منذ عام واحد كانت شركة "صن ميكروسيستمز" مرشحة للإفلاس، وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن أدميرالا من البحرية الأمريكية زار مكاتب الشركة في وادي السيليكون في بدايات عام 2006 من أجل الاتفاق علي بعض العقود، وبعد أن استمع الأدميرال والوفد المرافق له إلي تقرير عن أوضاع "صن ميكروسيستمز" وحالة سهمها في البورصة ظهرت علي وجوههم حالة من عدم الارتياح وإن كانوا كما يقول ميخائيل ليهمان المدير المالي للشركة قد وقعوا العقود وهم كارهون. واليوم تغيرت الأوضاع كثيرا، فبعد 5 سنوات من الخسائر المتواصلة بدأت "صن ميكروسيستمز" في الربع الأخير من عام 2006 تحقق بعض الأرباح.. وبعد أن كانت إيرادات الشركة ونصيبها من السوق يتراجعان، راحت الشركة تنمو من جديد بل وبدأت تشد الزبائن من الشركات المنافسة.. ويأمل المسئولون عن "صن ميكروسيستمز" أن ينتهي عام 2007 كله بأرباح جيدة تحققها الشركة ليكون ذلك أول عام رابح لها منذ بداية هذا القرن. ومعروف أن "صن ميكروسيستمز" قد صعدت في فورة انتعاش شركات التكنولوجيا والانترنت وانطفأت علي انفجار فقاعة هذه الشركات عام 2000.. وأيا ما كان الأمر فإن قادة "صن ميكروسيستمز" الجدد قد وضعوا لأنفسهم أهدافا طموحا في الأداء.. فأرباح التشغيل حاليا لاتزال أقل من 3% من جملة الإيرادات ولكنهم يريدون زيادتها إلي 10% مع حلول عام 2009. ولاشك أن هذا كله أمر جيد بالنسبة لرئيسها الجديد جوناثان شوارتز الذي خلف سكوت مكنيلي في منصب الرئيس التنفيذي للشركة منذ عام واحد.. ولأن مكنيلي أحد مؤسسي "صن ميكروسيستمز" فقد تم إبقاؤه رئيسا لمجلس الإدارة من دون صلاحيات تنفيذية.. ولايزال الناس في هذه الشركة يرفضون وصف ما حدث من تحول إلي الربح بعد سنوات من الخسائر علي أنه اختراق ويفضلون التريث لبعض الوقت ولكن بنيامين رايتزيس خبير بنك الاستثمار UBS يؤكد أن وضع "صن ميكروسيستمز" يذكره بالصعود السريع الذي سبق أن حققته زيروكس منذ 5 سنوات. كذلك فإن لورا كونيجليارو خبيرة بنك الاستثمار جولدمان ساكس تتوقع أن يكون وصول هامش أرباح التشغيل لميكروسيستمز إلي 10% مجرد نقطة ارتكاز للانطلاق أكثر وليس نهاية المطاف. وهكذا يمكن القول بأن "صن ميكروسيستمز" قد بدأت الانطلاق مرة أخري بين عشية وضحاها.. والأمر المدهش أن هذا الانطلاق لا يعتمد فحسب علي الاستغناء عن العمالة وخفض التكاليف وإنما يعتمد أيضا علي خطة قوية للنمو في صناعة يفترض أنها راكدة.. خادمات الشركات وبرمجياتها التطبيقية تتراجع لأن التراجع في أسعارها أكبر من النمو في مبيعاتها، ولكن جريج بابا دوبولس رئيس قسم التكنولوجيا في "صن ميكروسيستمز" قال إن هناك سوقا موازيا ينمو بسرعة ويضم جهات مثل فيدكس Fedex التي تحتاج إلي كمبيوترات كبيرة لتسيير شاحناتها وطائراتها بكفاءة وكذلك شركات الأدوية وجهات التنبؤ بالطقس والمناخ وشركات الانترنت التي تتعامل مع كميات هائلة من البيانات وغيرها. ويقول بابا دوبولس إن "صن ميكروسيستمز" ستركز علي هذا السوق الموازي وستترك صن الكمبيوترات والبرمجيات التقليدية للشركات المنافسة مثل IBM وهيوليت باكارد وديل وغيرها.. ولكن كيف سيحقق شوارتز هذه الاستراتيجية أو الخطة الطموح؟ تقول مجلة "الإيكونوميست" إنه سيحققها بأن يكون أكثر براجماتية بشأن التحالفات والاتحادات التكنولوجية وذلك بخلاف سلفه مكنيلي الذي صنع خصومات شديدة مع كثير من الشركات المنافسة بدلا من أن يتحالف معها. ففي الماضي لم تكن "صن ميكروسيستمز" تبيع سوي ما تصنعه هي من الشرائح وخلايا الطاقة وأنظمة وبرمجيات التشغيل.. وفي السنوات الأخيرة بدأت صن تنفتح علي الاَخرين وكان ذلك بتوجيه من شوارتز للرئيس التنفيذي السابق مكنيلي فأصبحت تبيع أجهزة كمبيوتر تعمل بمعالجات AMD وأباحت خلايا الطاقة التي تصنعها للاَخرين. والاَن بدأ شوارتز يتوغل علي طريق الانفتاح والتحالف مع الشركات الأخري حيث أعلن في يناير الماضي اتجاهه للتحالف مع شركة انتل وهي شركة عملاقة لصناعة شرائح الكمبيوتر.. ويريد شوارتز من وراء هذا الانفتاح أن يحقق ثلاثة أشياء هي أولا اجتذاب مزيد من الشركات لتكون زبائن لصن ميكروسيستمز بأن يترك لها استخدام برمجيات سولاريز علي إطارات من صنع IBM وهيوليت باكارد وديل.. وثانيا ترويج إطارات سولاريز لتعمل علي برمجيات من صنع الشركات الأخري.. وثالثا اجتذاب شركات السوق الموازي لشراء منتجات صن القوية دون الخوف من اقتصار تشغيلها علي ما تصنعه صن وحدها. والأمر الذي لاشك فيه أن هذه الخطة لها مخاطرها ولكن ما قد يدعو إلي الاطمئنان أنها بدأت تؤتي ثمارها مبكرا وهذا يشير إلي أن احتمالات النجاح فيها أكبر من احتمالات الفشل.