ينفق الامريكيون علي وارداتهم البترولية من العالم الخارجي 700 مليار دولار سنويا، وهذا مبلغ باهظ بل انه طبقا لقول احد المراقبين يمثل أزمة ومصيدة، وتقول مجلة "الايكونوميست" انه بات متعينا علي الولاياتالمتحدة ان تبحث عن موارد بديلة للطاقة بنفس الروح الوثابة التي سبق ان قادتها للصعود الي القمر ويذكر احد رجال البترول الجمهوريين وهو بوني بيكنز انه عمل في صناعة البترول طيلة حياته ولكن الوقت قد حان للحصول علي الطاقة من مصدر آخر، ويدعو الرجل أمريكا الي ضخ استثمارات ضخمة لاقامة بنية اساسية تتيح لها الحصول علي الطاقة من حركة الرياح، وقد قرر الرجل ان ينفق 58 مليون دولار من جيبه في الموسم الانتخابي الراهن من اجل الترويج لهذه القضية. ولكي يقرن بيكنز دعوته بالسلوك العملي دفع شركته ميزاباور الي انفاق ملياري دولار من اجل اقامة اكبر مزرعة للرياح في العالم في مدينة بامبا الصغيرة بولاية تكساس، وفي يونية الماضي قال بيكنز امام احدي لجان مجلس الشيوخ الامريكي انه سيمول خطوط نقل كهرباء مزرعة بامبا الي مدينة دالاس لانه لا يستطيع الانتظار حتي تقوم حكومة الولاية بإقامة البنية الاساسية اللازمة لهذه العملية، وأشار الرجل الي انه في الثمانين من عمره ويملك ثروة قدرها 4 مليارات دولار ولذلك فهو ليس معنيا بالربح كهدف جوهري لمثل هذا المشروع. وكان تقرير قد صدر عن وزارة الطاقة الامريكية في مايو الماضي قد ذكر ان امريكا يجب ان تبني مزارع للرياح تمدها بنحو 20% علي الاقل من حاجتها من الكهرباء بحلول عام 2030 ويري بيكنز ان امريكا يمكنها تحقيق هذا الهدف بإقامة مزارع الرياح علي امتداد الممر الذي يقطع البلاد من تكساس جنوبا حتي ولايتي داكوتا الشمالية والجنوبية، وان هذا سوف يتكلف تريليون دولار الي جانب 200 مليار دولار اخري لشبكة نقل الكهرباء المولدة الي المناطق الاكثر احتياجا مهما تكون المسافة بعيدة بينها وبين هذا الممر، وقد تبدو هذه الخطة مذهلة ولكنها يمكن ان توفر الغاز الطبيعي الامريكي الذي يستخدم حاليا لتوليد 22% من حاجة الولاياتالمتحدة الي الكهرباء ويمكن استخدام هذا الغاز في تسيير المركبات بمختلف انواعها وهذا يعني ان تتحول السيارات والشاحنات الامريكية الي استخدام الغاز علي نطاق واسع وهو ما سيؤدي الي انخفاض شديد في واردات امريكا من البترول. ورغم ان هناك من يعارض مشروع مزارع الرياح من زوايا مختلفة الا انها في النهاية معارضة لن تصمد طويلا امام ما سوف يتحقق من فوائد وليس ادل علي ذلك من انتشار مزارع الرياح في ولاية تكساس معقل هذه المعارضة ففي عام 1999 كانت عملية الكهرباء المولدة من مزارع الرياح في الولاية لا تتجاوز 180 ميجاوات اما الآن فإن الرقم صار يقترب من 5 آلاف ميجاوات، ومعظم مزارع الرياح تتركز في شمال غرب ولاية تكساس وقد أوجدت هذه المزارع نحو ألف فرصة عمل جديدة دائمة الي جانب استخدام الكهرباء في تحلية مياه البحر واستخدامها للشرب مقابل تكاليف معقولة. ولا شك ان هذه النتائج الطيبة قد غيرت رأي سكان تكساس، وقد أصبحت الكهرباء المولدة من طاقة الرياح تمثل حوالي 3% من جملة استهلاك الولاية الكهربائي في حين ان متوسط النسبة علي المستوي القومي الامريكي لا تتجاوز 1% فقط وعموما فإن سلطات الولاية وضعت خطة لاقامة شبكة محولات تتكلف 6.4 مليار دولار وتنقل 17 ألف ميجاوات من الكهرباء وذلك تحسبا للتوسعات القادمة. وتري مجلة "الايكونوميست" ان انتقال الولاياتالمتحدة لاستخدام طاقة الرياح في توليد الكهرباء لن يكون مسألة ميسورة.. ولكنها قضية تستحق ما يبذل في سبيلها من مشقة، وعموما فإن خطة بيكنز تكتسب أهميتها من اعتراف وزارة الطاقة بضرورة استخدام الرياح في توليد الكهرباء، يضاف الي ذلك ان دعوة الرجل الي توفير الغاز الطبيعي لاستخدامه كوقود للسيارات والشاحنات هي دعوة ذكية لان عدد السيارات التي تسير بالغاز الطبيعي علي الطرق الامريكية لايزال محدودا للغاية.