ترتبط مصر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بعلاقات اقتصادية من نوعية خاصة لدورهما السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، ولقوة العلاقة الترابطية بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي، فهناك علاقات تجارية وثيقة بين البلدين حيث تعد أمريكا الشريك الأول في الصادرات المصرية ويأتي بعدها الاتحاد الأوروبي، أما بالنسبة للواردات المصرية فأمريكا الشريك الثاني بعد الاتحاد الأوروبي وهو ما يعني أن هناك علاقات تجارية متميزة بين الطرفين تراكمت عبر سنوات. هذه العلاقة يري خبراء الاقتصاد أنها يشوبها بعض أوجه القصور خاصة في ظل تعنت الإدارة الأمريكية السابقة ورفضها التوقيع علي اتفاقية تجارة حرة مع مصر، آملين أن تشهد سياسة الإدارة الأمريكيةالجديدة انفراجة تؤدي إلي إقامة منطقة تجارة حرة في المستقبل القريب وهو الأمر الذي يتطلب حل جميع المشكلات وإزالة جميع العقبات التي كانت تقف كحائط صد ضد توقيع هذه الاتفاقية.. ويطالب الخبراء بوضع أجندة جديدة تتلائم مع التطورات الاقتصادية العالمية. يشير د. أحمد جلال "مدير منتدي البحوث الاقتصادية" إلي وجود ثلاث قنوات رئيسية للعلاقة الاقتصادية المصرية الأمريكية، فالأولي تتمثل في العلاقات التجارية بين الطرفين، حيث تعتبر أمريكا الشريك التجاري الأول لمصر فيما يتعلق بحجم الصادرات والواردات لذا فمن المهم الحفاظ علي الأسواق الأمريكية مفتوحة لاستقبال السلع المصرية، موضحا أن هذا الأمر من شأنه المساعدة علي إيجاد فرص عمل جديدة وتوفير العملة الصعبة. ويوضح جلال أن القناة الثانية تتمثل في الاستثمار، حيث يتميز المستثمر الأمريكي ببحثه الدائم عن الانتشار في معظم دول العالم فالسوق المصري أحد الأسواق التي تستحوذ علي جزء من الاستثمارات الأمريكية، الأمر الذي يحتاج إلي دعم خلال الفترة القادمة خاصة أن معدل الإدخار المحلي منخفض، الأمر الذي يحتاج إلي جلب رأس مال من الخارج.. أما القناة الثالثة للعلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية في رأي د. جلال تتمثل في تحويلات المصريين من أمريكا وهي نسبة ليست قليلة، مشيرا إلي قيمة هذه التحويلات تمثل أهمية كبيرة للاقتصاد القومي. ويوضح مدير منتدي البحوث الاقتصادية أن هذه القنوات الثلاث أوجدت علاقة اقتصادية قوية بين الطرفين، وهذه العلاقة من الممكن أن تكون أكبر مما هي عليها الآن خاصة إذا تجاوزنا السلبيات التي أوجدتها إدارة بوش ومنها عدم وجود أي خبرة تفضيلية للمنتج المصري في الأسواق الأمريكية وعدم التوقيع علي اتفاقية تجارة حرة، ووجود بعض الاشتراطات التعسفية في بعض الاتفاقيات مثل الكويز وضرورة وجود المكون الإسرائيلي في المنتج المصري مما يعني قبول هذا المكون بأي ثمن حتي وإن كان مرتفعاً عن مثيله في الأسواق الأخري. ويشير د. جلال إلي أن الأمنيات في التحدث عن اتفاقية تجارة حرة ليس كافيا، فالواقعية أهم أولويات هذه المرحلة والتي يشترط فيها ضرورة معرفة متطلبات الطرف الآخر والتوجه الجديد للإدارة الأمريكيةالجديدة وبناء عليه نقوم بعرض رؤيتنا المصرية. ويطالب د. جلال الحكومة المصرية بوضع أجندة جديدة تتضمن أهم المتطلبات الاقتصادية التي يمكن من خلالها التعامل بصورة أفضل مع الإدارة الأمريكيةالجديدة، مؤكدا علي ضرورة عدم الاعتماد علي المعونة كحجر زاوية للعلاقة المصرية الأمريكية، كما يجب عدم النظر للكويز كاتفاقية باعتبارها الأفضل، فهناك الجديد الذي يجب المطالبة به والإصرار علي تحقيقه خاصة توقيع اتفاقية التجارة الحرة والتي يجب وضعها في أولويات الأجندة الاقتصادية. ويري د. سمير رضوان "المدير التنفيذي السابق لمنتدي البحوث الاقتصادية وعضو المجلس الوطني للتنافسية المصرية" أن الإدارة الأمريكية السابقة كان لها حسابات خاصة وإذا كنا نبحث عن المستقبل وليس الماضي فلنطرح هذه الحسابات جانبا، مضيفا أن المرحلة القادمة تتطلب فتح صفحة جديدة واقناع الجانب الأمريكي بالمزايا والفرص الاقتصادية التي يمكن اعتنامها من التعامل مع مصر باعتبارها بوابة الشرق الأوسط وإفريقيا، وبما أن الرئيس الأمريكي الجديد مهتم بأفريقيا علي وجه الخصوص فمن الممكن تحقيق نتائج إيجابية سريعة، مشيرا إلي أن المرحلة القادمة تتطلب ضرورة البعد عن الدخول في تفاصيل فرعية، والتركيز علي المحاور الاستراتيجية. ويطالب د. رضوان الحكومة المصرية بالإصرار علي توقيع اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا والتي تمثل باب الأمان للصادرات المصرية، رافضا فكرة طرح هذه القضية جانبا لأن هذا يعني التنازل عن حلم يمكن تحقيقه بقليل من العمل والإصرار.. مشيرا إلي أننا نمتلك المقومات ونحتاج فقط إلي اقناع الطرف الآخر بقوة موقفنا فمصر رأس الحربة في الاستثمارات الأفريقية، كما انها رأس الحربة للأمن الغذائي للسعودية، وأمريكا وتسعي للوصول إلي هذه الأسواق. ويري د. إيهاب الدسوقي "أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية" انه بحكم العلاقات الأمريكية المصرية فمن المهم العمل علي سرعة توقيع اتفاقية تجارة حرة، مشيرا إلي أن مصر تسعي لزيادة الاستثمارات الأمريكية لديها خاصة وأن مثل هذه الخطوة من شأنها تحفيز باقي الدول الغربية علي الاستثمار والحضور لمصر. ويطالب د. الدسوقي بوضع استراتيجية اقتصادية جديدة مع الإصرار علي توقيع اتفاقية التجارة الحرة خاصة وأن أمريكا قامت بالفعل بالتوقيع مع دول عديدة في المنطقة كالأردن والمغرب والبحرين.