لعبت الطبقة المتوسطة في مصر منذ قرون عديدة دور "رمانة الميزان" للمجتمع المصري وساهمت خلال تاريخها في تحقيق النهضة الثقافية والابداعية اضافة إلي الاجتماعية والاقتصادية بل تشكلت منها معظم الأحزاب السياسية التي قادت حركة التحرر الوطني في مختلف المراحل السياسية في تاريخ مصر المعاصر إلا أن هذه الطبقة شهدت منذ نهاية الستينيات وخلال السبعينيات تراجعا كبيرا بسبب الحروب المتتالية التي خاضتها مصر بداية من نكسة 67 ونهاية بحرب أكتوبر المجيدة، وقد اختفي دور الطبقة الوسطي من علي الساحة بعد توجيه الدولة لجميع امكانياتها المادية للحرب، رغم أن 35% من الفقراء مع بداية الستينات تحسنت أوضاعهم المادية نتيجة وضع الدولة لجميع امكانياتها لدعم هذه الطبقة. ورغم التحولات الاقتصادية التي مرت بها الطبقة المتوسطة بشرائحها الثلاثة العليا والوسطي والدنيا مع بداية سياسة الانفتاح في السعبينيات في العديد من دول أوروبا الشرقية وعلي رأسها الاتحاد السوفييتي وبريطانيا، استطاعت هذه الطبقة مواكبة هذه التغيرات وتطوير نفسها، وإعادة هيكلتها بما يناسب الوضع الاقتصادي الجديد إلا أن هذه الطبقة في مصر اصيبت بالجمود وعدم القدرة علي التطوير نتيجة تفشي الفساد بداخلها، رغم أنها هي ذاتها التي لعبت دورا كبيرا في ثورة 52 وتقلصت نسبة الأمية بداخلها من 90% قبل الثورة إلي 60% بعدها بانخفاض 30%. وتعرف التقارير والابحاث العلمية الطبقة المتوسطة بالمستوي التعليمي وامكانيات المسكن ومستوي الدخل حيث أن الأسرة التي يصل دخلها إلي 1700 جنيه شهريا تندرج تحت تصنيف الطبقة المتوسطة، بينما الأسر التي يتراوح دخلها ما بين 120 و150 جنيها تعتبر ضمن الطبقة الفقيرة، وخلال السنوات العشر الأخيرة انكمشت الطبقة الوسطي لتتراجع من 19% إلي 16% وأصبح 80% من دخول هذه الطبقات يتم توجيهها إلي الطعام ومتطلبات البيت، وأن 20% يتجه للدروس الخصوصية والمحمول رغم أن مخصصات الطبقة المتوسطة في الدول الأجنبية تبلغ 40%، في حين تؤكد تقارير أخري أن نحو 20% من فئات المجتمع يزيد دخلها علي 48 ألف جنيه سنويا بمعدل نحو 4 اَلاف جنيه في الشهر. وتضيف التقارير أن الشريحة العليا في الطبقة الوسطي استطاعت الاستفادة من التحولات الاقتصادية وبذلك حققت قفزة اقتصادية كبيرة بينما ساعد وضع الشريحة المتوسطة واتجهت الشريحة الدنيا إلي الهجرة والتطرف والانحراف واصبحت غالبيتها تقطن العشوائيات وتمثل قنبلة موقوتة تهدد استقرار المجتمع وتحولت بذلك الطبقة الوسطي خلال نصف قرن من وقود الثورة ودافعة للنمو والتقدم إلي "وقود" للمشكلات والتأخر والتخلف.