في الاسبوع الماضي استضافة قطر فعاليات الدورة الثامنة لمنتدي الدوحة للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة ومنذ سنة 2001 شرعت قطر في عقد هذا المنتدي الذي أثبت علي مدي السنوات الثمانية جدواه كمنبر دولي تتفاعل في ساحته الأفكار بما يوفر قاعدة مشتركة للعمل الجماعي الجاد والتي تستند بدورها إلي المبادرة الفكرية والحرية المسئولة. ليفني في المنتدي!! منتدي هذا العام كان فرصة أتاحت النقاش الحر وسط نخبة من كبار المسئولين والمثقفين بهدف تشخيص الداء والمعوقات والدفع باتجاه تحديد الحلول التي تعالجها كان في صدارة المشاركين هذا العام رجب طيب أردوغان ورؤساء وزراء سابقون ووزراء حاليون وأكاديميون وبرلمانيون وعلي رأسهم رئيس البرلمان الأوروبي وشاركت أيضا في المنتدي تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية وشكلت مشاركتها صدمة للحاضرين ولقد كانت محاور النقاش في هذه الدورة متنوعة غطت الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية والمالية والتجارية والاعلامية التي تمس الحياة علي مختلف الأصعدة الوطنية والاقليمية والدولية. دافوس جديد تميز منتدي هذا العام بنوعية القضايا التي بحثها وناقشها إلي حد ذهب معه البعض إلي تشبيه بمنتدي دافوس الجدير بالذكر أن منتدي الدوحة لهذا العام يعد بمثابة توطئة للمؤتمر الدولي لتمويل التنمية والذي ستحتضنه الدوحة نهاية العام الحالي ويعد أكبر حدث تستضيفه دولة قطر في تاريخها والذي سيشارك بالنقاش فيه رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة كمتحدث رئيسي ولقد شرع في التحضير لهذا المؤتمر من الآن حيث تدور في نيويورك اجتماعات شهرية للاعداد له المؤتمر المذكور مهم جدا وحساس خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الشمال والجنوب. خطوة نحو ترسيخ الديمقراطية أشاد الطيب أردوغان رئيس الوزراء التركي في كلمته أمام المؤتمر بفكر تنظيم منتدي الدوحة الذي اعتبره خطوة مهمة في ترسيخ الديمقراطية والتنمية علي المستوي العالمي واعتبر أن التخوف من الدين الاسلامي يعد جريمة ضد الانسانية ولا شك أن الديمقراطية كنظام حكم تعد ضمانة لحقوق الإنسان والتعددية واحترام الارادة السياسية وسيادة القانون وكلها أمور مهمة في تحقيق الانجازات المؤدية إلي رفاهية الشعوب ولا يغيب عن أي فطن أن الحراك الاجتماعي في أي مجتمع هو المؤثر الأول في مسألة نشر وترسيخ الديمقراطية حيث إن لكل دولة خصوصيتها التي تحكم حركة المجتمع فيها. الرأي والرأي الآخر وسط هذا الجمع المشارك توفرت أرضية لحوار ثقافي ديمقراطي يرتكز علي الرأي والرأي الآخر وعلي القناعة والقيم المشتركة ولقد كان المنتدي وبحق مثالا حيا علي الدور الذي تضطلع به دولة قطر في اشاعة الديمقراطية وتحقيق التنمية الاقتصادية علي المستوي الدولي وكان من بين المشاركين سيفولين رويال رئيسة الحزب الاشتراكي الفرنسي والمرشحة السابقة للرئاسة الفرنسية في العام الماضي، فلقد تحدثت عن امكانية اعتماد مقاربة ديمقراطية شاملة للتغلب علي مشكلات الفقر وجسر الهوة الضخمة بين الدول الغنية والفقيرة ولابد هنا من ضرورة الاستفادة من العولمة وعدم الانزواء حيث إن العولمة توفر فرصا حقيقية لرفع مشكلات الفقر كما أن التجارة الحرة تساهم في خلق ديناميكية نمو جديدة للدول أما التعليم فلا يمكن أن يزدهر في غياب الديمقراطية كما لا يمكن الحديث عن الديمقراطية والشفافية في ظل تهميش الشعوب وتجاهل مصالحها. العولمة تعزز الديمقراطية وتنبع أهمية المنتدي من كونه شكل محورا لمناقشة التنمية بمعناها الشامل وحذر في الوقت نفسه من الأنماط التنموية غير المعروفة التي لا تحترم خصوصية الشعوب لأن مآلها سيكون الفشل. وحذر في الوقت نفسه من الديمقراطية المفروضة من الخارج وبالتالي عرض للديمقراطية بمعناها الشامل والمتكامل والتي تتضمن المكونات الأخري من عدل وحقوق إنسان ومعرفة وتربية وبدوره شدد سيرجيان كريم رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في المنتدي علي العولمة كمعزز للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة ودعا إلي مواطنة جديدة علي مستوي العالم تجعل الأفراد أكثر فاعلية وتسامي والتزاما ومشاركة في المسئولية. مفاهيم الديمقراطية ورغم وجود سمات مشتركة بين النظم الديمقراطية فليس ثمة نموذج وحيد للديمقراطية كما أن الديمقراطية لا تخص بلدا أو منطقة بعينها والأمر المهم أنها تستوجب ايلاء الاحترام الواجب للسيادة والحق في تقرير المصير والسلامة الاقليمية ويجب الأخذ في الاعتبار بأن الديمقراطية والتنمية واحترام جميع حقوق الإنسان والحريات الاساسية أمور مترابطة ويعزز بعضها بعضا، فالديمقراطية ليست مفهوما سياسيا فحسب وإنما لها أيضا أبعاد اقتصادية واجتماعية ويندرج تحتها احترام جميع حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في التنمية والحكم والادارة ومشاركة المجتمع المدني مشاركة فعلية فضلا عن أنها تشكل جزءا أساسيا من الدعائم اللازمة لتحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة التي يكون الناس محورها. قطر عاصمة الحوار تحول منتدي الدوحة إلي لقاء سنوي يتطلع إليه العالم للتحاور في مختلف المجالات والقضايا العالمية وقضايا المنطقة ولقد شهد منتدي هذا العام تنوي في طرح القضايا واستعراضا للآفاق المستقبلية وبذلك أتاح الفرصة للتعريف بالآخر والبحث عن القواسم المشتركة في الحوار لقد تحولت قطر من خلال هذا الملتقي إلي أن تكون عاصمة عالمية للحوار والمنتديات في جميع الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية لذا يجب أن نثمن جهودها ورؤيتها الثاقبة لاستشراف المستقبل واستقراء الركائز التي يجب توافرها من أجل الدخول إلي عالم المستقبل من خلال الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة. ونجح المنتدي ويحمد لمنتدي الدوحة لهذا العام تركيزه علي الخطوات الحثيثة نحو الديمقراطية والحداثة وارساء قواعد متينة لدولة المؤسسات والقانون في ظل استمرار مسيرة الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولهذا نجح المنتدي في جذب أنظار العالم للقضايا الاساسية التي تحتاجها الشعوب وهي الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان وخلق حوارات فاعلية بين الثقافات والحضارات والأديان.