الحكومة في ورطة أمام العلاوة الاجتماعية الجديدة حقيقة لا يمكن إغفالها.. فالظروف مغايرة تماماً عن وضع العام الماضي.. وشتان بين توجيهات الرئيس مبارك 2008 والعام الحالي حول العلاوة الاجتماعية. 2008 قالها صريحة بضرورة رفع العلاوة إلي 30%.. وبدأت الحكومة وقتها تبحث عن موارد للتمويل، أما هذا العام فكان القرار بتحويل العلاوة لمجلس الشعب لمناقشتها ولتوفير مواردها بعد أن حددتها بنسبة 5%. وإذا كانت الحكومة العام الماضي ارتكبت خطأ لا يغتفر، ومازلنا نتجرع مرارة تداعياته.. فإن الحكومة هذا العام سقطت في مطب جديد لا يجدي معه سوي مصباح علاء الدين لتدبير موارد العلاوة الجديدة. تكرار حلول العام الماضي لتدبير الموارد بمثابة انتحار للحكومة.. ويكفي ما واجهته الحياة الاقتصادية ومناخ الاستثمار فقد كاد النظام الاقتصادي أن يتعرض لكارثة لا تحمد عقباها بعد انسحاب الاستثمارات الأجنبية والعربية وهجرتها إلي أسواق مجاورة. قرارات "5مايو" 2008 كانت نقطة تحول في الاقتصاد ولو أدرك المسئولون فداحة الكارثة وتداعياتها ما كان لهذه القرارات أن تري النور.. فقد قامت بزيادة حصيلة الضرائب من المناطق الحرة بحوالي 600 مليون جنيه بشأن إنهاء تراخيص مشروعات الاستثمار بنظام المناطق الحرة في مجال الصناعات الثقيلة، بما يحقق موارد إضافية بحوالي 6.1 مليار جنيه سنوياً.. لم يكن ذلك فحسب، إنما تم فرض رسم تنمية موارد علي "الطفلة" المستخرجة من المحاجر بواقع 27 جنيها عن كل طن طفلة وزيادة رسم تنمية موارد علي رخص تسيير السيارات وفقا لهيكل متدرج زيادة ضريبة المبيعات علي السجائر المحلية والمستوردة، إلغاء الإعفاءات علي المنشآت التعليمية الخاصة، وعائد أذون الخزانة من الضريبة علي الدخل، زيادة ضريبة المبيعات علي البنزين والسولار والكيروسين . 6 بنود انفجرت في وجه الاستثمار حيث أعلنت مجموعة الخرافي إيقاف الإنشاءات بمجمع تكرير البترول المزمع إنشاؤه بالسويس باستثمارات تتجاوز 2 مليار دولار، نظراً لتغير الظروف التي بنيت علي أساسها دراسة الجدوي الخاصة بالمشروع.. ولذلك جانب الحكومة الصواب والذكاء في التعامل مع هذه القرارات، لتعود مرة أخري وتصرف نظر عنها مرة أخري. ورغم أن العلاوة الجديدة 5% فقط وصدورها جاء بعد أن دخلت دهاليز البرلمان لدراسة الأوضاع في ظل الأزمة العالمية إلا أن الحكومة وقعت في "حسبة برما" لتوفير مواردها الجديدة. زيادة أسعار الطاقة، أو ترشيد النفقات، خاصة فيما يتعلق بالدعم سيناريوهات لم يراهن عليها أحد نتيجة تغير الظروف.. ولا يعني ذلك أن تقف الحكومة مكتوفة الأيدي.. بل إن هناك بدائل أخري تنحصر في إصدار سندات وأذون خزانة جديدة طالما أن الدين المحلي مازال في حدوده الآمنة وكذلك الاقتراض الخارجي.. أما المساس بترشيد نفقات الدعم فهو غير مقبول.. أما القطاع الخاص فقد يتجه للتأجيل أو عدم الصرف. موازنة توسعية الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية في اجتماع لجنة سياسات الحزب الوطني قال إن الموازنة الجديدة تبلغ 80 مليار جنيه بزيادة قدرها 11% نتيجة الزيادة السنوية في الأجور، كما أن الموازنة الجديدة موازنة "توسعية" يزيد فيها العجز إلي 5.8% من الناتج المحلي بحسب قوله، وأن الدين المحلي في حدود آمنة حيث وصل 64% مقابل 101% عام 2005. إذن كل المؤشرات تشير إلي الاتجاه للاقتراض وزيادة الدين الداخلي من خلال إصدار سندات أو أذون خزانة.