رغم أن رقائق الكمبيوتر وخلايا الطاقة الشمسية يصنعان من مادة أساسية واحدة هي شرائح السيليكون النحيلة فإن مستثمري وادي السيليكون الأمريكي لايزالون يركزون علي الاستثمار في رقائق الكمبيوتر.. ومع ذلك تقول مجلة "الإيكونوميست" إن هؤلاء المستثمرين من أصحاب رأس المال المخاطر بدأوا يتجهون إلي الاستثمار في خلايا الطاقة الشمسية. وتقول شركة الأبحاث "فينشر بيزنس ريسيرش" إن حجم رأس المال المخاطر المستثمر في خلايا الطاقة الشمسية زاد بنسبة 400% في العامين الأخيرين حيث أصبح ملياري دولار هذا العام بعد أن كان لا يتجاوز ال 500 مليون دولار عام 2004 وعموما فإن نسبة رأس المال المخاطر المستثمر في أبحاث الطاقة النظيفة في تزايد مستمر حيث أصبحت 5.8% هذا العام بعد أن كانت لا تتجاوز ال 1% عام 1999. وتذكر شركة أخري للأبحاث هي "نيو إينرجي فاينانس" أن إجمالي حجم الاستثمارات الأمريكية بكل أنواعها في مجال الطاقة النظيفة سيبلغ 63 مليار دولار هذا العام بعد أن كان 49 مليار دولار في العام الماضي ونحو 30 مليار دولار في عام 2004.. ويرشح المحللون شركات الطاقة النظيفة لمزيد من الانتعاش خلال السنوات القادمة. وهناك علي أية حال ثلاثة أسباب وراء انتشار حمي الطاقة النظيفة وبالذات في الولاياتالمتحدة وهي أولا ارتفاع أسعار البترول وثانيا المخاوف المتزايدة بشأن أمن الطاقة وثالثا الاهتمام المتصاعد بظاهرة سخونة الكون.. ويري قادة هذه الصناعة أن مصادر إمدادات الطاقة سوف تتغير جذريا في العقود القادمة فمحطات الكهرباء الملوثة للبيئة التي تعمل بالفحم أو الغاز الطبيعي ستخلي مكانها لبدائل أنظف مثل محطات الرياح المستخرج من النفايات سيحل محل وقود البترول والديزل.. كما أن مولدات الكهرباء الصغيرة ستحل محل محطات الكهرباء العملاقة. وقد صار من المأمول أن تحل خلايا الهيدروجين محل البنزين في تشغيل محركات السيارات.. ولا أحد ينكر أن هذه رؤية مستقبلية تتسم بالجرأة ولكن حدوثها ولو ببطء وعلي مراحل محدودة سوف ينعش شركات الطاقة النظيفة مثلما انتعشت شركات الدوت كومز علي الانترنت في تسعينيات القرن الماضي.. ويتوقع المحللون بثقة نمو شركات الطاقة النظيفة بنسبة 20 30% سنويا خلال السنوات العشر القادمة. وفي استطلاع للرأي أقامه بنك الاستثمار "جيفيريز" في لندن أخيرا كان هناك ما يشبه الإجماع علي أن الطاقة النظيفة ستصبح منافسا لمصادر الطاقة التقليدية في غضون عام 2020 علي الأكثر، وأنها ستكون بعد ذلك أكبر صانع للثروة خلال القرن الحادي والعشرين. ويؤكد أرنولد شوارزينجر محافظ كاليفورنيا دائما أن الطاقة النظيفة هي المستقبل.. وقد كسب الرجل معركته الانتخابية الأخيرة كمحافظ بعد أن خاضها تحت هذا الشعار، وفي ظل مشروع "مليون بيت تستخدم الطاقة الشمسية" الجاري تنفيذه بدعم من سلطات الولاية والحكومة الفيدرالية علي حد سواء.. وهو دعم مالي ستبلغ قيمته من ميزانية الولاية وحدها في عشر سنوات نحو 9.2 مليار دولار ستدفع لأصحاب البيوت التي تعتمد علي الطاقة الشمسية في تغطية احتياجاتها. وتأمل كاليفورنيا أن تسد موارد الطاقة النظيفة 20% من احتياجاتها بحلول عام 2010 كما أن هناك 21 ولاية من الولاياتالأمريكية الخمسين لديها أجندات مماثلة بشأن الطاقة النظيفة.. وهناك ولاية مثل "مين" تعتمد بالفعل في 30% من احتياجاتها علي الطاقة النظيفة بفضل ما لديها من مساقط مياه كثيرة تعتمد عليها في توليد الكهرباء. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن الأمر لا يقتصر علي الولاياتالمتحدة ولكنه يمتد إلي الاتحاد الأوروبي الذي يبدو أكثر طموحا في هذا الشأن فدول الاتحاد الأوروبي تخطط لأن يكون 75.5% من إجمالي وقود النقل والمواصلات لديها مستخرجا من مصادر غير كربونية مع حلول عام 2010 وأن يكون 18% من إجمالي الطاقة الكهربية المستخدمة في الاتحاد الأوروبي من مصادر الطاقة المتجددة "الشمس والرياح". ويري محللو بنك الاستثمار جولدمان ساكس أن إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية يتعين أن يزيد بنسبة 30% سنويا لتحقيق الأهداف السابقة وأن هناك 49 دولة لديها خطط لزيادة إنتاج الطاقة الشمسية بالفعل خلال السنوات القادمة. وإذا كانت عملية تعميم استخدام الطاقة النظيفة سوف تحتاج إلي دعم حكومي كبير في البداية فإن الخبراء يؤكدون أن إنتاج هذا النوع من الطاقة سيصبح إنتاجا تنافسيا في المستقبل بما يسمح بوقف الدعم.. وهذا أمر يحدث بالفعل في اليابان حاليا حيث أصبح سعر الطاقة النظيفة يغطي تكاليفها ويضمن تحقيق الربح في نفس الوقت ولم تعد هناك حاجة إلي الدعم الحكومي الكبير الذي كان قائما منذ عام 1994.. وهناك علي أية حال من يري أن انخفاض سعر برميل البترول عن 50 دولارا سيوجه ضربة لجهود نشر الطاقة النظيفة علي المدي القصير ولكن هذا احتمال مستبعد حتي الاَن علي الأقل.