يحتاج العالم دائما الي المزيد والمزيد من الرعاية الصحية، فسكان البلدان المتقدمة يهرمون وسكان البلدان النامية يزدادون غني ولذلك فان الطلب علي الادوية لا يمكن الا ان يزيد! ومع ذلك فان اداء اسهم شركات صناعة الدواء في حالة يرثي لها حتي ان هذه الشركات فقدت تريليون دولار من قيمتها السوقية بسبب فقدان المستثمرين لثقتهم فيها حسب تقرير اعدته شركة الاستشارات اكسنتيور. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان ثلاث من كبريات شركات الادوية عينت لنفسها رؤساء جددا علي امل ان تتمكن من تغيير هذه الاوضاع.. واحدهم هو جيفري كيندلر رئيس مجلس ادارة شركة فايزر الجديد الذي كشف منذ ايام عن استراتيجية جديدة شاملة لاصلاح حال الشركة.. وطبقا لهذه الاستراتيجية سوف تستغني فايزر عن 10 آلاف عامل اي نحو 10% من جملة قوتها العاملة في مختلف انحاء العالم.. كما تستغني عن 20% من العاملين في مجال التسويق وتغلق خمسة مراكز للابحاث والعديد من مواقع الانتاج، وباختصار قال كيندلر انه لن تكون هناك في فايزر بعد الان بقرات مقدسة!! ورغم ان العادة جرت علي ان يرتفع سعر سهم اي شركة قليلا عندما تعلن عن خطة لخفض التكاليف فان سعر سهم فايزر قد انخفض قليلا بعد الاعلان عن هذه الخطة.. فلماذا حدث ذلك؟ واقع الامر ان فايزر التي كانت ذات يوم المصباح القائد لصناعة الدواء تعاني من اضطراب شديد، فصافي ارباحها انخفض في الربع الاخير من عام 2006 بنسبة 12% ليصبح 3 مليارات دولار كما ان مبيعاتها عن العام كله جمدت عند 48 مليار دولار وينتظر ان تتراجع في العام الجديد.. والسبب الرئيسي في ذلك ان دواءها ليبيتور المضاد للكوليسترول الذي كان يصنع 13 مليار دولار من ايراداتها ونحو 40% من ارباحها السنوية قد فقد ما لديه من قوة دفع ولم يعد يحقق المستهدف من المبيعات حتي قبل ان تنتهي فترة ترخيصه بعد نحو اربع سنوات.. وتنافسه الادوية المماثلة غير المرخصة، اضف الي ذلك ان دواءها الجديد البديل تورسيترابيب المضاد للكوليسترول ايضا قد اعلن فشله في ديسمبر الماضي ولن يحل محل ليبيتور كما كان متوقعا وهكذا اصبحت فايزر تقترب من كارثة مالية. والآن يحاول كيندلر انقاذ فايزر بطرق شتي ولكن الرجل عليه ان يتجاوز ثلاث عقبات كبري تواجه صناعة الدواء حاليا هي اولا التراجع الشديد في الارباح بسبب منافسة الادوية غير المرخصة، وثانيا صعوبة ابتكار الادوية الجديدة واخيرا خفض تكاليف التسويق الباهظة التي تجدد علي ما يجب تخصيصه من موارد للابحاث والتطوير. وهذا المزيج من الصعوبات يشرح سر ارتفاع تكاليف ابتكار اي دواء جديد وتسويقه وتتراوح تكاليف ابتكار وتسويق الدواء الواحد من 500 مليون دولار الي ملياري دولار وتؤكد ريجينا هيرزلينجر في كلية تجارة هارفارد اننا علي ابواب عصر الدواء الذي لا يكلف اقل من مليار دولار!! أضف الي ما تقدم ان كل شركة من كبريات شركات الادوية لاتزال تقوم بكل الانشطة من الابحاث الي التصنيع الي التسويق الي التوزيع ويري روجر لونجمان خبير شركة الاستشارات ويندهوفر انفورميشان ان الوقت قد حان للتخصص والتركيز علي نشاط واحد بعينه مثل ابتكار الادوية او تسويقها فقط وترك غير ذلك من المهام لشركات اخري متخصصة.. صحيح ان نموذج الانتاج القائم حاليا كان نموذجا ناجحا لعقود عديدة وساهم في رفع جودة الادوية ولايزال له من يدافعون عنه ولكن الوقت قد حان للتخصص بغض النظر عن امجاد الماضي خصوصا اذا وضعنا في الاعتبار تميز طبيعة شركات الادوية وشركات البترول عن غيرها من سائر الصناعات الكبري فهذه الشركات تأكل نفسها بنفسها حيث لا يمكن لشركات البترول ان تعيش دون مزيد من الاكتشافات البترولية ولا يمكن لشركات الادوية ان تعيش دون ابتكار ادوية جديدة باستمرار فبدون الادوية الجديدة الناجحة يمكن ان تنهار شركات الدواء. وبجانب ذلك فان ارتفاع تكاليف التأمين الصحي دفع حكومات دول عديدة مثل اليابان وكندا والدول الاوروبية الي طلب تخفيض اسعار الادوية التأمينية ويسعي الكونجرس الامريكي حاليا بعد ان سيطر عليه الديمقراطيون الي اجراء مفاوضات مباشرة بين الحكومة وشركات الادوية من اجل تخفيض تكاليف الدواء علي المواطن الامريكي وهذا كله سيأكل من هوامش ارباح الشركات ويعرضها لمزيد من المخاطر. وفوق هذا وذاك فان الادوية غير المرخصة تمثل خطرا اضافيا حيث تقول ارقام مجلة "الايكونوميست" ان حجم السوق العالمي للادوية غير المرخصة يبلغ 60 مليار دولار سنويا وان نصف هذه الادوية يباع في اسواق امريكا وبريطانيا، كذلك فان تراخيص اهم 35 دواء في العالم سوف تنتهي عام 2009 ويصبح متاحا انتاجها في سوق الادوية غير المرخصة ومن جانبه يقول فيرن ميهتا احد خبراء صناعة الادوية ان حجم سوق الدواء العالمي يناهز حاليا ال300 مليار دولار وان 30% من هذا السوق ستهاجمه الادوية غير المرخصة في غضون السنوات الخمس القادمة. وعموما فان مستقبل شركات الا