عم الإضراب الشامل أمس الأراضى الفلسطينية، حدادًا على أرواح الشهداء الذين ارتقوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلى خلال مسيرة العودة الكبرى التى انطلقت على حدود قطاع غزة، أمس الأول. وشمل الإضراب كل المدارس والجامعات والمؤسسات الأهلية والحكومية، تنفيذا لدعوة الرئيس محمود عباس باعتبار السبت يوما وطنيا حدادًا على أرواح الشهداء. وأغلقت المحال التجارية منذ ساعات الصباح الباكر أبوابها التزامًا بالإضراب، كما قررت حكومة الوفاق الوطنى تعطيل المدارس والجامعات فى مختلف المحافظات. واستشهد 16 فلسطينيًا وأصيب أكثر من 1500 آخرين برصاص الاحتلال فى اليوم الأول من مسيرة العودة، والتى تتواصل حتى 15 مايو ذكرى النكبة الفلسطينية، حيث تم تشييع جثامين الشهداء ظهر أمس. كما خرجت جنازة رمزية من مسجد الحاج نمر النابلسى بنابلس بعد صلاة الظهر، بدعوة من القوى الوطنية، للتأكيد على أن غزة ليست وحدها فى معركة العودة. وأعلنت الهيئة التنسيقية العليا لمسيرة العودة الكبرى انتهاء اليوم الأول من فعاليات المسيرة، داعيةً أبناء الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربيةوالقدس والداخل المحتل عام 1948 والشتات للمزيد من الانتفاض والمواجهة فى وجه الاحتلال. وآثار اعتداء الاحتلال على المشاركين بمسيرة العودة، واستخدام القوة المفرطة، حالة من الغضب والاستنكار الشديدين فى أوساط الفلسطينيين والعديد من الدول العربية، التى وصفت ما حدث بالخطير، وأنه يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، وجريمة ضد الإنسانية، محملةً «إسرائيل» المسئولية الكاملة عن التصعيد ضد غزة. وفى السياق، أخفق مجلس الأمن الدولى فى التوافق على بيان يدين قمع قوات الاحتلال الإسرائيلى للحراك الفلسطينى فى ذكرى يوم الأرض، بسبب اعتراض أمريكا، بينما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بإجراء تحقيق عاجل فى الأحداث. وقال مندوب الكويت الدائم لدى الأممالمتحدة السفير منصور العتيبى، خلال جلسة علنية طارئة لمجلس الأمن مساء الجمعة: إن بلاده تندد بأشد العبارات ممارسات الاحتلال التى أدت إلى سقوط شهداء وجرحى، وتدعو المجلس إلى التحرك لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وحماية المدنيين الفلسطينيين. من جهتها، اعتبرت حماس أن مسيرة العودة الكبرى التى انطلقت فى أكثر من محور المحتلة وشارك فيها أبناء الشعب الفلسطينى بمثابة «تشييعا لصفقة القرن إلى مثواها الأخير». وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبوردينة، إن الحراك الرسمى والشعبى الفلسطينى مستمر حتى نيل الحقوق المشروعة. وذكر أبوردينة، فى بيان له أن «رسالة الشعب الفلسطينى أمس كانت واضحة بأن الأرض الفلسطينية باقية لأصحابها الشرعيين». كما أشار أبوردينة إلى أن «الاعتراضات الأمريكية فى مجلس الأمن الدولى التى أدت لتعطيل قرار إدانة العدوان الإسرائيلى تشكل غطاءً لإسرائيل لاستمرار عدوانها على الشعب الفلسطيني». وتابع «استمرار الإدارة الأمريكية بنهجها الحالى بحماية الاحتلال وتعطيل كل المحاولات الدولية الرامية للضغط على الحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لوقف عدوانها وبطشها لن تزيد شعبنا إلا صمودا وثباتا على مواقفه». حمّل رئيس الوزراء الفلسطينى رامى الحمد الله، حكومة الاحتلال الإسرائيلى المسئولية الكاملة عن الاعتداءات التى ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطينى، كونها تطلق العنان لقواتها لتمارس القتل، والاعتداء على المتظاهرين العزل. وطالب الحمد الله فى بيان له المجتمع الدولى بمحاسبة «إسرائيل» على جرائم القتل التى ارتكبتها مع سبق الإصرار بحق أبناء الشعب. ودعا لاتخاذ قرارات حاسمة لإنهاء الاحتلال، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينى، كذلك حل قضايا الوضع النهائى وعلى رأسها قضية اللاجئين استنادًا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وأضاف «ننحنى لأرواح شهدائنا الأبرار الذين ارتقوا خلال إحياء الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد، ورووا بدمائهم الطاهرة أرض الوطن». وحيا «جماهير الشعب الفلسطينى الصامد الذين جسدوا إرادة الشعب على البقاء والصمود، وأبرقوا رسالة للاحتلال وللعالم أجمع، بأن شعبنا لن يرضى باستمرار احتلال وطنه ونهب أرضه، والاعتداء على مقدساته وارتكاب الجرائم بحقه». قال مركز المعلومات الإسرائيلى لحقوق الإنسان فى الأراضى المحتلة «بتسيلم»: إن إطلاق النار على متظاهرين عُزّل مخالف للقانون. وأضاف «بتسيلم» فى بيانه الصادر أمس، أنه «لا توجد حالة قتال بين جنود مدججين بالسلاح ومتظاهرين عزّل». وجاء فى بيانه «أن تعليمات إطلاق النار المخالفة للقانون والانصياع لها، هما ما أدى إلى هذا العدد الكبير من الإصابات فى قطاع غزة». وكان «بتسيلم» قال الخميس: إن الكارثة الإنسانية المتواصلة فى قطاع غزة جلها من صُنع أيدى إسرائيل، فإذا شاءت يتغير الواقع هناك فورًا ويتحسن وضع سكان القطاع بشكل ملحوظ». وتابع: «لكنّ إسرائيل اختارت الإصرار على سياستها، وهى التى حولت غزة إلى سجن كبير والآن عندما يعلن أسرى هذا السجن أنهم سيحتجون على هذا الواقع تمنعهم من ذلك وتهدد بالفتك بهم». كما ودعت الولاياتالمتحدةالأمريكية كل المعنيين إلى أخذ إجراءات لخفض التوتر عقب مهاجمة الاحتلال للمشاركين فى مسيرات العودة الكبرى على الحدود مع قطاع غزة. وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت فى تغريدة على «تويتر» أمس السبت، عن «حزنها البالغ» على قتل جيش الاحتلال الإسرائيلى ل16 فلسطينيًا على الحدود مع غزة فى ذكرى يوم الأرض. وأضافت «ندعو كل المعنيين لأخذ إجراءات لخفض التوتر». وتابعت، «أن المجتمع الدولى يركز على الإجراءات الواجب اتخاذها لتحسين حياة الفلسطينيين ويعمل على خطة للسلام، وأن العنف لا يخدم أيا من هذين الهدفين».