يعود تاريخ الرهبنة فى مصر على عهد القديس فرنسيس نفسه، عندما قام بزيارتها مع فلسطين، وأسس الإقليم الشرقى بهدف المحافظة على الأماكن المقدسة ورعاية الجاليات الأجنبية وبعثات الحج، ثم ظهرت الحاجة إلى إنشاء إرسالية جديدة من أجل مواصلة الحوار بين الكنيسة الجامعة والكنيسة القبطية الأرثوذكسية. الفرنسيسكان كان الطابع المميز لنيابة المرسلين الفرنسيسكان «فى خدمة الأقباط»، وقد تحدد ذلك فى الرسالة الرعوية للبابا بندكتوس الرابع عشر فى 4 مايو 1745، الذى بموجبه أنيطت بالرهبان الفرنسيسكان ثلاث مهام هى التبشير بالإنجيل وتوزيع الأسرار فى حالة نقص كهنة الأقباط الكاثوليك والاهتمام باستمرار الحوار مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وفى عام 1896 وبموجب البراءة البابوية التى أصدرها البابا لاون الثالث عشر بإحياء بطريركية الأقباط الكاثوليك، تخلت النيابة الرسولية الفرنسيسكانية عن لقبها، واعتبرت إرسالية عادية يرأسها رئيس دينى وكنسي، وقد استمر هذا الوضع حتى عام 1949، حيث طالب مجمع الكنائس الشرقية الرئيس العام للفرنسيسكان بألا يعتبر نفسه رئيسًا كنسيًا فقط، بل رئيسًا دينيًا وقانونيًا يمارس مهامه بالنسبة للرهبنة فقط، أما فى مجال النشاط الرعوى فكان عليه الخضوع للسلطات الكنسية المحلية. وفى عام 1893 تركت ثلثى مقارها للإكليروس القبطى الكاثوليكى الذى كان يرغب فى ممارسة نشاطاته مستقبلًا عن المرسلين اللاتين، ومن هذه المقار كنيسة ودير بدرب الجنينة التى تحولت إلى مقر البطريرك وكنائس طهطا وأخميم وجرجا وجامولا وفرشوط ونقادة، وفى سنوات لاحقة تنازلت أيضًا للطائفة عن كنائس أسيوط وحجازة، وتنازلت للآباء اليسوعيين عن كنيسة جراجوس وللآباء الكومبونيان عن كنيسة ودير أسوان. وما زال الرهبان الفرنسيسكان يقومون برعاية الكثير من الكنائس مثل دير ومزار العذراء بدير درنكه وكنيسة منفلوط فى أسيوط وكنائس نجع حمادى وفرشوط وقنا والطويرات وكنيسة الأقصر المخصصة لخدمة السائحين وكنيسة الرزيقات والمحاميد والرياينة وإسنا وكوم امبو. ويدير الرهبان الفرنسيسكان عدة مدارس منها مدارس الرزيقات وأرمنت الحيط والأقصر والطويرات ونجع حمادى ومدارس أسيوط ودير العذراء ومنفلوط ومدسة الفيوم، كما يديرون ملجأ للأيتام بالمقطم. وقد اهتمت الرهبنة بتأليف وترجمة الكتب الروحية واللاهوتية والعلمية وأشهر الكتاب هم الأب لويس برسوم والأب المرحوم جرجس نصرالله، ويذكر الأب المرحوم جامبيراردينى أبحاثه القيمة عن التراث القبطي، كما اهتمت الرهبنة بتخريج كثير من أساتذتها من الجامعات الأوروبية لكى يقوموا بالتدريس فى المعهد الإكليريكى بالمعادى أو معهد اللاهوت بالسكاكيني. الدومنيكان تنتشر رهبنة الدومينيكان فى أكثر من سبعة الآف راهب، هذا بالإضافة إلى الراهبات الدومينيكانيات المنتشرات فى البلاد كثيرة، وقد كرست البعض منهن أنفسهن للحياة التأملية صافية والصلاة من أجل الكنيسة والبشر ولمساندة كرازة أخواتهن الرهبان، أما البعض الآخر فيمزجن الصلاة بالعمل فى ميادين مختلفة منها تربية النشء وعلاج المرضى والإرشاد الاجتماعى الخ ... لقد رسم دومينيك لأخوته منهجًا ركز فيه على ضرورة الدراسة والتأمل فى كلمة الله فى الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة من أجل نجاح الكرازة، هذا بالإضافة إلى الصلاة الجماعية والفردية والتعاون بروح الأخوة المتواضعة ومحبة الناس حبًا صادقًا بدون رياء أو مصلحة. وحيث إن احتياجات الناس الروحية مختلفة باختلاف ظروف حياتهم لذا فقد عمل الرهبان الدومينيكان على التواجد فى أغلب الميادين التى يعيش فيها الناس، فهناك مثلًا من عمل فى مجال الفنون كالأخ الرسام إنجيليكو، وهناك من تولى مهمة الدفاع عن حقوق الهنود فى أمريكا اللاتينية وقت الاستعمار الإسبانى مثل الأخ لاس كازاس، كما كان هناك بعض العلماء مثل القديس البرت الكبير وتلميذه القديس توما الأكوينى اللاهوتي، وهناك المرشدون الروحيون للعمال والطلبة والمسجونون، وهناك الأدباء والصحفيون الخ ... وهدف هذا التنوع فى أساليب الكرازة هو تأكيد وصول بشارة الخلاص إلى أذهان الناس ودخولها إلى عمق قلوبهم. الدومينيكان فى الشرق بعد وفاة القديس دومينيك بفترة قصيرة، تأسس دير دومينيكانى فى القدس، فبالإضافة إلى سعى الأخوة الدومينيكان لخدمة الطوائف المسيحية المحلية، عملوا أيضًا على اكتشاف هذه الأماكن المقدسة التى عاش فيها المسيح، وفى خلال القرن الثالث عشر انطلق الآباء الدومينيكان من القدس إلى لبنان والعراق وبلاد الفرس، وفى عام 1237 أرسل الأخ فيليب رئيس دير القدس مجموعة من الرهبان لزيارة البطريرك القبطى فى الإسكندرية. وفى القرن السابع عشر جاء إلى مصر العالم الدومينيكانى الألمانى الأصل «فانسلب» وترك لنا مؤلفه الرائع «تاريخ كنيسة الإسكندرية» الذى يعتبر المرجع الرئيسى لمعرفة تاريخ المسيحية فى مصر، ولكن الرهبنة الدومينيكانية لم يصبح لها وجود مستمر فى مصر إلا فى القرن العشرين تلبية لرغبة الآباء الدومينيكان أساتذة المدرسة الكتابية بالقدس، تأسس مركز دومينيكانى فى القاهرة عام 1928، إذ إن أساتذة هذه المدرسة وتلاميذها كانوا كثيرًا ما يتوافدون على مصر لدراسة حضارتها، هذه الجماعة الدومينيكانية التى أتت لاستقبال الوافدين من القدس وسعت خدماتها الرسولية واضعة نفسها تحت تصرف الكنيسة المحلية. دون بوسكو السالزيان مضى أكثر من مائة عام على وصول الآباء السالزيان إلى مصر، وتأسست رهبنة الآباء السالزيان فى إيطاليا سنة 1859 ولكنها انتشرت فى العالم أجمع وأصبحت معروفة فى أكثر من 132 بلدًا وقد كان أول طلب قدم إلى رؤساء الرهبنة لإرسال السالزيان إلى مصر كان من الأب دانيال كمبونى «مؤسس رهبنة الكمبونيان» ولكن هذا الطلب لم يكن بالإمكان تلبيته فى ذلك الوقت، غير أن دون بوسكو «مؤسس الرهبنة السالزيانية» عبر عن رغبته فى تأسيس مركز للسالزيان فى مصر وإفريقيا كلها عندما قال قبل وفاته بعامين. «لو كنت شابًا لذهبت للعمل فى رأس الرجاء الصالح.. الخرطوم..القاهرة». هذا الحلم وهذه الرغبة لدون بوسكو تحققت فى سنة 1895 عندما وصل السالزيان إلى مدينة الإسكندرية وفتحوا بها ديرًا ومدرسة السالزيان. رهبنة الساليزيان اهتمت رهبنة الساليزيان أو دون بوسكو، وهى الرهبنة التى اهتمت بإنشاء مدارس صناعية وتكوينية للشباب إنسانيا، وروحيًا، وأخلاقيًا، واهتمامهم الأساسى التعليمى الفنى فأنشأوا مدرسة الإسكندرية أنشئت عام 1896- مدرسة القاهرة 1926.