جددت الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها تونس قبالة السفارة الأمريكية علي خلفية الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام المخاوف لدي العديد من المراقبين من تراجع القطاع السياحي في البلاد الذي يشكل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، غير أن مسئولا حكوميا قلل من انعكاساتها علي نمو هذا القطاع، واندلعت أعمال عنف ضد السفارة والمدرسة الأمريكتين بتونس منذ أسبوعين، أوقعت أربعة قتلي في صفوف المحتجين، وتبعا لذلك قلصت السفارة الأمريكية من طاقمها، كما شددت السفارة الفرنسية والألمانية من إجراءاتها الأمنية خشية اعتداءات مماثلة بعد نشر رسوم كاركاتورية مسيئة للإسلام في مجلة فرنسية، وأعرب المحلل الاقتصادي عبدالجليل البدوي عن مخاوفه من ركود قطاع السياحة جراء تصاعد ما وصفه بالتشدد الديني في البلاد، مشيرا إلي الغاء العديد من الحجوازت السياحية نتيجة الانفلات الامني الذي شهدته البلاد مؤخرا. وإزاء الانعكاسات المتوقعة لتراجع السياحة في البلاد حذر البدوي في حديث للجزيرة نت من أن تراجع السياحة سيؤثر مباشرة علي مستوي توفر العملة الصعبة والتشغيل وبقية المؤشرات الاقتصادية وأوضح أن تراجع قطاع السياحة سيضر قطاعات مرتبطة به علي غرار النزل ووكالات الاسفار والمقاهي والمطاعم، ويري البدوي أن نجاح قطاع السياحة مقترن بتوفر عنصر الأمن، وأوضح أن ما يسمعه الأجانب من تحركات المتشددين من شأنه أن يربكهم ويثنيهم عن زيارة المناطق التونسية، ولفت إلي أن المعضلة الكبري قد تكون بعزوف المستثمرين الأجانب عن تنفيذ مشروعات في تونس، ونددت سابقا الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار بهذه الاعتداءات التي بلغت حد تهشيم بعض الحانات والمطاعم والنزل التي تبيع الخمر، ورغم هذه الأحداث أبدي المدير العام للديوان التونسي للسياحة الحبيب عمار تفاؤلا بنمو السياحة التونسية مشيرا إلي أن المؤشرات تبرهن علي "استفاقة" القطاع الذي يشغل الآلاف، ووصف عمار الأحداث التي شهدتها تونس بانها سحب عابرة، وقال للجزيرة نت إن الارقام الأخيرة أثبتت أن قطاع السياحة قوي وقادر علي استرجاع نسقه العادي رغم بعض العثرات وقال إن مداخيل السياحة حققت نموا في الأشهر التسعة الماضية بنسبة 38% مقارنة بالعام الماضي بتحقيقها عائدات بأكثر من ملياري دينار "3.1 مليار دولار"، رغم تراجعها بنسبة 12% عن عام ،2010 حيث بلغت الإيرادات 5.3 مليار دينار "22.2 مليار دولار" قبل أن تتراجع عام 2011 جراء الثورة الشعبية التي شهدتها البلاد إلي 3.2 مليار دينار "45.1 مليار دولار"، وتفيد أحدث الاحصاءات بأن تونس اجتذبت منذ بداية العام الجاري وحتي نهاية الشهر الماضي نحو 2.4 مليون سائح أي بزيادة قدرها 34% مقارنة بالعام ،2011 ولكن بتراجع نسبته 14% مقارنة بالعام 2010 وقبل الثورة كانت تونس تستقطب سنويا نحو 7 ملايين سائح في العالم من بينهم مليونا ليبي و4.1 مليون فرنسي ومليون جزائري وشهد العام الحالي استقطاب تونس لسياح جدد من عدة دول أبرزها أوكرانيا، كما شهدت زيادة واضحة للسياح الروسي، فبلغ عددهم حتي نهاية الشهرالماضي منذ بداية العام 230 ألف سائح أي بزيادة واضحة للسياح الروسي، فبلغ عددهم حتي نهاية 38% مقارنة ب،2010 و فيما يتعلق بالتأثيرات السلبية لأعمال العنف الأخيرة علي الاستثمار السياحي، لم ينف عمار وجود تراجع في نسق النمو وعزا ذلك بالأساس إلي بعض العراقيل الإدارية، وقد أعرب عن أمله بأن يضخ مشروع "الديار القطرية" في صحراء محافظة توزرجنوب البلاد المنتظر انجازه قريبا بقيمة 80 مليون دولار دماء جديدة في الاستثمار السياحي. وأشار عمار إلي أن هناك استراتيجية تتعلق باصلاح قطاع السياحة الذي يعاني من مشكلات هيكلية مثل الاطار القانوني القديم وارتفاع المديونية وضعف المراقبة السياحية وتدني بعض الخدمات، وشدد علي أهمية تطوير الربط الجوي وتكثيف التنشيط السياحي علي مدار العام وتحديث الخدمات السياحية، وقال إن توصيات رفعت للحكومة الحالية لاصلاح القطاع.