن أشكال لباقات زهور مختلفة، ومتابعة المحلات المختصة ببيع الزهور، وظلت حتى نهاية 2014 تواصل تعلمها من خلال الإنترنت، حتى التحقت بالجامعة، فتركت المجال ثم عادت مرة أخرى للعمل بمحلات الزهور في عام 2015. وذكرت سهيلة، أنها في عام 2016، بدأت الاشتراك في أعمال تطوعية، وفى يوم اجتمعت هى وأصدقاؤها لجمع أموال لعمل معرض صغير يتضمن عرض الأعمال اليدوية، ومن ثم اقترح أصدقاؤها عمل معرض للزهور، وبالفعل قاموا بذلك، ولاقى نجاحا ساحقا، ولأن أى نجاح تقابله صعوبات؛ فقد تعرضت سهيلة إلى حادث أدى إلى تلف الزهور التى كانت معها بالسيارة أثناء ذهابها إلى المعرض، فاضطرت لتحضير غيره، ولكن القدر وقف بجانبها في ذلك اليوم ليخلق ذكرى جميلة لا تنسى في طريق كفاح سهيلة، حيث كان أول معرض لبيع الزهور الطبيعية في قنا، وتواصلت بعد ذلك في عمل مثل هذه المعارض في المناسبات والأعياد. وفى منتصف عام 2017، قامت بتحقيق حلمها وفتحت أول محل لبيع الزهور الطبيعية في قنا بمشاركة اثنين من أصدقائها، وفى البداية قابلها الناس باعتراضات لعدم وجود ثقافة بيع الزهور في الصعيد خصوصًا أن من يقوم بذلك فتاة. وبعد نشر الفكرة وتقبلها، توترت العلاقات بينها وبين شركائها، وقاموا بفض الشراكة، وعادت حينها إلى نقطة البداية، ولكنها لم تيأس، واستطاعت أن تكمل مسيرة النجاح، وأن تجعل من حلمها شيئا جميلا يتردد على ألسن أبناء بلدها حتى أطلق عليها «سهيلة بتاعت الورد».