في زمن ازدحام الكون بالنكد الشديد، سواء باشتعال النار في الثقة بالنفس، هذا الحريق الذي يغمر الكون كله من اقصاه إلي اقصاه، في مثل هذا الزمن يولدالربيع ولا نجد مفرا من تذكار الحب عندما يولد في مثل هذا الوقت من كل عام. لست ادري ما الذي يحدث للنساء، لأن البشرة تلمع بنداء الخصب، والخطوات تنادي للاخصاب الحلال، والرجال يتوهجون بالرغبة في رؤية الجديد والمتوهج من نظرات العيون، ويلعب المناخ بلحن الصخب العاطفي. وننخدع جميعا - او نكتشف حقيقة كل منا، فأي انسان علي وجه الأرض في مثل هذه الايام هو عاشق تحت الاختبار. والعشق تحت الاختبار هو لعبة حبوب اللقاح التي تتطاير من الزهور كي يتم استمرار الخضرة والنمو، والعشق تحت الاختبار هو لعبة الطبيعة التي طالبها صلاح جاهين بأن "تبطل الدلع" حين تتوهج الأنوثة داخل المرأة وتتوهج الرجولة داخل الرجل. ولا مفر من ان تقفز كل من الأنوثة والرجولة بحثا عن حق العناق. أنظر كثيرا إلي النيل في هذه الايام، لاجد اطياف العشاق الحياري بحثا عن حق العناق. وأتساءل: "هل تكفي المساكن الجديدة لبناء حق الحب؟" طبعا تجيبني اسعار الاسمنت والحديد وأخبار رشاوي وزارة الاسكان بأن حلم البيت الصغير الذي يجب ان يكون في متناول الأسرة الشابة هو الحلم الصعب. لأن الثقة في المستقبل علي مستوي الكون كله تؤكد ان البشرية صارت تثق في الارقام أكثر من ثقتها في المشاعر. ومازال بريق الثروة يخطف مشاعر البنات من الوقوع في الحب مع من يستحق قلب الواحدة منهن، لتتجه بوصلة القلوب إلي الثروة كمصدر اساسي لبدء التجربة العاطفية. وغالبا ما تجتاح السيدات اللاتي تزوجن تحت الثروة مشاعر الإهانة، لأن الزوج صاحب الثروة لا يشعل قنديل الأثونة كما كانت تحلم. ولن أنسي أبدا صوت سيدة في العيادة النفسية وهو تقول "نعم أحس بالإهانة حين يحتضني زوجي لأن لا أشعر بأية مشاعر تجاهه". ولن أنسي أبدا قول الطبيب النفسي لها "ولماذا لا تحصلين علي الطلاق مادمت لم تنجبي ويمكنك ان تبدئي المشوار من أول وجديد،" ولن أنسي أبدا قولها بوضوح شديد "وأين يمكن أن اقيم؟ هل اقيم في بيت أبي حيث ان المطلقة يمكن النظر إليها كأنثي يجب صيانتها من الخطأ؟" كنت اسمع ذلك في احدي جلسات العلاج الجماعي، ولم يكن امام الطبيب سوي وضعها أمام اختيارين احلاهما مر، الاختيار الأول ان تبدأ في افتعال الحب مع الزوج لتجد فيه ما يستحق ان تتجاوب معه، او ان تحصل علي الطلاق مهما كانت الآلام. ولم يكن الطبيب النفسي يعلم ان القدر يلعب لعبة أخري في نفس جلسة العلاج الجماعي. حيث كان هناك شاب في نفس عمرها يشتعل بكلماتها، ولكنه لا يجد وسيلة كي يعبر بها أسوار الاقتراب منها مع توافر الامكانات لديه كي يبدأ حياة لائقة مع امرأة يحبها. وما هي إلا شهور حتي قررت المرأة ان تحصل علي الطلاق. وما هي إلا شهور حتي وجدتها تقف مع شريكها الجديد علي كورنيش النيل. وحين قررت تحية الاثنين، وجها لي الدعوة للزفاف. وتمنيت من السماء ان تهب كل عاشق الامكانات المادية والمعنوية كي يحلق من يحبها. والدعوة طبعا صعبة. ولكن ما المانع من ان ندعو لنجاح اي قصة حب؟