في أول تطبيق متكامل لاقتصاد السوق الحر في القطاع الزراعي بعد أن تم اعطاء القطاع الخاص صلاحيات أوسع وأكبر وذلك مع تنفيذ سياسات الاصلاح الاقتصادي وسياسة تحرير السوق اقتصر دور الحكومة في القطاع الزراعي كمراقب منظم للسوق لكن التجربة أثبتت وجود قصور في دور وزارة الزراعة خاصة عند ظهور أزمة البصل وتلتها أزمة البطاطس ثم الأرز حيث تم تصدير معظم الإنتاج من المحاصيل دون الالتفات إلي احتياجات السوق المحلي وهو ما أدي إلي اشتعال الأسعار وأصبح المواطن المصري يصارع هذه الارتفاعات الجنونية بالرغم من محدودية دخله. وقد تزامنت هذه الأزمات مع انطلاق فعاليات المؤتمر السادس لدول حوض البحر الابيض المتوسط والتي تسعي فيه الحكومات لزيادة حجم التبادل التجاري بينها وتحقيق نوع من التكامل الغذائي لشعوب هذه المنطقة لتطرح الأسئلة نفسها والمتمثلة في امكانية زيادة صادرات مصر من المحاصيل في ضوء عدم وجود سياسات واضحة لتنظيم السوق داخليا وعن مصير تلك الاتفاقيات والشراكات الجديدة وحتي لا تكون حبرا علي ورق مثل الكوميسا والتيسير العربي. "الاسبوعي" طرحت تلك التساؤلات علي الخبراء والمتخصصين حيث أكدوا أن الأزمة التي دارت رحاها علي امتداد الأيام السابقة كان السبب الاساسي فيها هو غياب تحقيق التوازن بين احتياجات السوق المحلي والسوق الخارجي وغياب صناعة تصديرية منظمة ومخططة جيدا الأمر الذي يقوض فرص الاستفادة من الاستثمار الواعد في قطاع الزراعة والذي يتمتع بمقومات كبيرة حيث يمثل 17% من الناتج المحلي و20% من إجمالي الصادرات وحوالي 34% من إجمالي القوي العاملة. بداية يري د.محمد سالم مشعل أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة أن القطاع الزراعي يعتبر من القطاعات الرئيسية الداعمة للاقتصاد القومي المصري ورغم تراجع الأهمية النسبية لمساهمة هذا القطاع في الإنتاج القومي إلا أن قيمة الإنتاج الزرعي تزايدت لتصل إلي حوالي 85 مليار جنيه كما أن الدخل الزراعي يمثل حاليا حوالي 62 مليار جنيه وأضاف أن القطاع الزراعي يستوعب حوالي 5310 آلاف مشتغل. وأوضح مشعل أن الصادرات الراعية تمثل أداة واعدة لتنمية الدخل لقومي المصري وقد نجحت علي الرغم من التحديات التي أحاطت بها في تحقيق معدلات متنامية حيث ارتفعت قيمتها لتصل إلي حوالي 8.5 مليار جنيه في عام 2005 وذلك في ظل تطوير الإنتاج الزراعي والتوجه نحو مزيد من تطبيق نظام الزراعة الطبيعية خاصة في الأراضي الجديدة. وأشار إلي أن هيكل الصادرات الزراعية المصرية يتركز في سلة تشمل سلعا تقليدية مثل القطن والأرز والبطاطس والبرتقال والبقوليات والفول السوداني وسلعا غير تقليدية وتشمل النباتات الطبية والعطرية والزهور ونباتات الزينة ونوعيات من الخضر والفاكهة مثل الفراولة والفاصوليا الخضراء والكانتالوب. أضاف سالم أن سوق الاتحاد الأوروبي يأتي في مقدمة الاسواق المستقبلة للصادرات الزراعية المصرية فهو يستوعب نحو 42% من إجمالي الصادرات الزراعية حيث يستقبل نحو 40% من صادرات القطن المصري ونحو 50% من صادرات الخضر والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية والزهور والبطاطس ثم تأتي بعد ذلك الاسواق العربية وتمثل منطقة جاذبة للمصدر المصري وتأتي السعودية في المرتبة الأولي. الزراعات التصديرية وأضاف أن المشكلة في مصر أنه لا توجد زراعة تصديرية إلي الآن بالقدر المطلوب حيث إننا مازلنا نصدر ما يفيض عن حاجة السوق المحلي وهذا تصور خاطيء لأن القطاع الزراعي لديه عجز في كثير من المحاصيل ولن يتحقق الاكتفاء لا عن طريق التوسع في زراعة محاصيل تتمتع فيها مصر بميزة نسبية عند تصديرها ثم استيراد احتياجاتنا من المحاصيل الأخري عن طريق تلك الحصيلة من الصادرت حيث إننا بهذه الطريقة سوف نحقق المنشود. وأضاف أن وجود صناعة تصديرية سوف يساهم في اختراق أسوق العالم بلا حدود وسوف يفتح الابواب أمام مصر للدخول في شراكات قوية مع دول الجوار ومع دول العالم شريطة تحقيق التوازن بين احتياجات السوق المحلي والسوق الخارجي مع ضرورة أن يبقي للدولة دور مراقب في السوق في ظل التحرر الاقتصادي لضبط الأسعار وحماية المواطن المصري حتي لا يتكرر ما حدث مع البصل في الموسم الحالي.