مؤسسات التقييم الدولية ظهرت "علي حقيقتها".. هكذا بدأ الكاتب الكبير "توماس فريدمان" مقاله الافتتاحي في جريدة "الفاينانشيال تايمز" كبري الجرائد الاقتصادية واوسعها انتشارا في العالم، مشيرا إلي أن هذه المؤسسات هي السبب الرئيسي في الأزمة المالية العالمية لأنها أسهمت في تفجرها بقصد أو بدون قصد من خلال التوصيات والتقييمات والتصنيفات التي كانت تمنحها طوال عقد كامل. وكانت المؤسسات المالية العالمية مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز" و"فيتش" قد تحكمت في تصنيفاتها المجاملات والاعتبارات الشخصية لصالح أشخاص أو مؤسسات معينة الأمر الذي أضاع فرصا حقيقية علي المستثمرين لتحقيق الأرباح. وكثيرا ما استخدمت هذه البنوك والمؤسسات المالية تقييم مؤسسات التصنيف العالمية المعروفة مثل "موديز" و"فيتش" و"ستاندرد آند بورز" كمادة اعلامية واعلانية دسمة لتؤكد للعملاء مدي قوتها وثقة مثل هذه المؤسسات الشهيرة بأدائها. وبلغت ذروة هذه التصنيفات القمة في العامين الماضيين، حيث وصلت أغلبية البنوك المحلية والمؤسسات المالية إلي مستويات عالية، بسبب الظروف الاقتصادية الايجابية التي احاطت بها، والتي اثرت بدرجة كبيرة في رفع تصنيفاتها الائتمانية إلي مستويات لم تصل إليها من قبل. ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الغرباوي استاذ الاقتصاد الدولي في احدي الجامعات المصرية إن الاسواق العالمية كثيرا ما تعرضت لحالة من التخبط علي فترات متفاوتة أدت إلي حالة من التذبذبات الحادة جراء تضارب التقارير التي تصدرها كبري المؤسسات الدولية العالمية التي يعتد بها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيرا إلي أن التضارب أسهم بدور مباشر في حالة من عدم الاستقرار في أسواق المال العالمية ومن ثم البورصة المصرية خلال الفترات الماضية. وأشار إلي أن مؤسسات التقييم الدولية كانت قد تصارعت فيما بينها خلال السنوات الماضية لتفرض هيمنتها وسيطرتها علي الأسواق. وتوزع نصائحها وتوصياتها يمينا ويسارا وتحدد أي من الأسواق تستحق ان ينظر إليها المستثمرين وأي من الاسواق لا يجب ان ينظر إليها المستثمرون وفقا لمزاد مفتوح وعلي من يمنح أكثر وبسخاء يستحق تقرير جيد وإيجابي أو تصنيف ممتاز. فيما يقول شريف حزين مدير إدارة التداول بإحدي شركات الوساطة كانت التصنيفات الائتمانية احدي أهم الوسائل التي استخدمتها البنوك والمؤسسات المالية في السنوات الاخيرة للترويج لخدماتها، وجذب المزيد من العملاء مستندة في ذلك الي التقارير العالمية التي تؤكد قوة ملاءتها المالية. وكان اول ظهور لمؤسسات التصنيف في عام 1909 عندما اصدر "جون مودي" أول تحليل مالي صنف فيه سندات بعض الشركات وفقا لدرجات أبجدية وسهل هذا التحليل للمستثمرين كثيرا في معرفة درجة ملاءة كل شركة من تلك الشركات وقدرتها علي الوفاء بما عليها من ديون وكانت هذه نقطة البداية التي يعتبرها الخبراء قوة رأسمالية حديثة. مشيرا إلي أن مؤسسات التقييم الدولية تجاوزت الاعراف وباتت تقدم تقارير وتصنيفات وتوصيات خاطئة لا تخضع لأية معايير، بل تتحكم في تصنيفاتها وتوصياتها المجاملات الشخصية وهو ما أضر كثيرا بالعديد من الاقتصادات الناشئة فعلي سبيل المثال كانت مورجان ستانلي قد اعطت توصيات للأجانب بضرورة التوجه إلي الاستثمار في إسرائيل بدلا من مصر رغم ما يعانيه الاقتصاد الإسرائيلي من تراجع كبير بالإضافة إلي حالة عدم الاستقرار السياسي هناك فكيف يطمئن المستثمرون علي أموالهم بأسواق بها توترات شديدة وعلي العكس فإن السوق المصرية تشهد استقرارا سياسيا واقتصاديا ويكاد يكون المناخ ملائما تماما لأي مستثمر يرغب في التوجه باستثماراته إلي السوق المصرية والواضح من ذلك أن جميع التقارير الصادرة عن تلك المؤسسات ليست بالضرورة جيدة وذات مصداقية وإنما بها العديد من المشكلات والعيوب ولا تعتمد هذه المؤسسات في تقييماتها علي المعلومات الصحيحة الموثقة وإنما وفقا للأهواء الشخصية.