تحذير شديد اللهجة.. وناقوس خطر تدقه البورصة المصرية وهي في ظل أزمتها وتدهورها المتواصل الذي لم يسبق له مثيل من قبل ، منذ اندلاع ثورة 25 يناير .. التي تسببت في تكبد البورصة المصرية خسائر فادحة بلغت أكثر من 180 مليار جنيه من رأسمالها السوقي حتي الآن التحذيرات ليست فقط في الخسائر ، وإنما في خطورة التوسع في عمليات الاستحواذ المنظمة التي تتم من قبل الأجانب علي أسهم شركات مصرية استراتيجية بعينها.. مستغلة في ذلك حركات البيع المكثفة التي تمت من قبل المصريين خلال الفترات الماضية ..مما يفتح الباب ويثير المخاوف من تزايد النفوذ الأجنبي واستحواذهم علي نسب كبيرة وحصص حاكمة في شركات حيوية،واحتكار قطاعات هامة ومؤثرة بشكل كامل مثلما يحدث حاليا في قطاع الأسمنت الذي أصبح مملوكا بالكامل لشركات أجنبية ونتج عنه هذا الارتفاع غير المبرر في أسعار الأسمنت رغم قلة التكلفة وكذلك قطاع الاتصالات والأخطر من ذلك أنهم يخططون حاليا لاحتكار سوق الدواء والنسيج والمطاحن مما يمثل خطورة كبيرة وعبثا بمقدرات الاقتصاد والأمن القومي المصري! انطلقت في الفترة الأخيرة تحذيرات كثيرة من قبل الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليين بشركات الأوراق المالية من عمليات الاستحواذ المنظمة التي تشنها الشركات الأجنبية علي أسهم الشركات المصرية الهامة والاستراتيجية بأبخس الأسعار، والدليل علي ذلك أن السوق المصري شهد في الأشهر الأخيرة عدة استحواذات كبيرة كان أهمها موافقة وزارة النقل المصرية علي صفقة استحواذ شركة موانئ دبي العالمية علي شركة تنمية ميناء السخنة الحائزة عقد امتياز إدارة الحوض الأول بميناء السخنة علي البحر الأحمر في شرق مصر، باستثمارات تبلغ نحو 1.3 مليار دولار. كما استحوذت شركة أبراج كابيتال علي معمل البرج بعدد 3.459 مليون سهم تمثل 76.8٪ من أسهم شركة معمل البرج مقابل 778.299 مليون جنيه، واستحوذ المستثمر الهندي بافاجوتو راجورام شيتي علي نحو 1.209 ملايين سهم من أسهم شركة الإسكندرية للخدمات الطبية (مركز الإسكندرية الطبي) بما يمثل 86.3٪ واستحوذ "بنك عودة مجموعة عودة سرادار" أكثريّة علي أسهم شركة "عربية أون لاين"، إحدي الشركات التابعة لمجموعة "النعيم القابضة". الاستحواذات الجديدة بين الشركات الكبري قد تكون دليلا علي ضعف الاقتصاد القومي، كما قد تكون دليلا علي قوته أيضا حسب طبيعة هذه الاستحواذات كما - يري سامح غريب المحلل المالي - إلا أن ذلك لا ينفي الخطر الكبير الذي قد ينتج عن مثل هذه الاستحواذات وهو اتخاذ الأجانب عمليات الاندماج للاستحواذ علي الشركات والقطاعات المهمة المؤثرة في الاقتصاد أو الأمن القومي، مثلما حدث في شركات الأسمنت التي أصبحت مملوكة بالكامل تقريبا لشركات أجنبية سواء ملكية كاملة أو مشاركة، وما نتج عنه من ارتفاع غير مبرر لأسعار الأسمنت رغم قلة التكلفة لوجود كل المواد الخام في المحاجر المصرية بسعر رخيص جدا. كما أن هذه الاستحواذات يمكن أن تكون لها دلالة علي قوة الاقتصاد عندما تجعل الشركات المصرية محط أنظار الشركات الكبري للاستثمار فيها، بمعني أن يكون الأجانب يريدون الاستحواذ علي الشركات المصرية لأنهم يرون أنها شركات ذات ربحية عالية مقارنة بالشركات الأخري في باقي البلدان.. ولكنه حذر في ذات الوقت من سماح الدولة بعمليات استحواذ استراتيجية كبيرة من قبل شركات أجنبية بما يؤدي إلي الاحتكار مرة أخري، كما حدث في شركات الأسمنت والذي تحاول الحكومة تصحيحه الآن بطرح رخص جديدة للأسمنت، لافتا إلي أنه يمكن التغلب علي هذا العيب بوضع سياسات وقواعد معينة تحول دون تحول الشركات الأجنبية إلي صاحبة اليد العليا في قطاع اقتصادي معين، وتختلف هذه القواعد مع اختلاف أهمية هذا القطاع للدولة، علي سبيل المثال تمنع الدولة وصول ملكية الأجانب لنسبة حاكمة في السوق وذلك في القطاعات الضرورية و الحيوية، مع مراعاة أن لا تكون هذه القيود هي السبب في هروب الاستثمارات الأجنبية، لأننا نحتاج لمثل هذه الاستثمارات والأموال لتحقيق التنمية ورفع معدلات النمو وبالتالي إيجاد فرص عمل ولكن دون أن تكون ضد الصالح العام. بالإضافة إلي أن صفقات الاستحواذ والاندماجات يجب أن تتم كما - يؤكد محسن عادل خبير الأسواق المالية - تحت الإشراف الحكومي حتي ولو كانت بين شركات خاصة، خصوصا إذا كان هناك طرف أجنبي في هذه الصفقات ..كما أن أسلوب سداد قيمة الصفقات، خاصة المحلية منها يمكن أن يكون له تأثير كبير علي السوق، خصوصاً إذا كان يعتمد علي القروض من البنوك المحلية..خاصة أن هناك غموضا مازال يحيط بعملية تقييم أسهم شركة أوليمبيك جروب التي تم الاستحواذ علي حصة حاكمة منها مؤخراً من قبل شركة إليكترولكس السويدية خصوصا فيما يتعلق بمسألة التقييم للسهم..وحذر في الوقت نفسه من وجود فرص أخري للاستحواذ علي العديد من الشركات المهمة والاستراتيجية بأسعار بخسة والعبث بمقدرات الاقتصاد مثل بعض شركات المطاحن ذات نسبة التداول الحر التي تزيد علي 60٪ والشركات العقارية والتي تحتوي علي مخزون هائل من الأراضي والعقارات سواء داخل القاهرة أو خارجها في ظل حرية الدخول للسوق والخروج منه. تحليل آخر لهذه الظاهرة كما يراه محمد كمال المحلل المالي بأن الشركات الأوروبية والأمريكية بدأت تبحث عن موارد جديدة لها والدخول في نشاطات لها القدرة علي تحقيق أرباح، خاصة بعد أن بدأت تواجه منافسة شرسة مع الشركات الصينية والهندية والكورية التي بدأت تغزو إفريقيا بشكل كبير مستحوذة علي ما يقرب من 60٪ من هذه الاستثمارات في إفريقيا، وبدأت تبحث عن بدائل من أجل خلق كيانات جديدة ناشئة لها القدرة علي تحقيق أرباح كبيرة من أجل تعويض خسائرها التي منيت بها إثر الأزمة المالية العالمية بحيث تكون نقطة انطلاق لها في أسواق أخري وفي مقدمتها إفريقيا التي أصبحت الملاذ الآمن لهذه الشركات نظراً لما تتمتع به هذه المناطق من ثروات معدنية وسوق استهلاكي كبير.. وتوقع أن تشهد قطاعات الأغذية والزراعة والدواء والبتروكيماويات والموارد الأساسية المصرية خلال الفترة القادمة عمليات استحواذ من شركات خارجية.