لاول مرة منذ سنوات تتوحد جمعيات وشعب والعاملون في سوق المال المصري نحو مطلب وحيد وهو الا يكون هناك اجحاف اكثر من ذلك للبورصة المصرية التي تعاني من وهن شديد منذ سنوات طالت واضعفت مفاصل هذا السوق الذي كان يوما محورا رئيسيا لاقتصاد مصر، فبعد جولات من المفاوضات والزيارات والدراسات و البيانات و بدعم صادق من هيئة الرقابة المالية وإدارة البورصة الذان تكاتفا بقوة تم استبعاد ضرائب علي شاكلة ضريبة الطرح الاولي و ضريبة التوزيعات و ضريبة الاستحواذ و غيرها تبقت فقط ضريبة الدمغة التي مازال جميع العاملين بالسوق يقاتلون باستماتة نحو عدم استمرارها . البعض قال إن السوق قد تجاهل قرار الشوري بفرض ضريبة دمغة علي التعاملات الا انه من المؤكد ان اثر فرضها سيظهر بصورة حقيقية عندما يصدر القانون بصورة نهائية و يتم تحديد موعد بدء العمل بها لهذا فيجب ان يعلم المشرع ان هناك ضرورة للنظر في الحفاظ علي تنافسية الجاذبية الاستثمارية المتاحة لدي قطاعات الاستثمار في الدولة مع العمل علي تنميتها قدر الامكان فالسياسات المالية اذا لم تتعامل بحرص مع قطاعات الاستثمار فانها قد تسبب في انكماش اقتصادي فالمبدأ الاساسي الذي نري ضرورة الالتزام به هو ?عدم خضوع التعاملات في البورصة للرسوم اسوة بما هو متبع في جميع الاسواق الناشئة المنافسة لمصر في اجتذاب المستثمرين?. ان مثل هذه الرسوم تفقد البورصة المصرية تنافسيتها بين الاسواق الاخري المماثلة فكل دول المنطقة و اغلبية الاسواق الناشئة تعفي التعاملات والتصرفات التي تتم داخل اسواق المال من اي ضرائب او رسوم لتشجيعها لهذا فقد يتسبب هذا الرسم في هروب الاسثمارات من سوق المال المصرية بما يضر جذريا بحجم الاستثمارات الخارجية و الداخلية المستهدفة مما يؤدي إلي انخفاض الوفورات التي كانت تتولد بالسوق و لا تؤدي في النهاية للحفاظ علي استقراره و بقاء دوره كمصدر تمويل اساسي للاستثمار في مصر . وليس خافيا علي احد ان هذا الرسم يأتي في وقت يعاني فية السوق عدة مشكلات هيكلية مثل ( ضعف الجاذبية الاستثمارية عدم الاستقرار نقص السيولة انخفاض احجام التعاملات ضعف الاستثمار المؤسسي خروج العديد من الشركات العملاقه من القيد بالبورصه المصريه )وهو امر قد يؤدي إلي الإخلال بمبدأ العدالة في توزيع الأعباء العامة للمستثمرين نتيجة تأثر هذه الصناعة الحيوية بمثل هذه الرسوم الجديدة وان أثر الرسوم علي الاستثمار يعتمد علي مدي الزيادة التي يحدثه فرض الرسم علي الاستثمار العام بسوق الاوراق المالية فرسم الدمغة الجديد لن يؤدي إلي زيادة الطلب العام وبالتالي تعويض النقص في الاستثمار الخاص نتيجة لفرضه بينما يؤدي قيام الدولة بعدم فرضه إلي الحفاظ علي مستويات الاسثمارات الحالية علي اقل تقدير . يلاحظ أيضا أثر الرسم الجديد علي صغار المستثمرين الذين يعدون القطاع الاكبر في البورصة المصرية فإن فرضه علي ذوي الدخول المنخفضة للأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم علي الاستهلاك وكذلك علي الإنتاج وهو ما يؤدي إلي انخفاض مستوي الدخل القومي وبالتالي يؤدي ذلك إلي انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة، ولذا فعلي صانع السياسة المالية أن يراعي إحداث قدر من التوازن بين هدفين أساسيين هما، تشجيع الادخار والاستثمار من جانب وتحقيق العدالة الضريبية من جانب آخر ولذلك فعند فرض الرسم الجديد فان قيمة الحصيلة المتوقعة للدوله مع هذا القرار لا تتماشي مع حجم خسائر الاستثمار التي قد تترتب علي تأثيراته. إن تأثير الرسم إنما ينطوي في الحقيقة علي الحد من حجم الاستثمارات، كما أن فرضه يحتم علي الدولة زيادة إنفاقها الاستثماري للحفاظ علي استقرار سوق المال المصري لتعويض النقص في الاستثمار الخاص، وبصفة خاصة في القطاعات التي تأثرت بقرار فرض الرسم الجديد لذلك فان محدودية العائد من هذه الرسوم للدوله علي الاقل بالنسبة لما سيحصل من الشركات المدرجة بسوق الاوراق المالية المصرية لا يتماشي مع فقدان هذا الحجم من الاستثمارات المتوقع نتيجة لفرضها. ان انخفاض قيمة التداولات بالبورصة المصرية تجعل القيمة المستهدفة من تطبيق هذه الرسوم تتراوح سنويا ما بين 200-300 مليون جنيه فقط و هي حصيلة لا توازي الاثر السلبي الذي سيحققة فرض مثل هذا الرسم الضريبي علي التعاملات بسوق الأوراق المالية المصري كما ان الرسوم الحالية علي العمليات بالبورصة والتي تسدد لإدارة البورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة المالية وشركة مصر للمقاصة وصندوق حماية المستثمر مجتمعين اقل من نصف في الالف كما ان عمولات شركات الوساطة في الأوراق المالية تدور ما بين واحد واثنين في الالف فقط اي ان الرسم الجديد سيمثل زيادة في الأعباء علي المستثمرين تتراوح ما بين 40% و 65% من المعمول به حاليا مما قد يمثل عامل طرد للمستثمرين و انخفاضا في تنافسية السوق المصري كما انها تعد عبئا ضريبيا جديدا سواء علي الرابحين او الخاسرين في المعاملات . ان الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية يعتمد اساسا علي قدرة الاقتصاد المصري علي اجتذاب استثمارات سواء خارجية او محلية و بالتالي فإن اي اجراءات تقوم بها الدولة حاليا يجب ان تكون متجهة الي ذلك الغرض و ان اية فرض لاعباء جديدة علي المستثمرين ستكون عائقا لاجتذاب الاستثمارات المطلوبة . اننا نؤكد ان السياسات المالية يجب ان تتعامل بحرص مع قطاعات الاستثمار حتي لا تؤدي إلي انكماش اقتصادي نتيجة تراجع الاستثمار الذي يعاني من سياسات نقدية و ماليه انكماشية بالفعل نتيجة رفع أسعار الفائدة وزيادة الضرائب علي الارباح التجارية والصناعية، علي الرغم من أن مصر في حاجة ملحة إلي سياسات توسعية لتوفير فرص عمل لاستيعاب البطالة التي اتسع نطاقها.