الانخفاض الكبير في أسعار الأسهم المصرية دفع الكثيرين إلي ابداء مخاوفهم من عمليات استحواذ علي الشركات المقيدة في البورصة في ظل قانون قاصر عن حماية مصالح البلاد لعدم وجود استراتيجية واضحة للاستثمار الأجنبي في مصر. جاءت هذه المخاوف نتيجة لما عانت منه البلاد بعد بيع غالبية شركات الأسمنت لمستثمرين أجانب دون تدخل من الدولة رغم أهمية القطاع الذي يعد أحد أعمدة صناعة البناء في مصر. وفي ضوء هذه المخاوف طالب البعض بضرورة إعادة النظر في القواعد المنظمة لعمليات الاستحواذ خاصة أن القواعد المقررة في القانون والتي تمنح للمستثمر فرصة تملك أسهم في الشركات حتي نسبة 30% ثم يتقدم بعرض شراء إجباري لكامل أسهم الشركة من مبدأ حماية حقوق الأقلية. الاستحوذات في 2012 قال تقرير الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إنه نتيجة الكشف عن هياكل ملكية الشركات خلال الفترة الماضية فقد تم رصد العديد من حالات الاستحواذ علي حصص من أسهم الشراكات المتداولة بنسب تتراوح ما بين 5% و30% وتتوقع استمرار هذا الصفقات خلال عام 2012 في ضوء تطورات الأوضاع الاقتصادية والسياسية. وأكدت الجمعية أن مؤشرات السوق لا تزال في انتظار قوي شرائية فعالة مصاحبة بحجم تنفيذ مرتفع حتي تعاود التماسك خاصة، وأن القوي البيعية داخل البورصة قد غلب عليها الضعف مما يعني أنه يمكن تحجيم آثارها في حالة ظهور سيولة استثمارية جديدة. أضاف التقرير أنه من الضروري أن يتم تحفيز الاستثمار المؤسسي متوسط وطويل الأجل في السوق المصري خلال عام 2012 لضمان الحفاظ علي الاستقرار السوقي. وأكدت أن مستقبل البورصة المصرية خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهونا بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق ورغبة هذه الأطراف في مساندة السوق ودعمها حتي تجتاز هذه الفترة. أسعار رخيصة يري محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن العالم شهد عمليات استحواذ كبري خلال الفترة الأخيرة برؤوس أموال عربية وآسيوية غالبا في ظل حدوث تعثر في الأصول لعدد من الشركات الكبري بعد الأزمة الاقتصادية العالمية. وكشف أن تراجع البورصة المصرية الفترة الماضية مثل فرص الاستحواذ علي العديد من الشركات المهمة ،الاستراتيجية بأسعار رخيصة نتيجة التأثيرات السياسية والأمنية.. مشيرا إلي أن هذه العمليات عادة ما تتم في إطار قانوني يتيح تنفيذها خاصة في ظل تفتت هياكل ملكية العديد من الشركات والمخاوف لدي المستثمرين الأفراد بشأن طول فترة الاحتفاظ نتيجة عدم استقرار الأوضاع. ويضيف أن العديد من المؤشرات تؤكد أن الفترة الأخيرة تظهر أن ميول المستثمرين تتجه نحو اقتناص الفرص والصفقات الرخيصة، ويجب هنا التأكيد علي أن علميات الاستحواذ التي شهدتها السوق خلال الأعوام الماضية أدت إلي تدفق سيولة كبيرة نظرا لقيام هذه الشركات بعمليات إعادة هيكلة لتلك الشركات التي تم الاستحواذ عليها وتطوير خطوط إنتاجها مما أدي إلي زيادة طاقتها الإنتاجية وارتفاع الطلب علي الأيدي العاملة. ويقول إن ما ساعد علي توجه مؤسسات أجنبية لدخول السوق المصرية عدد من عمليات الاستحواذ هو الفرص المتاحة للاستثمار سواء كانت صناعية أو زراعية أو سياحية.. فرغم عدم الاستقرار السياسي إلا أن الشواهد تؤكد علي الاهتمام الدولي بالاستثمار في مصر خاصة إذا ما اتخذت الدولة خطوات أكثر جدية لمعالجة المنازعات القانونية في القضايا الاقتصادية. فرص استثمارية ويري محسن عادل أن الشركات الأوروبية والأمريكية بدأت تبحث عن موارد جديدة لها والدخول في نشاطات لها القدرة علي تحقيق أرباح، خاصة بعد أن بدأت تواجه منافسة شرسة مع الشركات الصينية والهندية والكورية التي بدأت تغزو إفريقيا كما أن أغلب الشركات العالمية بدأت تبحث عن بدائل من أجل إيجاد كيانات جديدة ناشئة لها القدرة علي تحقيق أرباح كبيرة من أجل تعويض خسائرها التي منيت بها أثر الأزمة المالية العالمية بحيث تكون نقطة انطلاق لها في أسواق أخري وفي مقدمتها إفريقيا التي أصحبت الملاذ الآمن لهذه الشركات نظرا لما تتمتع به هذه المناطق من ثروات معدنية وسوق استهلاكي كبير. لهذا فإن قطاعات مثل الأغدية والزراعة والدواء والبتروكيماويات والموارد الأساسية المصرية قد تكون خلال الفترة القادمة هدفا قويا لعمليات استحواذ مما يستدعي ضرورة تشديد الرقابة علي التعاملات خلال هذه الفترة. ويقول إن هناك قطاعات تلقي اهتماما خاصا في مقدمتها الرعاية الصحية والتعليم والسلع الاستهلاكية والنفط والغاز ومن المرجح أن تستفيد هذه القطاعات من خطط الانفاق الحكومي والتغييرات التشريعية وتعبتر قطاعات النقل والطرق ذات التعريفة المرورية والموانئ والطاقة قطاعات جذابة للمستثمرين لأنها تجلب مليارات الدولارات في الإنفاق الرأسمالي. ويؤكد محسن عادل علي أن عدة تقارير تشير إلي أن شركات الاستثمار في الملكية الخاصة تخطط للتوسع خارج المنطقة في دول مثل تركيا والهند وإفريقيا، أما في الشرق الأوسط، فقط أظهرت الدراسات أن شركات الملكية الخاصة تتوقع زيادة الاستثمار في كل من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يضاف إلي ذلك أن ندرة الشركات التي يمكن الاستثمار فيها والضوابط المفروضة علي شركات الملكية الخاصة المتعلقة بالاستحواذ علي الحصص لاتزال تعيق تدفق عروض الشراء. مخاوف أما وائل عنبة رئيس شركة الأوائل لإدارة محافظ الأوراق المالية فيري أن قانون سوق المال في حاجة إلي تعديلات نظرا لأن هذا القانون تم وضعه منذ سنوات وقبل أن يزيد النشاط بالسوق المصري كما هو الحال حاليا. وأوضح عنبة أنه وفقا وفقا لقانون سوق المال لابد للشركة أن تفصح عن هيكل الملكية بها كل 3 أشهر كما أن أي مستثمر يرفع حصته 5% لابد أن يفصح.. وعند الوصول إلي نسبة تزيد علي 30% لابد من التقدم بعرض شراء لنسبة 100% من الشركة وذلك من باب حماية حقوق صغار المستثمرين. أشار إلي أنه ليس هناك قواعد تمنع دخول الأجانب في قطاعات بعينها باستثناء الشركات المتواجدة في سيناء.. أما غير ذلك لا توجد قواعد أخري أو استراتيجيات للدولة تفصح عن القطاعات التي يسمح فيها بالاستثمار الأجنبي وبأي نسب.. بدليل أنه في الفترة الماضية انتقلت غالبية شركات قطاع الأسمنت إلي الأجانب دون أدني اعتراض من الدولة ومن جهاز المنافسة ومنع الاحتكار. وطالب عنبة بأن يتم وضع قانون جديد لسوق المال يمكن من الرقابة علي السوق بصورة أكثر فاعلية إضافة إلي حماية الشركات المصرية من استحواذات قد تضر بمصالح الوطن وفي نفس الوقت دون الاضرار بفكرة عدم وجود قيود علي استثمارات الأجانب لأن البلاد في حاجة حاليا إلي استثمارات محلية وأجنبية تدعم الاقتصاد. أما الدكتور هاني سري الدين رئيس هيئة الرقابة المالية الاسبق فيري أن القوانين في مصر تحمي الشركات المصرية خاصة أن هناك قواعد للافصاح عن أي استثمارات في الشركات تتجاوز 5%.. كما أن لدينا جهاز المنافسة ومنع الاحتكار الذي لابد أن يبدي رأيه في أي عملية استحواذ ومدي التزامه بقواعد منع الاحتكار. وأضاف أنه لا يمكن أن نضع قيودا علي الاستثمار أو علي جنسيات معينة فهذا قد يضر بالوضع الاستثماري في مصر.