في مؤتمر المال والتمويل الأسبوع الماضي حاول لارس كالبرير رئيس مدير إدارة بحوث البدائل في كريدي سويس بنك أن يرسم ملامح اقتصاد عالمي جديد بدأ يتشكل مع بداية عام جديد يأتي في أعقاب أزمة مالية عصفت بأسواق الغرب في نهاية العام الماضي ثم امتدت إلي جميع أرجاء العالم. ويري لارس أن الاقتصاد العالمي أسير دائرة مفرغة ما بين انخفاض للطلب يؤثر سلبا علي الشركات المنتجة ثم ينعكس علي الشركات المصنعة لمعدات الإنتاج مما يفاقم من معدلات البطالة، وتؤدي الأخيرة بدورها لمزيد من تباطؤ الطلب، ويبدو لارس متفائلا بعض الشيء بالإجراءات التي تتخذها حكومات العالم للخروج من هذه الدائرة المفرغة مشيرا إلي أن كارثة كساد 1929 تفاقمت بسبب قلة الخبرة في مواجهة مثل هذه الأزمات ويري أن تأخر اليابان عن اتباع بعض السياسات الإصلاحية بعد ظهور الفقاعات في اقتصادها عام 1990 واكتفاءها برفع الفائدة لمعاقبة المضاربين أدي إلي آثار سلبية لم تخرج منها إلا في عام 1998 عندما بدأت في إعادة هيكلة البنوك وهو ما دعا البعض إلي وصف هذه الفترة ي"العقد الضائع". أما الأزمة الراهنة فيري لارس أن رد فعل الحكومات تجاهها يدلل علي أنها استوعبت الدرس التاريخي، كما أن الأزمة أسهمت في تغيير العادات الاستهلاكية. الاسبوعي حاور لارس كالبرير علي هامش المؤتمر حول توقعاته لتطورات الأزمة المالية العالمية في السطور التالية: * ما رؤيتك لتطورات لأزمة المالية العالمية في ظل انفاق مبالغ ضخمة علي عملية الانقاذ واستمرار الأخبار السيئة علي القطاعات المختلفة؟ - لقد شهدنا في الخمسة أشهر الماضية الكثير من الإجراءات وفي الأسبوع القادم سيكون هناك اجتماع دول العشرين الكبار -الخميس القادم- واعتقد أنه سيلعب دوراً مهماً في ايجاد التعاون الدولي في مواجهة الأزمة. ويمكن القول بصفة عامة أن هناك ثلاثة سيناريوات لمواجهة الأزمة.. يتوقع السيناريو الأول تعافي الاقتصاد العالمي خلال هذا العام وهذا لا أرجحه الثاني يتوقع الدخول في حالة مشبهة للكساد الذي حدث في عام 1929 والسيناريو الثالث وهو الذي أرجحه أن يحدث تعافي للاقتصاد في عام ،2010 فالواقع أن حكومات العالم اتبعت إجراءات لمواجهة الأزمة علي مستويات مختلفة سواء في إقرار خطط الإنقاذ أو علي ضمان الودائع أو تخفيض الضرائب أو تخفيض لفائدة، وانفقت مبالغ ضخمة علي ذلك ولكن هذ أفضل من ترك الاقتصاد للدخول في حالة الكساد. وقد شهدنا الصين تطبق أكبر خطة انقاذ في تاريخ بقيمة 586 مليار دولار وهي علي الرغم من أنها أقل من تكلفة الخطة الأمريكية التي تصل إلي نحو 787 مليار دولار إلي أن الخطة الصينية هي الأكبر علي مستوي العالم من حيث النسبة إلي الناتج الإجمالي، وشهدنا أيضا كيف بدأت تظهر الآثار الإيجابية للخطة الصينية تظهر علي الطلب في السوق المحلي الصيني، لذا فتطبيق إجراءات لمواجهة الأزمة علي مستويات مختلفة هو الذي يجعلنا نتوقع أن يحدث تعاف للاقتصاد في ،2010 ولكن يجب أن نلتفت إلي أن خطط الإنقاذ تستغرق وقتا لتطبيقها حتي يظهر أثرها علي الاقتصاد فهي تمر أولا علي الكونجرس للموافقة عليها. * وهل تتوقع المزيد من الأخبار الاقتصادية السيئة في الفترة القادمة؟ - الكثير من التقارير الدولية أشادت بمصر كسوق ناشيء متوقع له أن يحقق نمواً في فترة الركود العالمي.. ولكننا شهدنا انخفاضاً ملموساً في تدفق الاستثمار الأجنبي إلي مصر خلال الفترة الماضية فكيف تقيم الوضع فيها؟ - نحن نتوقع أن يحدث نمو في مصر ولكنه بالطبع سيكون أقل من السنوات السابقة وجزء من ذلك بسبب انخفاض الاستثمار الأجنبي، ولكن هيكلة القطاع المصري تتميز بالتنوع فلا يوجد قطاع واحد يهيمن عليه علاوة علي أن الطاع المصرفي كان محافظا في سياسة الإقراض حتي من قبل الأزمة المالية، لذلك يمكن القول أن الاقتصاد المصري سيتأثر بالأزمة لأنك لا تستطيع أن تستفيد من العولمة وتتجنب آثارها السلبية، ولكن يبقي أن نقول إن تنوع الاقتصاد المصري سيساعد علي تجاوز الأزمة. * وهل من الممكن أن يكون الاقتصاد المصري سوقاً بديلاً للاستثمار العالمي بعد تباطؤ النمو في الدول المتقدمة؟ - لقد رأينا أن سوق المال المصري تأثر سلب بالأزمة العالمية مع تراجع الاستثمار الأمريكي والأوروبي بعد تداعيات انهيار بنك ليمان برازر علي الاقتصاد العالمي، ولكن بالنظر للأساسيات في الاقتصاد المصري سنجد أنها تشجع علي عودة الاستثمار، فالاقتصاد الأمريكي يشهد الآن ظاهرة جديدة عليه وهو اتجاه المستهلكين إلي الإدخار في الوقت الذي لازال فيه الاستهلاك المصري يتمتع بالمرونة وهذا واضح في الأسواق الناشئة. * أشرت إلي تأثر سوق المالي المصري بأحداث الأزمة المالية.. فمتي يعود الاستقرار إلي أسواق المال العالمية؟ - لقد شهدنا كيف تأثرت أسواق المال العالمية قبل تفاقم أحداث الأزمة المالية لذا فبناء علي توقعاتنا بتعافي الاقتصاد العالمي في عام 2010 نتوقع أن تعاود البورصات العالمية الصعود قبل 6 شهور من نهاية عام 2010.